تأخر المراسيم التطبيقية لقانون التقاعد والحماية الإجتماعية

تصل نسبة كبار السن الذين يتخطّى عمرهم الـ64 عاماً إلى 19،5 في المئة من اللبنانيين وعددهم نحو 780 الفاً، لأن معظم اللبنانيين وتحديداً الشباب يغادر البلاد بحثاً عن غد أفضل. وإجمالي عدد المستفيدين من التقديمات الإجتماعية في الضمان الإجتماعي يبلغ نحو 1,206 مليون مستفيد مقابل 598747 مضموناً مسجّلاً بالضمان. أما عدد كبار السنّ من هؤلاء فيبلغ كما أوضح مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي لـ»نداء الوطن» فنحو 120 ألف شخص مسجلين في الضمان الصحّي.

فكبار السنّ الذين هم على عاتق أولادهم ويستفيدون من الضمان الإجتماعي، يبلغ عددهم فقط لغاية نهاية شهر أيار نحو 69385 متقاعداً مضموناً.

وبذلك نستشفّ من الأرقام المذكورة آنفاً والمحدّثة في نهاية شهر أيار 2024، أن عددهم لا يستهان به ويحتاجون الى عناية في آخر أيام حياتهم ومعاشاً تقاعدياً، وبحسب كركي فإن استفادة هؤلاء من الضمان الصحّي لوحده لا يكفي، فكبير السنّ يحتاج فضلاً عن الضمان الصحي الى مسكن لائق له علماً أن دورالرعاية تلعب دوراً في العناية بهم.

معاش مدى الحياة

من هنا يبرز إستناداً الى كركي عامل الإستقرار الأساسي في أن يتقاضى كبير السن معاشاً تقاعدياً مدى الحياة، لذلك يتمّ التركيز على موضوع التقاعد والحماية الإجتماعية، من خلال القانون رقم 319 الصادر منذ نحو 6 اشهر والمنشور بتاريخ 28/12/2023 والقاضي بإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية.

ولكن هذا القانون لم تصدر مراسيمه التطبيقية بعد، فكان يجدر إستناداً الى كركي «صدور المرسوم منذ بداية السنة لتحديد كيفية توزيع الأعضاء الأربعة الممثلين للهيئات الإقتصادية وكيفية توزيعهم بين الصناعيين والتجار والعاملين في الزراعة والمهن الطبية والمصرفية والأفران… الذين يمثلهم 4 في مجلس الإدارة الحديث المكوّن من 10 اشخاص وكان من المفترض خلال 3 أشهر أن يصدر هذا المرسوم لنستطيع خلال 6 اشهر من إصدار القانون تشكيل مجلس إدارة جديد. ولغاية اليوم لم يصدر المرسوم ولم يدخل قانون التقاعد والحماية الإجتماعية حيّز التطبيق.

أما مرسوم تشكيل مجلس الإدارة الجديد فتأخر بدوره وكان يجدر أن يصدر في حزيران. وبالتالي تأخّرت قليلاً المواعيد التطبيقية للقانون الذي يحمي المتقاعدين. لذلك كلما تأخّر تطبيق قانون تزيد المعاناة اكثر. اذ يتقاضون تعويضات متدنية تبلغ نحو 300 أو 400 مليون ليرة أي ما يعادل 4 أو 5 آلاف دولار، ما يحول دون تأمين نهاية هنيئة للمتقاعدين في لبنان».

فالهدف من الجهود التي تقوم بها وزارة الشؤون الإجتماعية والجمعيات ووزارة الصحة العامة اضافة الى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، توفير معاش تقاعدي مدى الحياة.

لذلك يرى كركي أنه «يجب شنّ حملة كبيرة على صعيد الوطن للاسراع في إصدار كل المراسيم التطبيقية للقانون، فإنتظار البلورة السياسية في البلاد يؤخّر تطبيق هذا الموضوع. وكلما تأخر إقرار المراسيم التطبيقية كلما خسر المضمونون أموالهم اذ يقدمون على سحب تعويضاتهم من الضمان علماً أن من يسحب تعويضه بلغ سنّ التقاعد».

ولتسليط الضوء على أهمية تطبيق قانون نظام التقاعد والحماية الإجتماعية، أقيمت ورشة تحت عنوان «كبار السن في لبنان، عمر الراحة والأمان أو عمر الأزمات والنسيان»، بتنظيم من مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية بالشراكة مع مؤسسة «هانس زايدل الألمانية».

