تراكم الأزمات يكلف الاقتصاد العالمي 4 تريليونات دولار

أعطى صندوق النقد الدولي عشية الاجتماعات السنوية المقررة هذا الأسبوع تقديرات صادمة حول الخسائر المتوقع أن يتكبدها الاقتصاد العالمي بسبب تراكم الأزمات.

وقالت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي إن “الاقتصاد العالمي يواجه بشكل متزايد خطر الركود، وقد يخسر 4 تريليونات دولار من الناتج الاقتصادي حتى عام 2026″، وهي “انتكاسة هائلة” تعادل تقريباً حجم الاقتصاد الألماني.

وجاءت هذه الإفادة في خطاب لها أثناء فعالية عقدتها المؤسسة الدولية المانحة الخميس الماضي، والتي رجحت فيها جورجييفا أن “يزداد الاقتصاد العالمي سوءا لا أن يتحسن”.

ومن المتوقع أن ينشر صندوق النقد الثلاثاء المقبل توقعاته للنمو للسنة المقبلة، وستتم مراجعتها لخفضها كما حذرت جورجييفا.

والسبب، تضاعف الأزمات التي عززتها تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث البيئية التي ضربت عدة مناطق من العالم الصيف الماضي، وأدت إلى زعزعة استقرار اقتصاد عالمي كان متضررا أساسا بسبب الوباء.

وبحسب جورجييفا فإن الجائحة شكلت “تحولا أساسيا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي” حيث انتقل من “عالم يمكن توقعه نسبيا” إلى “عالم معرض للصدمات ولانعدام يقين أكثر”.

ونتيجة ذلك، يتوقع الصندوق الآن أن يشهد عدد كبير من البلدان تراجعا على مدى فصلين متتاليين لإجمالي الناتج الإجمالي، ما يؤشر إلى الركود بين نهاية هذه السنة والعام 2023.

وهذا الخطر يرتقب أن يطاول “حوالي ثلث الاقتصاد العالمي” فيما “بالنسبة إلى العديد من الأسر في مختلف أنحاء العالم وحتى لو كان النمو إيجابيا فسيكون لديها شعور بأنها في ركود بسبب ارتفاع كلفة المعيشة”.

ويمكن أن يكون الأمر أسوأ. وقالت مديرة الصندوق إن “انعدام اليقين مرتفع جدا في إطار من الحرب والوباء. وقد تكون هناك صدمات اقتصادية أخرى”.

ولذلك فإن الأولوية الأهم هي منع الأسعار من مواصلة الارتفاع “لأنه بعيدا عن كونها عابرة، فإن التضخم يترسخ”.

وبالتالي فإن المصارف المركزية تكافح عبر رفع معدلات الفوائد من أجل إبطاء الاقتصاد، وعدم التحرك الآن سيتطلب “معدلات أعلى ودائمة، ما سيتسبب في المزيد من الأضرار على النمو والوظائف”.

وتنضم جورجييفا بذلك إلى رئيس الاحتياطي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول معترفةً بأن خفض التضخم “لن يكون سهلا ولن يكون غير مؤلم على المدى القصير”.

لكن ترى أنه يجب التنبه من سياسة تشدد نقدي “قوية جدا وسريعة جدا” وخصوصا دون تنسيق، وكررت تحذيراتها من مخاطر “إغراق العديد من الاقتصادات في ركود طويل الأمد”.

فارتفاع الدولار، نتيجة رفع سعر الفائدة الرئيسي للاحتياطي الفيدرالي، يعقد الوصول إلى القروض أمام العديد من الدول التي تقترض بهذه العملة وشهدت ديونها ارتفاعا نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.

وقالت جورجييفا إن “أكثر من ربع الدول الناشئة تخلفت عن سداد ديونها أو هي في مستويات صعبة بالإضافة إلى أكثر من 60 في المئة من الدول ذات الدخل المنخفض”.

وستنجر عن ذلك الخطر أزمة ديون تتسع لتصل إلى كل هذه الدول. وقالت إن “المقرضين الرئيسيين مثل الصين أو القطاع الخاص يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم”.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء اقتصاد مجموعة العشرين في واشنطن إلى جانب محافظي البنوك المركزية على هامش الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي الأربعاء والخميس المقبلين.

ويرغب المجتمعون بشكل خاص في إحراز تقدم في مواضيع الضرائب العالمية وتنظيم القطاع المالي وحتى تمويل البنى التحتية.

وتعتقد جورجييفا أنه إذا كان التحرك على المدى القصير ضروريا “فهو لن يكون كافيا لإنعاش الاقتصاد العالمي”، داعية إلى “إصلاحات تحول” يعتزم صندوق النقد الدولي دعمها.

ومن بين النقاط التي يجب التنبه لها بحسب مديرة الصندوق “الاستثمار في الصحة والتعليم وشبكات أمان أقوى، هي أمور ضرورية” وكذلك الرقمنة وتطوير البنى التحتية الرقمية.

وخلصت إلى القول “علينا الاستجابة لهذه الفترة من عدم الاستقرار، عبر إرساء الاستقرار في اقتصاداتنا في مواجهة أزمة فورية وبناء استقرارنا في مواجهة أزمات مقبلة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتغير ملامح سوق الذهب يدفع تجارة السبائك إلى الشرق
المقالة القادمةتضخم أسعار الغذاء في الأسواق العالمية يستمر في الانحدار