تبرئة ذمّة “زين” و”أوراسكوم” قد تفجّر التسليم والتسلّم!

القطاع الذي كان بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً، صار وضعه مأسوياً. لا يعود ذلك فقط إلى تراجع المداخيل نتيجة تدهور سعر الصرف، وإنما إلى الفوضى التي تدب في إدارته، والتي يبدو أنها مقصودة كي تتسم مرحلة الإدارة من جانب الدولة، وهي لم تحصل حتى الآن، بالتردي والسوء لتصير أسوأ تجربة عرفها القطاع.

صبيحة يوم الاثنين الفائت، شهد شاهد من أهله. وفد من نقابة موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخلوي يتحدث بشكل واضح أمام رئيس الجمهورية ميشال عون، عن “شلل” يصيب القطاع، وعن غياب “خطة واضحة من قبل وزارة الاتصالات، بالرغم من مرور شهرين من أصل مهلة الثلاثة أشهر المحددة في مرسوم استرداد القطاع”، ليوجه صرخة مدوية بالقول: “هذا القطاع لم يعد يحتمل يا فخامة الرئيس”.

في الرابع من حزيران الماضي وجّه وزير الاتصالات طلال حواط كتاباً خطياً إلى شركتيّ زين وأوراسكوم يبلغهما فيه على نحو رسمي بدء اجراءات التسليم والتسلّم والتي يفترض أن تستمر أسبوعين من الزمن، تتحول بعدهما الدولة بواسطة مجلسي ادارة جديدين هي المدير الجديد لشركتي “ألفا” و”تاتش”.

بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على تلك الرسالة، لا يزال الوضع في الشركتين على حاله. لا تسليم ولا تسلّم و”لا من يحزنون”. حجّة القيّمين على القطاع أنّ المرحلة الانتقالية تستدعي التئام الجمعيات العمومية لنقل صلاحيات التوقيع الى مجلسي الادارة الجديدين، ليتمكنا من القيام بواجباتهما وملء الفراغ الاداري والمالي الحاصل.

مبدئياً، إلتزمت شركة “أوراسكوم” بالمهل القانونية لدعوة الجمعية العمومية، أي مهلة العشرين يوماً، حيث يفترض أن تلتئم تلك الجمعية يوم الثالث من تموز المقبل، أي يوم الجمعة المقبل للمصادقة على أسماء أعضاء مجلس الادارة وتفويض المجلس الجديد صلاحية التوقيع، لتأخذ المرحلة الانتقالية مجراها الطبيعي فتصبح الدولة المدير الجديد. في حين خالفتها شركة “زين” بالتوجه، وأعفت نفسها من مهلة العشرين يوماً ولم توجه أي دعوة لأعضاء الجمعية العمومية. ولكن يتردد بين المطلعين على هذا الملف أنّ مجلس ادارة “زين” سيحدد يوم الاثنين المقبل موعداً لانعقاد الجمعية العمومية، أي بعد أيام معدودة من موعد الجمعية العمومية لشركة “أوراسكوم”.

في هذه الأثناء، انتهى شهر حزيران ويفترض أن تكون مسألة رواتب الموظفين استحقاقاً جديداً داهماً أمام “زين” و”أوراسكوم”، على اعتبار أن مسألة تسديد مستحقات الموردين وتحديداً موردي الفيول لمحطات الارسال، وغيرها من المصاريف، لا تزال عالقة وتنذر بمزيد من الفوضى والخراب في هذا القطاع بسبب رفض الشركتين المشغلتين تسديد أي مبلغ، بحجة أنهما لم يعد لديهما صلاحية التوقيع والصرف.

وهنا، على سبيل المثال لا الحصر، يقال إنّ الشركة الأمنية المولجة حماية كل مباني القطاع ومواقعه وجهت انذاراً بضرورة الحصول على كل مستحقاتها، والا فإنها ستسحب كل عناصر الحماية بعدما تخطى حجم مستحقاتها المليار ليرة، فيما يطالب أحد المزودين بأربعة ملايين دولار متراكمة، في المقابل توقفت الشركتان عن دفع مستحقاتهما المخصصة للايجار، ويتردد أن أكثر من عشرين موقعاً باتت في حكم المتوقفة عن العمل!

أما بالنسبة الى الرواتب، فيبدو أنّ مستحقات شهر حزيران لن تواجه أي اشكالية قد تدفع الموظفين للنزول الى الشارع من جديد والتهديد بالاضراب. إذ إنّ شركة “أوراسكوم” أمّنت التوقيع لهذا الشهر في المصرف المعتمد، فيما شركة “زين” تستعد لعقد جمعية عمومية إستثنائية اليوم الأربعاء لتفويض مجلس الادارة صلاحية التوقيع على جداول الرواتب لشهر حزيران. وقد يصار خلال هذه الجمعية أيضاً الى منح مجلس الادارة صلاحية دفع بعض المستحقات لموردي الفيول لوقف مهزلة توقف المحطات عن العمل.

هل هذا يعني أنّه مع بداية الأسبوع المقبل ستنتقل الصلاحيات إلى مجلسي الادارة الجديدين؟

لا توحي تجربة الشهرين الماضيين أنّ الأمور تسلك منحى سليماً كما يؤكد كبار الموظفين في الشركتين. لا بل ثمة من ينقل عن أحد رئيسي مجلس الادارة المفترض أنه وضب أغراضه الشخصية لمغادرة مكتبه، أنه سيقوم ما بوسعه لعرقلة انعقاد الجمعية العمومية من خلال تعطيل النصاب لمنع التئامه. وبهذا السيناريو سيكسب مهلة اضافية، حوالى شهر من الزمن، قبل تحديد موعد جديد للجمعية العمومية، قد يخلق الله خلال هذا الشهر ما لا يعلمون. ومنها مثلاً سقوط الحكومة ومعها مشروع استرداد الادارة.

الأهم من ذلك كله، هو أنه في حال بقي الموعدان المبدئيان على حالهما، وانعقدت الجمعيات العمومية، فهي تتضمن في جدول أعمالها بند تبرئة ذمة الشركتين المشغلتين، وهو ما سعت اليه “زين” و”أوراسكوم” منذ اعلان قرار الاسترداد رغم كل الضجيج المثار حول هدر بملايين الدولارات شهده القطاع، ذلك لأن تبرئة ذمة الشركتين يعني عملياً خروجهما من الباب وامكانية عودتهما من “الشباك” اذا ما أجريت مناقصة جديدة!

ما يجب التوقف عنده هنا، هو مناشدة الموظفين والمستخدمين “عدم السماح بابراء ذمة الشركات المشغلة قبل الإيفاء بكامل التزاماتها وتعهداتها تجاه الموظفين بخاصة والدولة بشكل عام، ومصلحة الدولة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين فوق كل اعتبار”، وذلك في ضوء دعاوى قضائية عالقة بين الشركتين والموظفين. فهل ستفعلها الجمعيات العمومية أم ستتم عرقلة المسار؟

مصدركلير شكر - نداء الوطن
المادة السابقةنقابة الصرافين تبقي سعر صرف الدولار دون تغيير
المقالة القادمةالأردن يستدين 1.75 مليار دولار عبر إصدار سنوات دولية