تجديد عقد صاحب “فتوى” أخفت خسائر زادت على 58 مليار دولار!

رغم تعالي الأصوات في الخارج والداخل المندّدة بكارثية وعدم قانونية قرارات وتعاميم صدرت عن مصرف لبنان خلال ولاية رياض سلامة وصاغها مستشاره القانوني بيار كنعان، الذي ينتهي عقده بعد أيام، سيستمر المستشار في عمله أثناء ولاية وسيم منصوري!

جدير بالذكر أنّ كنعان هو صاحب الاستشارة الكارثية التي أفتى بها في تاريخ 7 تموز 2003 جواباً عن سؤال من رياض سلامة حول إمكانية استهلاك الخسائر التي أصابت مصرف لبنان.

فكان جواب كنعان «إنّ الإطفاء الفوري للخسائر سيُعيق إنجاح تدابير المصرف، وبالتالي سيؤثّر سلباً في النتائج المُبتغى التوصّل إليها خدمةً للمصلحة العامة، وحيث أنّ المبادئ المحاسبية التجارية غير واجبة التطبيق قانوناً بالنسبة إلى مصرف لبنان، كونه شخصاً من أشخاص القطاع العام (…) فلا يوجد قانوناً ما يمنع المصرف المركزي من اتّباع الأسلوب المحاسبي الذي يؤمّن هذه الغاية (…) ولا شيء يمنع من قيد الخسائر المتراكمة التي يمكن أن تُصيب الأموال الخاصة لمصرف لبنان في حساب خاص يجري إطفاؤه من أرباحٍ مستقبلية مثل استخدام الفرق بين كلفة طباعة العملة وقيمتها».

تلك الفتوى خالفت بشكل صارخ نصاً واضحاً وصريحاً في قانون النقد والتسليف لا يجيز أبداً تدوير الخسائر، إذ ينص على الآتي: «إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزاً تُغطّى الخسارة من الاحتياط العام. وعند عدم وجود هذا الاحتياط أو عدم كفايته تغطّى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة». ومن الطبيعي في الحالة الأخيرة الحصول على موافقة مجلس الوزراء الذي يتعيّن عليه عرض الأمر على المجلس النيابي ليكون على بيّنة من الواقع المالي لمصرف لبنان وأخذ موافقته على الانفاق، لكن سلامة تجاوز ذلك بتواطؤ سياسي معه على مدى 20 سنة!

هذه وغيرها من فتاوى كنعان أسست للأزمة التي يعيشها لبنان حالياً. فقد استند إليها الحاكم سلامة لإخفاء فجوة في حسابات مصرف لبنان من خلال فتح حساب اسمه «الأصول الأخرى» ضمن باب الموجودات تراكمت فيه الخسارات المخفية (أكثر من 58 مليار دولار)، من دون ايضاح مضامين حساب «الأصول الأخرى» ببند خاص مرفق بميزانيات مصرف لبنان التي تنشر، كما تفعل عادة المصارف المركزية عندما تعتمد مقاربات حسابية خاصة مختلفة عن القواعد المحاسبية العامة.

كما استند سلامة الى مطالعات المستشار كنعان الخاصة باستمرار استهلاك التكلفة المتبقية من خطط التصحيح لغاية عام 2037 ضمناً. ما يعني إلزام الحكام الذين سيتولون حاكمية المصرف المركزي بالإطفاء المحكي عنه طيلة 14 سنة مقبلة.

تبقى الإشارة الى أنّ المستشار في موقع يثير شبهة تضارب مصالح، خصوصاً أنّ ولديه يعملان محاميين لمؤسسات مصرفية، ومن ضمن المجموعة التي تعمل على تنسيق مواقف المحامين من طلبات المودعين وادعاءاتهم، وأيضاً لصياغة الموقف الموحد الواجب اعتماده من قبل المؤسسات المصرفية التي يعملون معها إزاء هذه الطلبات وتوجّهات مصرف لبنان.

 

مصدرنداء الوطن - منير يونس
المادة السابقةهل فعلاً من وضعوا موازنة 2024 يعيشون مع اللبنانيين؟
المقالة القادمةمسرحية “الكابيتال كونترول” بين بري وميقاتي وبو صعب والشامي