تخوف من تداعيات مالية بعد صدور مذكرة التوقيف

على انّ التطور القضائي الآتي من فرنسا والمتوقع بعد تسريب معلومات في الايام الماضية عن نية فرنسا اصدار مذكرة توقيف في حق سلامة الذي لم يحضر جلسة التحقيق معه امس، خرق المشهد الرئاسي وكل ما يحوط به داخلياً وخارجياً. وقد استفسرت «الجمهورية» من مصدر قضائي رسمي رفيع عن المسار القانوني والقضائي لمذكرة التوقيف هذه، فأوضح انّه عندما تصدر المذكرة عن قاضي التحقيق في اي بلد ويجري تعميمها على الانتربول كنشرة حمراء تصبح قيد التنفيذ، لكن حسب قوانين كل دولة. واضاف: «رياض سلامة لبناني، وبالتالي لا يسري عليه طلب الاسترداد لانّه يحمل الجنسية اللبنانية، ولا يُسلّم الى الدولة التي اصدرت مذكرة التوقيف، لانّ لبنان لا يسلّم مواطنيه الى دولة اخرى كونه تابعاً للقضاء الروماني الجرماني romano-germanique مثله مثل كثير من الدول ومن بينها فرنسا نفسها، وتجري محاكمة المطلوب بالملف القضائي في الدولة التي ينتمي اليها حتى لو كان يحمل جنسية اخرى، وعند تبلّغنا عبر النشرة الحمراء بمذكرة الانتربول نصادر جواز سفره ونمنعه من مغادرة الأراضي اللبنانية. فلبنان لا يسلّم لبنانياً لدولة اجنبية، يؤكّد المصدر، لكنه ينفّذ النشرة الحمراء عبر مصادرة جواز السفر ثم يطلب ملف الاسترداد لدرسه واتخاذ القرار بملاحقته ام لا… وبما انّ سلامة اصلاً ملاحق امام القضاء اللبناني، اذاً لن يتغير شيء سوى مصادرة جواز سفره والمنع، علماً انّ سلامة يستطيع حالياً السفر الى حين تسلّم النشرة الحمراء لأنّ المدعية العامة لجبل لبنان القاضية غادة عون رفعت عنه قرار منع السفر الاسبوع الماضي».

واستبعد المصدر القضائي الرفيع ان يسافر سلامة، لأنّ نشرة الانتربول الحمراء تُعمّم على كل الدول، مقللاً من اهمية ان يكون تبلّغ او لم يتبلّغ لانّ القاضية الفرنسية اعتبرته فاراً من وجه العدالة.

وقال المصدر: «عندما تصل الينا النشرة الدولية لكل حادث حديث»، مؤكّداً انّ «ما قام به القضاء الفرنسي هو سابقة، إذ لم تحصل تاريخياً ان تصدر مذكرة توقيف في حق حاكم مصرف مركزي في العالم». خاتماً «انّ قضية سلامة أصبحت تُدرّس»…

وقالت اوساط مواكِبة لتطورات ملف سلامة لـ«الجمهورية»، «انّ مذكرة التوقيف الفرنسية التي صدرت في حقه أتت ضمن هامش التحرّك المسموح لباريس، «لأنّ جرم تبييض الأموال المتهم به سلامة حصل على الاراضي الفرنسية، وبالتالي فإنّ المذكرة لا علاقة لها بلعبة المصالح السياسية، وإنما تندرج في سياق تطبيق القانون، خصوصاً انّ سلامة رفض المثول أمام القاضية الفرنسية».

وتخوفت هذه الاوساط من تداعيات مالية قد تترتب على صدور مذكرة التوقيف في حقه، «إذ انّ المصارف المراسلة قد تمتنع عن إجراء اي تحويلات ومعاملات مالية مع مصرف لبنان المركزي، بعدما بات ناظم إيقاعه مطلوباً خارجياً».

