التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده الصين من شأنه أن يفتح الباب أمام دول أخرى لجذب حصة أكبر من الاستثمارات التي تستهدف الأسواق الناشئة، وفقاً لما قاله مسؤولون تنفيذيون يحضرون القمة السنوية لمجموعة «بريكس» لوكالة «بلومبرغ».
وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن التباطؤ الذي غلب عليه تراجع قطاع العقارات وارتفاع ديون الحكومات المحلية وأزمة البطالة بين الشباب في الصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، أحدث صدمة في الأسواق المالية.
وراح المسؤولون يطلقون تحذيرات بهذا الشأن، مع تعرض منتجي المعادن الرئيسيين مثل البرازيل وأستراليا وجنوب أفريقيا لضغوط. وسيؤثر الطلب الضعيف على الإلكترونيات في الاقتصادات التي تعتمد على تجارة هذه السلع، مثل كوريا الجنوبية وتايوان، في حين أن شركات أخرى، بدءاً من شركة «نايكي» ووصولاً إلى شركة «كاتربيلر»، تلقّت أرباحها صفعة بالفعل من التباطؤ الحاصل في الصين.
فما يحدث في ثاني أكبر اقتصاد في العالم مهم في كل مكان آخر. ولأن الصين كبيرة جداً، فإن ثرواتها الاقتصادية المتغيرة يمكن أن تدفع أرقام النمو العالمي بشكل عام.
لكن قادة الأعمال الذين حضروا قمة هذا الأسبوع المنعقدة في جوهانسبرغ، قالوا إنهم لا يتوقعون أن تكون هناك تداعيات كبيرة للتباطؤ في الصين، بل إن المتاعب الاقتصادية التي تواجه البلاد قد تنعكس إيجاباً على دول ناشئة أخرى.
وتتفق وجهات نظر هؤلاء مع آراء الخبراء الاستراتيجيين في مجموعة «غولدمان ساكس»، والذين يقولون إن التأثير غير المباشر لضعف أرباح الشركات الصينية وأسعار الأسهم على الأسهم في البلدان الأخرى، تراجع «بشكل كبير» على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
وقال أونكار كانوار، رئيس مجلس أعمال مجموعة «بريكس» ورئيس شركة صناعة الإطارات الهندية «أبولو تايرز»، إن هذا يمثل فرصة كبيرة للدول الأخرى، وخصوصاً الهند. وأضاف: «نفذّت الهند إصلاحات، وهناك توقعات بالمزيد منها… وبشكل عام، نحن مستعدون جيداً للترحيب بأولئك الذين يرغبون في إقامة أعمال في الهند».
وتظل الصين اللاعب المهيمن في مجموعة «بريكس» التي تضم أيضاً البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا؛ إذ يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي أكثر من ضعف حجم الأعضاء الآخرين مجتمعين.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير التجارة وانغ وينتاو في القمة: «إن الاقتصاد الصيني يتمتع بمرونة كبيرة وإمكانات هائلة وحيوية مهمة… إن الأساسيات التي تدعم نمو الصين على المدى الطويل سوف تظل دون تغيير، وستستمر سفينة الاقتصاد الصيني العملاقة في شق الأمواج والإبحار إلى الأمام».
وحذّر بعض المحللين من أن شي ليست لديه خيارات جيدة لعكس المسار الذي يسلكه الاقتصاد، وأن بلاده يمكن أن تنجرف باتجاه نمط النمو الياباني بعد عقود من التوسع المفرط، وهذا قد يكون سيئاً بالنسبة إلى الدول الأخرى التي تعتمد على الصادرات إلى الصين.
ويرى محللون أن تباطؤ النمو في الصين لا بد أن يوفر بعض الراحة للمستهلكين في العالم؛ لأنه سيعني انخفاض الطلب على السلع الأساسية، وخفض الأسعار وتكاليف الاستيراد. وهذا بدوره سيخفف المهمة التي يواجهها الاحتياطي الفيدرالي والمصارف المركزية الأخرى. وقد رفع الكثيرون بالفعل أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ عقود، ولن يستمتعوا بالحاجة إلى المضي قدماً.