لا تزال عملية شدّ الحبال مستمرة بين الحكومة وموظفي الإدارة العامة بغية التوصّل الى حلّ لفك الإضراب العام الذي دخل شهره الثاني، ويكاد الحبل أن ينقطع لشدّة التأزّم والوصول الى طريق مسدود ووقف نزف الخسائر اليومية لإيرادات الدولة نتيجة شلّ مؤسسات الدولة والتي تبلغ 12 مليار ليرة لبنانية يومياً.
فرابطة موظفي الإدارة العامة لم ترضَ بقرارات اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام، والتي رفعت قيمة التنقلات لليوم الواحد للموظفين العامين الى 95 ألف ليرة، وراتبين بدل راتب على أن يحضروا يومين أسبوعياً اي 8 ايام شهرياً وبذلك يبقون 22 يوماً في المنزل.
في ظلّ تلك المعمعة، وحول الحلول الممكن طرحها أكّد وزير العمل مصطفى بيرم لـ”نداء الوطن”، والذي حمل مطالبهم الى اللجنة ويقف الى جانبهم كون وزارته هي القيّمة على شؤون الموظفين، أن “الدولة لا تملك واردات والحلّ الذي توصّلوا اليه بالقدوم الى العمل يومين هو جيّد في وضعنا الراهن”. وسأل: “من اين سنأتي بالواردات اذا ظلوا في منازلهم، هل بطبع المال وتحمّل تداعيات تلك الخطوة التضخمية وارتفاع سعر صرف الدولار؟ فهم من خلال طبع المال، سيحصلون على الأموال بيد وتخرج بيد أخرى جرّاء ارتفاع الأسعار…”.
أضاف: “طلبنا منهم الترّوي قليلاً لحين إقرار الموازنة لتحسين وضعهم، لم يقبلوا”، معتبراً أن “المسألة خرجت عن المقبول، تجاوزوا الحدود ولا يمكن شلّ القطاع العام وفق تلك الطريقة، علماً ان الإضراب سيؤثّر على رواتبهم التي ستتأخر إجراءات إنجازها بغية الحصول عليها في بداية الشهر”.
وحول إمكانية تسديد مبلغ الـ95 ألف ليرة كبدل نقل علماً ان إقرار زيادة بدل نقل الـ64 ألف ليرة لم يتقاضوها، قال بيرم انه “سيتم إقرار تلك الزيادة بمرسوم إستثنائي”. أما عن عدم التواصل مع رابطة موظفي الإدارة العامة، فأشار الى أنه “رغم انحيازه الى الموظفين والإعتراف بمطالبهم المحقّة، لكنهم يبالغون بعدم القبول بالقدوم يومين الى العمل، وسيسمعون صوت تحمّل المسؤولية، اذ لا يمكن الإستمرار في تعطيل مصالح الناس وتدمير البلد، سبق أن دعوتهم مرات عدة الى مكتبي، ولكن لا مرونة في التواصل معهم”. وبالنسبة الى عدم الطلب منهم المشاركة في اجتماعات اللجنة الوزارية، سأل “بأي صفة سندعو رابطة الموظفين التي انتهت ولايتها للتفاوض معها؟”.
وبذلك يكون وزير العمل وصل الى طريق مسدود في التعاطي مع الموظفين لتلبية مطالبهم، في ظلّ تراجع الإيرادات بسبب الإضراب وعدم إقرار الموازنة العامة… ما يعني أن على الحكومة ايجاد الصيغة الملائمة لحلّ تلك المعضلة.
بدورها أكّدت رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لـ”نداء الوطن” عدم رضاهم على القرارات المتخذة باعتبار أن “اللجنة لم تقرّ الحدّ الأدنى المقبول لنشل موظف الإدارة العامة”، لافتة الى أنهم “مصرّون أكثر من أي وقت مضى على الإستمرار في الإضراب العام للأسباب التالية: أولاً لم يحددوا حدّاً أدنى للراتب وحدّاً أقصى، ثانياً لم يلبوا مطلبنا بسحب الراتب وفق سعر الدولار المصرفي أي بقيمة 8000 ليرة للدولار، ولم يتطرقوا الى سيرة الطبابة والإستشفاء، ووفق سعر الدولار المصرفي اذا زاد يزيد الراتب واذا انخفض ينخفض الراتب، وثالثاً لم يضموا المساعدة الإجتماعية والتي تساوي الراتب كما أوحوا للبعض، الى الراتب، وبالتالي لن ترتفع قيمة تعويضات الصرف”.
إذاً، تعدّدت وجهات النظر والأسباب التي تحول دون حلّ مشكلة الإضراب العام والتوصّل الى “فكّه”، وتسيير شؤون البلد لكن النتيجة تبقى واحدة، الموظفون العامون لن يتنازلوا علماً أن موظفي وزارتَي العمل والصناعة لا يزالون خارج دائرة الإضراب بل يتناوبون على الحضور تلبية لشؤون العمال والصناعيين.