«تاتش»: النهب متواصل بعد الإفلاس

عام 2017، أيام الوزير جمال الجراح، وقّعت شركتا «تاتش» و«ألفا» عقداً مع شركة «باورتيك» لتطوير المحطات وصيانتها (صيانة البطاريات وتركيب أنظمة طاقة بديلة، وتزويد مولدات المحطات بالمازوت)… في «تاتش» لم يطبق من العقد سوى التطوير والصيانة، علماً بأنه في هذا الشقّ تواجه «باورتيك» شكاوى عدّة لجهة إنجاز الأعمال. رغم ذلك، سُجّلت ضغوط من وزراء الاتصالات المتعاقبين لغاية اليوم، لتعديل بنود العقود، وتفعيل كل ما لم يطبّق منها، ولا سيما قيام الشركة بتشغيل التجهيزات الجديدة وتوريد المازوت لمولدات المحطات. الشركة طالبت بتقاضي 30% من قيمة عقدها بالدولار النقدي، وزيادة هذه النسبة في حال ارتفاع أسعار المازوت وباقي التجهيزات. وبالتزامن، روّج الفريق التقني في «تاتش» أن تفعيل العقد سيخفّض أكلاف المازوت التي تستحوذ على 64% من إيرادات الشركة. ما فات هذا الفريق هو أن أكلاف المازوت في «ألفا» لطالما كانت أقلّ بنسبة 50% عما هي عليه في «تاتش»، وتكفي العودة إلى دراسات حول مصاريف الشركتين عن الفترة الممتدة من 2010 إلى 2018، والتي عرضت في لجنة الاتصالات والإعلام النيابية عام 2019.

ممانعة هذا التعديل في العقد، جاءت من رئيسة مجلس إدارة «تاتش» حياة يوسف والمدير المالي شربل قرداحي. أصرّ الاثنان على أن الالتزام بتسديد جزء من قيمة العقد نقداً بالدولار سيفتح الباب أمام موردين آخرين لمطالبة الشركة بالمعاملة بالمثل. بعد نقاش، اتُّفق على مضض أن يكون الجزء النقدي 20%، لكن وزير الاتصالات السابق طلال حواط رفعها إلى 25%، واليوم يحاول الوزير الحالي جوني قرم رفعها إلى 30%. رهان قرم على تعديل العقد مع «باورتيك» غير واضح، في ظل وضع مالي حرج تعانيه «تاتش» وعجزها البالغ 3.5 ملايين دولار، و21 مليار ليرة، و12 مليوناً بالدولار المصرفي. هذه الأرقام وردت إلى الوزير من الشركة.

تقول مصادر مطلعة إن دراسة الفريق التقني «مبالغ فيها» وهدفها تعبيد الطريق أمام تعديل العقد مع «باورتيك» بوصفها الشركة التي خفضت الإنفاق، علماً بأنه ليس من الضروري أن تكون كلفة الإنفاق المشار إليها في الدراسة حقيقية. فمن غير المنطقي، في ظل وجود بطاريات تكفي لتشغيل 4 ساعات يومياً، وتضاف إليها تغذية بالتيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان بمعدل أربع ساعات يومياً، أن تعمل المولدات 20 ساعة يومياً. لذا، فإن الإيحاء بأن «باورتيك» ستخفض استهلاك المازوت هو فضيحة بحدّ ذاتها. ويعتقد المطّلعون أن نتائج الدراسة هي الأداة التي ستتيح لسالم عيتاني أن يصبح رئيساً لمجلس إدارة «تاتش» اليوم، بما أنها أدّت الغرض منها وروّجت لتصوير «باورتيك» المنقذ الوحيد. وبمعزل عن دقّة الأنباء المتعلقة بتعيين عيتاني وإطاحة يوسف، فإن الأهم في المسألة أن الترويج النظري لتعديل العقد لا يخدم مصلحة «تاتش» المملوكة من الدولة، بل يخدم فكرة خصخصتها وبيعها بالقليل لحفنة من الأثرياء الراغبين في تحويل استثماراتهم إلى أرباح مضاعفة.

«الأخبار» حملت هذه الوقائع والأسئلة إلى الوزير قرم، إلا أنه امتنع عن الردّ منذ أكثر من 10 أيام.

مصدرجريدة الأخبار - ندى أيوب
المادة السابقةبلاغ للمحافظ عبود إلى مالكي ومستثمري مواقف السيارات للعموم ضمن نطاق بيروت
المقالة القادمةمقترحات لإنارة طرابلس وتطوير قطاع الطّاقة: هل تبصر النّور؟