بعد أيام على البلبلة التي حصلت في القطاع الصيدلي عقب الاقفال في بعض المناطق من قبل عدد من الصيادلة، خرج نقيبهم غسان الامين محذرا من أزمة ستطال هذا القطاع نتيجة فقدان الادوية وغياب سياسة بديلة من قبل الحكومة لتعويم الصيدليات التي لم يعد لديها ما يكفي من المخزون يساعدها على الاستمرار.
إعتاد الصيادلة على كلام الامين الذي يتحدث بشكل دوري عن مصيبة يشهدها القطاع، من حالات الاقفال الى فقدان الدواء وصولا الى تهريبه. ولكن في ظل هذا النزيف علت الصرخة وثمة بلبلة داخل القطاع بسبب المجموعات التي تشهد تباينا في الرأي، والدليل على ذلك هو اقفال بعض الصيدليات في عطلة عيد الفطر ونهاية الويك أند وتوليف هذه الخطوة بوصفها اضرابا احتجاجا على عدم تسلم العديد من الصيادلة الدواء من الشركات.
يؤكد بعض الصيادلة أن هذا القطاع كان حتى الامس القريب مزرابا كبيرا لتهريب الدولار من لبنان عن طريق بيع كميات كبيرة من الدواء المدعوم الى الخارج، ويشير هؤلاء الى أن تهريب الدواء هو أخطر أنواع التهريب وأكثر ايلاما على خزينة الدعم في مصرف لبنان من أي نوع آخر كالمحروقات والسلع الغذائية.
بعض الوكلاء يعمد الى بيع صيدلية كميات كبيرة مقابل تقطيرها على صيدليات أُخرى، وعند التحقيق يتبين أن هناك صفقة بين الوكيل أو أحد الموظفين مع صاحب الصيدلية لتصدير الدواء المدعوم الى الخارج وتقاسم ربح “الدعم” بين المشاركين في العملية. بعملية حسابية بسيطة يمكن للمهرب أن يحصل على الاف الدولارات ومن دون أي ضجيج، فحجم الدواء بعكس السلع الغذائية والمحروقات يساعد المهرب على تصديره الى الخارج وبكميات ومردوده الربحي يفوق مردود السلع الأخرى المصدرة الى الخارج.
في المقابل تذكر نقابة الصيادلة بخطتها التي قدمتها منذ 8 أشهر إلى مجلس الوزارء وتقضي بتوزيع الأدوية على ثلاثة أبواب بحسب أهميتها وأسعارها، وترشيد الدعم على استيرادها، ولكنها بقيت في أدراج مجلس الوزراء من دون الرّد عليها بعد نيلها موافقة اللجنة الصحية النيابية ووزارة الصحة، وبالتالي فان من واجب الدولة أيضا اتباع آلية واضحة لكي تسير النقابة بها، أما ترك الامور على حالها فقد يجر القطاع الى فوضى كما هو حاصل اليوم.
ملف الدواء وتوزيعه على الصيدليات ليس بالامر السهل، ويحتاج الى تنسيق كامل بين الوزارات المعنية كالصحة والاقتصاد والمال اضافة الى النقابات المعنية بهذا الملف وبمشاركة المجلس النيابي لتقديم تصور واضح يبدأ من المصدر وصولا الى المستهلك، وما يمر به لبنان اليوم يمكن أن يشكل حافزا للسلطات الصحية المعنية لتغيير القطاع الصحي بشكل جذري.