تعدّدت الأسئلة بشأن عمل منصة بلومبيرغ، لكن المهم هو: ما هي اهدافها؟ وهل تُبقي الاستقرار النقدي القائم حالياً موجوداً؟ هل سيكون التعامل عبرها سهلاً؟.
تتحدث المعلومات عن ان اللجوء الى تلك المنصة لم يكن ترفاً، بل نتيجة رؤية مصرف لبنان المركزي الهادفة الى تحقيق شفافية تمنع دخول لبنان في مساحة اللوائح الدوليّة السوداء. واذا كان حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري باشر منذ استلامه تطبيق مبدأ الشفافية فعلاً، وعمد الى فرض معرفة مصدر الدولار الذي يتم الحصول عليه، اضافة الى مساره وهويات المتعاملين فيه، بما يمنع العبث في السوق السوداء، فإنّ المنصة تشكّل تأكيداً على كشف تلك العمليات المالية لشراء وبيع الدولار. كيف ذلك؟.
سيتم العرض والطلب على شاشة موجودة لدى المصارف والشركات المالية المرخصة التي يحق لها استخدام المنصة، ليحلّ العرض والطلب معروف المصدر والغاية من شراء او بيع الدولار. وفي حال تمّ الطلب من دون عرض، بما يؤثر على سعر الليرة اللبنانية، فإن مصادر مصرف لبنان تؤكد “التدخل بالوسائل التقليدية للحفاظ على الاستقرار النقدي”، وهي مسألة تشكّل اولوية للحاكم بالإنابة الذي نجح منذ استلامه بفرض ثبات سعر الصرف من دون أيّ اكلاف او خسائر.
ان تلك الاجراءات التي فرضها منصوري منذ تسلّمه الحاكمية بالإنابة، نجحت في ضبط الاستقرار النقدي، رغم ان محلّلين وباحثين اقتصاديين وماليين كانوا يتوقعون الاّ يصمد الاستقرار اسبوعين، والاّ قدرة لمنصوري على تأمين احتياجات بالدولار من دون تكلفة، لكنه استطاع اجتياز كل المراحل في ظلّ ازمات سيّاسية وامنيّة ودبلوماسيّة مفتوحة يواجهها لبنان منذ شهر اب الماضي.
لا يعني ذلك ان حاكم المصرف المركزي بالإنابة يملك عصا سحرية، ولا هو قادر وحده على فرض استمرار الانضباط النقدي، لأنّ نفسه حذّر في اطلالتين: الاصلاحات هي المدخل للحل. فهل تُقر الاصلاحات المطلوبة؟!.
توحي كل المعطيات السياسية انّ الحلول مؤجّلة، بشكل دعا دبلوماسيين دوليين معنيين بلبنان الى القول في مجالسهم: السياسيون في لبنان لا يريدون حلاً لأزماتهم.
ومن هنا يمكن الجزم ان صمود المركزي قائم في تكتيك يتّبعه منصوري، وتشكّل منصة بلومبيرغ جزءاً منه، لكن اطلاق عملها خاضع لانهاء الجهوزية اللوجستية للمصارف والشركات والمصرف المركزي، من دون تحديد موعد زمني، غير انها والاجراءات الاخرى جنّبت لبنان دخولاً في مجهول يقوده الى الخروج من الدورة المالية الدولية.
لكن اصوات المودعين ترتفع للحصول على ايداعاتهم، وقد حصل اجتماع في الساعات الماضية بين منصوري وجمعيات المودعين لاستيضاح الخطوات، فكان اللقاء ايجابياً انطلاقاً من قرار الحاكم بالإنابة بعدم المسّ بالودائع، خصوصاً انّ التعاميم التي يعترض عليها المودعون والتي تسحق ايداعاتهم، كتعميم ١٥١ الذي يحّدد دولار السحب بـ١٥ الف ليرة بحسب مضمون موازنة ٢٠٢٢، ينتظر موازنة عام ٢٠٢٣ التي تقرّ بتحرير السعر بحسب السوق.
وكما حال البلد، ينتظر المسار المالي تشريعات تشكّل مدخلاً لاعادة الانتظام المالي، لأن اجراءات المركزي لا تستطيع تغيير واقع الحال وحدها، على قاعدة انّ الموجودات لا تؤمّن حقوق المودعين وليست هي متاحة لتمويل الدولة. ممّا يعني انّ الكرة في الملعب السياسي. فمتى تحلّ الاصلاحات؟ لا احد يملك جواباً.