في المشهد المضطرب للقطاع المالي في لبنان، يلوح في الأفق شبح مؤلم: ظاهرة البنوك الميتة الحية أو البنوك الزومبي.
وهذه المؤسسات المالية، التي كانت ذات يوم ركائز الاستقرار، تترنح الآن تحت وطأة الديون المعوقة، والفساد، وسوء الإدارة. وبينما يتصارع لبنان مع أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فإن فهم الآثار المترتبة على هذه الكيانات غير الميتة أمر بالغ الأهمية.
صعود الزومبي
يعاني القطاع المصرفي في لبنان، الذي كان يُنظر إليه في السابق على أنه جوهرة التاج للاقتصاد، من مشاكل نظامية منذ سنوات. وقد أدى التدخل السياسي، والفساد المستشري، والافتقار إلى التنظيم إلى خلق بيئة مناسبة للاستغلال. وانخرطت البنوك في ممارسات محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي أدى إلى نشوء الفقاعة التي انفجرت في نهاية المطاف، وتركتها في حالة من الوجود اللاميت.
أعراض النهاية
أعراض بنك الزومبي متعددة ومشؤومة. وتعمل هذه المؤسسات على أجهزة دعم الحياة، مدعومة بممارسات محاسبية مشكوك فيها وحقن السيولة. إنهم ينزفون الأموال، لكنهم يواصلون العمل، مما يصيب النظام المالي بعدم الاستقرار. ويواجه المودعون الواقع الكئيب المتمثل في عمليات السحب المقيدة واختفاء المدخرات، في حين يعاني الاقتصاد الأوسع من الركود.
التكلفة البشرية
خلف الحسابات الباردة للأرقام تكمن مأساة إنسانية ذات أبعاد أسطورية. المواطنون اللبنانيون العاديون، الذين عهدوا بمدخراتهم إلى هذه المؤسسات، يواجهون الآن الخراب المالي. ويتردد صدى انهيار بنوك الزومبي في كل طبقات المجتمع، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والبطالة والاضطرابات الاجتماعية. تتحطم الأحلام، وتتحطم العقود المستقبلية، ويتفكك نسيج المجتمع تحت وطأة اليأس الاقتصادي.
تشريح الموتى
إن كشف لغز البنوك الزومبي في لبنان يكشف عن تشريح مروع للفساد والجشع. وتتفشى المحسوبية، حيث تعمل النخب السياسية على إثراء نفسها على حساب الشعب. إن الرقابة التنظيمية، في حال وجودها، تصبح عديمة الفعالية، الأمر الذي يسمح للمخالفات المالية بالازدهار دون رادع. إن الطبيعة غير الميتة لهذه المؤسسات تتحدى العلاجات التقليدية، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات جريئة وحاسمة لتطهير النظام من الفساد.
دعوة للحرب
المعركة ضد بنوك لبنان الميتة الحية ليست لضعاف القلوب. فهي تتطلب عزيمة لا تتزعزع، وشجاعة سياسية، وتعاوناً دولياً. ويجب أن تكون الإصلاحات سريعة وشاملة، بحيث تستأصل الفساد، وتستعيد الثقة، وتعيد بناء الثقة في النظام المالي. ولا بد أن تصبح الشفافية والمساءلة شعارين لعصر جديد من الحكم، حيث تكون لمصالح الشعب الاولوية على مصالح القلة القوية. وها هم بعض من المودعين قد فتحوا حرب دعوى جماعية في اميركا ضد مصرف لبنان والمصارف واصحابها ورياض سلامة ومدققي الحسابات الذين تستروا على هذه الجرائم
بصيص من الأمل
ومن وسط الظلام يظهر بصيص من الأمل. المجتمع المدني اللبناني، الصامد والعازم، يرفض الاستسلام لليأس. يتحد الناشطون والصحفايون والمواطنون العاديون في المطالبة بالعدالة والمساءلة والإصلاح. إن الشركاء الدوليين، الذين يدركون خطورة الوضع، يقدمون الدعم والتضامن في مكافحة الفساد والإفلات من العقاب.
نحو مستقبل أكثر إشراقاً
إن الطريق أمام لبنان محفوف بالتحديات، لكنه لا يخلو من الأمل. ومن خلال مواجهة خطر البنوك الزومبي بشكل مباشر، يمكن للأمة أن ترسم طريقاً نحو التعافي الاقتصادي والتجديد. ومن خلال العمل الجماعي والعزم الذي لا يتزعزع، يستطيع لبنان أن ينهض من رماد ماضيه، ليصنع مستقبلاً تسود فيه العدالة والرخاء والكرامة. قد تكون المعركة ضد الزومبي طويلة وشاقة، لكن المخاطر لا يمكن أن تكون أكبر. وفي النضال من أجل روح لبنان، لا مجال للتسوية.
المسؤولية الكبرى تقع على مصرف لبنان الذي كان الأداة في بداية هذه الأزمة حيث استحوذ على 90% من ودائع الناس، عليه المسؤولية اليوم أن يبادر إلى اعادة هيكلة النظام المالي كله ونحن لا نريد مجابهته بل نعرض خدماتنا له مجاناً مع حفنة من المستشارين الماليين والاقتصاديين الشرفاء، لأن همنا هو بلدنا ومستقبل اولادنا.