فتمّ التعبير عن حقيقة الوضع لأنّ الضمان الصحّي لا يكفي بمفرده لتوفير الحماية للمتقاعد أو كبير السن. فالتقاعد يجب أن يكون عمر الراحة والأمان من خلال الضمان الصحي مدى الحياة الذي أقره الضمان الإجتماعي في العام 2017 وبدأ بتطبيقه. فهناك 42600 مواطن يستفيدون منه لغاية نهاية أيار، فضلاً عن مشروع التقاعد والحماية الإجتماعية الذي سيشمل كل اللبنانيين أكانوا في داخل البلاد أو خارجها. الكل يستطيع الإستفادة من هذا النظام لتأمين الإستقرار اللازم لكبار السنّ في لبنان.

الطبّ الملطّف

توازياً، يعتمد الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي على الطبّ الملطّف Specialisation en medicine palliative وهو اختصاص جديد بعد تحسين الصندوق ايراداته. اذ يهدف هذا الإختصاص الى الإهتمام بكل مريض يعاني من مرض مزمن خطير (مرض السرطان، تليّف الرئة كسل في عضلة القلب، مشاكل الجهاز العصبي…) ما يؤثر على نوعية حياته وحياة عائلته، فتؤمّن له عناية تلطيفية داخل وخارج المستشفيات من قبل فريق طبي مؤلف من طبيب متخصص بالعناية التلطيفية، وممرضة ومعالج نفسي وعامل اجتماعي وصيدلي…

ضمانتان للمعاش التقاعدي

في ضوء ذلك، لا بدّ من التذكير أن نظام التقاعد والحماية الإجتماعية يضمن ألاّ يقلّ المعاش التقاعدي عن أفضل إحدى الضمانتین:

الضمانة الأولى، للمضمون الذي اشترك لمدة خمس عشرة (15) سنة كاملة، نسبة (55%) من الحد الأدنى الرسمي للأجور، المُعتمد بتاريخ التقاعد، وتُزاد هذه النسبة ( 1.75%) عن كل سنة إشتراك إضافية، لتبلُغ في حدِّها الأقصى (80%) من الحد الأدنى الرسمي للأجور، المعتمد في تاريخ التقاعد، من ذلك الحد، للمضمون الذي اشترك مدة 30 سنة كاملة في النظام.

الضمانة الثانية، هي عبارة عن نسبة (1.33%) من متوسط أجور المشترك المصرّح عنها طیلة فترة إشتراكه في هذا النظام والمُعاد تقييمها حتى تاريخ التقاعد، وذلك عن كل سنة إشتراك للمضمون. كما يجري اعادة تقييم وفهرسة (indexation) اجور المشترك وفقاً للزيادة في مؤشر متوسط أجور المشتركین المصرح عنها للصندوق، وبذلك من المفترض أن لا يقل المعاش التقاعدي لمن شارك في النظام لمدة 40 سنة مثلا عن (53%) من متوسط رواتبه المصرّح عنها للضمان ولمن قضى 30 سنة مثلاً لا يجب ان يقلّ معاشه التقاعدي عن حوالى (40%) من متوسط رواتبه المصرح عنها للضمان.

رغم كل المحاولات والجهود التي تبذل في الأزمات لتوفير التغطية الصحية والإستشفائية وضمان معاش تقاعدي لائق يؤمن حياة كريمة للمضمون، يبقى المتقاعدون والمسنّون تحديداً الذين تجاوزوا الـ64 عاماً، الأكثر تضرّراً من الأزمة المالية التي تراوح مكانها في لبنان. هم الذين فقدوا بداية أي رعاية صحيّة واستشفائية في السنوات الأربع الأولى من الأزمة بعد انهيار العملة الوطنية وتقلّص تقديمات الضمان الى 90% والتغطيات التأمينية، إلا إذا كان أبناؤهم في بلدان الإغتراب، وفقدوا مدّخراتهم في المصارف وتعويضاتهم التي تقاضوها من الضمان الإجتماعي وكل رعاية صحية. ألم يحن الوقت أقلّه توازياً مع رفع الضمان تغطيته الصحيّة السير بقانون التقاعد والحماية الإجتماعية؟

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقة3 اقتراحات للاستيلاء على أصول الدولة: نقل إيرادات عامة إلى صندوق «توزيع الخسائر»
المقالة القادمةكهرباء لبنان تبلّغت بدء “المالية” تسديد فواتير استهلاك التيار الكهربائي للقطاع العام