بودياب: الاستمرار في الاستقرار النقدي ما دامت الكتلة النقدية بالليرة مضبوطة

منذ بدء الأزمة الاقتصادية والمالية وانهيار سعر صرف الليرة تراجعت قيمة الرواتب بالليرة اللبنانية بشكل كبير جداً بحيث فقد الموظفون في القطاع العام أكثر من ٩٠٪؜ من قيمة رواتبهم، ولذلك عمد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الى تأمين هذه الرواتب بالدولار على سعر منصة صيرفة.

في السابق كان الفرق في سعر صرف الدولار بين منصة صيرفة والسوق السوداء كبير جداً وصل إلى ٤٠ ألف ليرة في بعض الأوقات وكان الموظفون يستفيدون من هذا الفرق بشكل كبير، لكن بعد تقلص الفارق بين المنصة والسوق أصبحت هذه الاستفادة ضئيلة جداً، لكن بالرغم من ذلك يعيش الموظفون مع اقتراب نهاية كل شهر هاجس الخوف من صرف رواتبهم بالليرة اللبنانية حتى بعد أن أصبح الفرق في سعر الصرف بين المنصة والسوق سوداء لا يتجاوز ال ٥٠٠٠ ليرة .

وتشير المعلومات إلى أن المجلس المركزي في مصرف لبنان الذي اجتمع برئاسة حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري اتفق على استمرار البنك المركزي في دفع رواتب موظفي القطاع العام بالدولار الاميركي على سعر منصة صيرفة ٨٥،٥٠٠ ليرة أقله للشهرين المقبلين.

كما هناك معلومات أن بعض أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان ومنهم مدير عام وزارة الاقتصاد ومدير عام وزارة المال بالإنابة وأحد نواب الحاكم طرحوا مؤخراً دفع رواتب القطاع العام بالليرة اللبنانية وليس بالدولار لأن الفرق بين سعر صيرفة وسعر السوق ليس كبيراً، إلا أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري أصرّ على إعطاء رواتب القطاع العام على سعر منصة صيرفة بالدولار.

في السياق أكد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي الدكتور أنيس أبو دياب في حديث للديار أن المجلس المركزي في مصرف لبنان وافق على دفع رواتب موظفي القطاع العام لشهري أيلول وتشرين الأول بالدولار على سعر صرف ٨٥،٥٠٠ ليرة لبنانية، كاشفاً عن أنه كان هناك أصوات معارضة داخل المجلس من أحد نواب الحاكم ومن آخرين الذين طالبوا بدفع الرواتب بالليرة اللبنانية سيما أن الفرق في سعر الصرف لا يتجاوز ال ٥٠٠٠ ليرة .

ووفق معلومات أبو دياب أصر منصوري وبعض النواب على أن هذا الفرق في سعر الصرف وإن كان متواضعاً من الممكن أن يحقق بعض الاستقرار في مكان ما لدى العاملين في القطاع العام، إضافةً إلى تحقيق بعض الاستقرار في السوق لأنه عندما تُدفع الرواتب بالدولار سينخفض الطلب على الدولار، سيما أن المصرف المركزي يقوم بشراء الدولار بشكل سهل وبطريقة لا تؤدي إلى ضغط على سعر الصرف، إذ انه عندما يرى الوقت مناسباً يستطيع أن يشتري الدولار.

وأشار أبو دياب إلى أن مصرف لبنان قام بشراء الدولارات التي تغطي رواتب موظفي القطاع العام للشهر الحالي والشهر المقبل كما أمن كل حاجيات الدولة إلى آواخر العام الحالي باستثناء الكهرباء .

وتوقع أبو دياب إذا لم تحصل تدخلات عن طريق المضاربة وغيرها أن نشهد استقراراً في سعر صرف الدولار، ما دامت الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية مضبوطة وهي تبلغ حالياً حوالى ٦٠ تريليون وما دام مصرف لبنان لا يقدم على طباعة الليرة من أجل تمويل العجز، لأن إيردات الدولة الناتجة من الرسوم الجمركية بعد تصحيحها على سعر صرف ٨٥،٥٠٠ ليرة تساهم في تأمين كافة نفقاتها .

وإذ أشار أبو دياب الى أنه بالرغم من تراجع ضخ الدولار في السوق بسبب تراجع الحركة السياحية في أواخر أيلول، لفت إلى أنه ما زال هناك ضخ للدولار من السياح الذين ما زالوا يتوافدون إلى لبنان لكن بشكل أقل من شهري الذروة أي تموز وآب .

وأكد أبو دياب أن دفع الرواتب بالدولار يساهم في استقرار سعر صرف الدولار، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يقوم بتأمين الدولارات من السوق بشكل سهل وسلس دون أن يؤدي ذلك إلى ضغط على الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية من خلال زيادة الطلب على الدولار وكذلك دون أن يمس بالاحتياطي الإلزامي والودائع .

وتوقع أبو دياب أن يؤدي عدم دفع الرواتب بالدولار إلى زيادة الطلب على الدولار بسبب حجم رواتب موظفي القطاع العام التي تبلغ حوالى ٧ تريليون ليرة لبنانية والتي يمكن أن تتحول إلى طلب على الدولار خلال يومين أو ثلاثة بينما المصرف المركزي يحاول أن يؤمن الطلب على هذه الأموال خلال شهر كامل.

ورداً على سؤال إلى متى سيتمكن مصرف لبنان من الاستمرار في دفع الرواتب بالدولار توقع أبو دياب أن يستمر إلى أواخر العام الحالي ومن الصعب أن يستمر أكثر من ذلك لأن ليس لديه الإمكانات في ظل شح الدولار وخصوصاً إذا لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي .

 

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةالممر الاقتصادي الجديد من الهند إلى أوروبا عبر مرفأ حيفا الإسرائيلي يهدد الدور المحوري لمرفأ بيروت في المتوسط
المقالة القادمة“المنظومة” تتستّر بالودائع زوراً تهرّباً من إصلاحات صندوق النقد