وكانت القاضية الفرنسية المكلّفة التحقيق في أموال وممتلكات سلامة في أوروبا أصدرت مذكرة توقيف في حقّه على إثر تغيّبه أمس عن جلسة استجواب في باريس، لمعرفة كيف راكم أصولاً كبيرة في أوروبا، وفق ما أفاد محاميه.

وافادت وكالة «فرانس برس»، انّ المحققين الفرنسيين يشتبهون في أنّ سلامة راكم أصولاً عقارية ومصرفية عبر مخطط مالي احتيالي معقّد، وإساءة استخدامه أموالاً عامة لبنانية على نطاق واسع خلال توليه إدارة مصرف لبنان طوال ثلاثة عقود. وكان يُرجّح أن يؤدي مثوله أمام القاضية أود بوريزي امس إلى توجيه اتّهامات إليه.

ونقلت الوكالة عن بيار-أوليفييه سور محامي سلامة، ان تغّيب موكله امس يعود إلى عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول.

ونسبت إلى مصدر قانوني لبناني «إنّ السلطات فشلت في إخطار سلامة بالاستدعاء، على رغم من محاولة الشرطة أربع مرات تسليم الإخطار إلى سلامة في مقر البنك المركزي».

وبعد تغيّب رياض سلامة، كان أمام القاضية المسؤولة عن القضية خيار إصدار أمر استدعاء جديد، لكنها قرّرت إصدار مذكرة توقيف في حقّه.

من جهته، أكّد مصدر قضائي فرنسي، أنّ سلامة «أُبلغ شخصياً بهذا الاستدعاء، وكذلك محاميه منذ عدة أسابيع». وأضاف أنّ «رفضه المثول دفع قاضية التحقيق إلى إصدار مذكرة توقيف»، وهو إجراء «ضروري ومتناسب».

من جهته، قال المحامي الفرنسي وليام بوردون، الذي يمثل جمعيتين من بين المدّعين على سلامة، إنّه «سيوقف في يوم أو آخر». وأضاف أنّ سلامة يستفيد من «تعطيل ممنهج من بعض القضاة اللبنانيين، في تعارض تام مع التزاماتهم».

وردّ سلامة ببيان تعليقاً على قرار القاضية اود بوروزي، معتبراً أنّه «يشكّل بامتياز خرقاً لأبسط القوانين، كون القاضية لم تراع المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي، رغم تبلّغها وتيقنها من ذلك. وبالتالي، سأعمد إلى الطعن بهذا القرار الذي يشكّل مخالفة واضحة للقوانين». ولفت الى انّ القاضية الفرنسية اتخذت قرارها بناءً على «أفكار مسبقة». واوضح ان القرار الفرنسي «عدالة مبنية على الكيل بمكيالين». ورفض محامي سلامة إصدار مذكرة التوقيف قائلاً: «ببساطة، أرى أنّ هذا محض إساءة استخدام للسلطة».

وحول موضوع حجز أملاك سلامة، ذكر أنّ «هذا الموضوع مدني تتعاطى فيه فرنسا، وقرار الحجز على الأملاك يعود لها».

وأكّد مصدر قضائي لبناني لـ«فرانس برس» أنّ «القانون اللبناني لا يجيز تسليم مواطن لبلد آخر».

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «عندما ترد مذكرة التوقيف الدولية عبر النشرة الحمراء، سيطلب القضاء اللبناني من الجانب الفرنسي الملف الذي يتضمن المعطيات والمستندات التي بنت عليها القاضية بوزيري قرارها». وتابع: «إذا ثبتت صحة هذه الأدلة، عندها يبدأ القضاء اللبناني ملاحقته في لبنان باعتباره صاحب الصلاحية في مثل هذه القضية».

 

مصدرالجمهورية
المادة السابقةالدولار الجمركي كيف سينعكس على حياة اللبنانيين؟
المقالة القادمةرابطة موظفي الادارة العامة تمدّد اضرابها!