يعاني المودعون من ضغوط كبيرة تمارَس عليهم من قبل المصارف. فالأخيرة تستبيح أموال المودعين وتتصرف بودائعهم كما يحلو لها بلا حسيب او رقيب. تُفرج عن بعض الفتات حيناً، وتقتطع من الحسابات المحتجزة لديها أحياناً، تحت عناوين غير واقعية. وأكثر من ذلك، تبتدع بعض المصارف أساليب جديدة لسداد جزء من الودائع، بعد فرض هيركات عليها. وذلك تحت ذريعة “تيسير أمور المودع”!
وليس حال المودعين المستفيدين من التعميم 166 بأفضل من أولئك غير المستفيدين من التعميم المذكور. فالمصارف تنقسم بين متعاون ومطبق للتعميم، ومتمنّع عن تطبيقه. وفي الحالتين، يعجز المودعون عن تأمين معيشتهم من أموالهم المحتجزة. فالـ150 دولاراً المُتاحة بموجب التعميم 166 لا تسد حاجة عائلة صغيرة على مدار 3 أيام.
التعميم 166
باشرت بعض المصارف بتطبيق التعميم 166، منها بنك بيبلوس وبنك عودة وبنك لبنان والمهجر وبنك ميد. وبدأت بسداد المبالغ المستحقة للمستفيدين من التعميم، أي 150 دولاراً شهرياً. كما تستمر بتلقي الطلبات. علماً أنها قامت بسداد الأموال لأول مجموعة من المودعين الذين تم التأكيد على ملاءمتهم الشروط من قبل مصرف لبنان.
وعلى الرغم من ضآلة المبلغ، غير أنه قد يشكّل لاحقاً الأرضية للبناء عليها. فمسألة سداد جزء من الودائع بالدولار نقداً، مهما بلغت المبالغ، إنما يشكّل اعترافاً بأحقية حصول المودعين على ودائعهم بالعملة نفسها التي أودعت بها، أي الدولار “الفريش” وليس بالليرة.
بعض المصارف باشرت قبول طلبات الموعين الراغبين بالاستفادة من التعميم 166، من دون البدء بعملية السداد، منها بنك بيروت، الذي بدأ باستقبال الطلبات منذ قرابة الشهر، وبتحويل المبالغ المستحقة إلى حساب جانبي للمودع. إلا أنه حتى اللحظة يُمنع على المودعين سحبها بانتظار الاستحصال على موافقة مصرف لبنان وتأكيد توفر الشروط لكل مودع.
مصارف أخرى لا تزال تماطل حتى اللحظة بتطبيق التعميم 166، وتحاول عرقلة تطبيقه أمام أعين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، ومنها IBL وBLC وسواهما.
آلاف الطلبات
وحسب المعلومات، فإن عدد الطلبات التي تلقاها مصرف لبنان من المصارف التي بدأت تطبيق التعميم، تقارب 80 ألف طلب. وقد تمت الموافقة من قبل البنك المركزي على ما يقارب 25 في المئة منها، تزامناً مع درس باقي الطلبات.
وترفض كافة المصارف قبول طلبات غير المقيمين في لبنان، فيما لو كان التوقيع على الطلب إلكترونياً. وتصر المصارف على حضور المغترب شخصياً للتوقيع والحصول على 150 دولاراً شهرياً. الأمر الذي يطيح بحق الآلاف من الاستفادة من التعميم.
بالمحصلة، يتمنّع العديد من المصارف عن تنفيذ التعميم 166 من دون رادع من مصرف لبنان أو لجنة الرقابة. ولا يقتصر تمرّد المصارف على التعميم 166. فهي تتلكأ أيضاً بتطبيق التعميم 682 الذي يسمح لأصحاب الحسابات التي تم إقفالها أو نقلها من مصرف إلى آخر بعد تشرين الأول 2019، بالاستفادة من أحكام التعميم الرقم 158 وتقاضي 300 دولار شهرياً من ودائعهم.
وعلى الرغم من صدور التعميم 682 منذ أشهر، إلا أن غالبية المصارف لم تطبقه بعد، وسط تجاهل مصرف لبنان مخالفة المصارف.
والجدير ذكره هو أن مدة تنفيذ التعميم 166 سنتان و5 أشهر فقط، أي لغاية حزيران من العام 2026. وبذلك يمكن للمودع سحب 4350 دولاراً فقط بمعدّل 150 دولاراً شهرياً. فمصرف لبنان ربط التعميم 166 بشكل غير مباشر بتوقيت انتهاء مدة التعميم 158، باعتبار أن الخمس سنوات تنتهي في حزيران 2026. اذ بدأ في حزيران 2021.
وتكمن الأزمة الأساسية حالياً في تحديد سعر صرف السحوبات من المصارف من خارج التعاميم. فغالبية المودعين يضطرون لسحب الأموال من حساباتهم لتأمين معيشتهم، على الرغم من اقتطاع أكثر من 80 في المئة من قيمتها، وتسعير الدولار المصرفي عند 15000 ليرة فقط.
وبالنظر إلى توقف العمل بسعر الـ15000 ليرة للدولار في كافة تعاملات الدولة، في مقابل اعتماد سعر 89500 ليرة كسعر رسمي، توقفت العديد من المصارف عن صرف الأموال بموجب سعر 15000 ليرة. لكنها التفّت عليه من خلال إلزام المودعين على توقيع مستند يتيح للمصرف سداد جزء من الوديعة على السعر المنخفض، أي 15000 ليرة.
مصارف أخرى اعتمدت تعليق العمل بالدولار المصرفي وفق سعر 15000 ليرة، في مقابل سداد 10 في المئة من الوديعة فريش وإغلاق حساب المودع كلّياً. وبذلك تقوم المصارف بفرض هيركات من دون أي مسوغ قانوني ومن دون رادع من الأجهزة الرقابية