بعد الاتفاق المبدئي في قصر بعبدا قبل نهاية أيلول الفائت على رفع الدعم، انطلقت مطلع هذا الأسبوع عملية وضع آلياته التطبيقية في الكواليس الخلفية لمصرف لبنان. وبحسب مصادر مطلعة فان اجتماعاً رسمياً سيعقد في المركزي بعد أيام قليلة لوضع القرار موضع التنفيذ. وانطلاقاً من المعلومات المتوفرة فإنّ التوجه اليوم هو لترشيد الانفاق عبر التواصل مع الوزارات والنقابات المعنية بالسلع المدعومة.
في ما خص السلة الغذائية، العمل يجري على تحديد السلع الممكن الاستغناء عن دعمها، وهو ما من شأنه تخفيض كلفة الدعم من 210 ملايين دولار شهرياً إلى حوالى 100 مليون، أي بمقدار النصف. أما ما يتعلق بموضوع المشتقات النفطية، فإن قطبة ما مخفية ما زالت تحول دون اتخاذ القرار الشافي. فعلى الرغم من توجيه حاكم “المركزي” رسالة واضحة قبل فترة إلى كل من رئيس الحكومة المستقيلة ووزير الطاقة يعلمهما فيها بقدرة “المركزي” المحدودة على الاستمرار بالدعم، والطلب من وزارة الطاقة تحديد الكميات التي نحتاجها، فإن الاستجابة لم تكن على قدر المخاطر. وهو ما سيدفع مصرف لبنان إلى تخفيض خجول في نسبة الدعم لن تتجاوز الـ15 في المئة، تبدأ نهاية هذا الشهر ولغاية نهاية العام الحالي.
وفي ما يتعلق بالأدوية، البحث يدور حول استبدال أدوية العلامات التجارية “الماركات” بأدوية الجنريك الأرخص ثمناً، الأمر الذي يخفض حجم الدعم بشكل تلقائي. كما يدرس المصرف “المركزي” مع النقابات المعنية بالشأن الصحي استثناء بعض المنتجات من لائحة الدعم، وهو قد بدأ فعلاً برفع الدعم كلياً عن المعقمات، لتلحق بها أصناف أخرى. وبحسب المصادر فإنّ ما يجري التحضير له هو “ترشيد الدعم وليس رفعه”، بحيث من المقدر أن تنخفض فاتورة الدعم الشهرية نتيجة هذه السياسة من حدود 700 مليون دولار شهرياً إلى 300 مليون، الأمر الذي يؤمن إمكانية الدعم لأطول فترة ممكنة إلى حين تبلور الحل السياسي. وترى المصادر أنّ عملية “الترشيد” ستترافق بشكل متواز مع إطلاق بطاقة الدعم المباشرة، لإتاحة الفرصة أمام العائلات المحتاجة وتأمين حاجاتهم من دون المرور بشبكة التجار.
باختصار، سيستمر استنزاف الاحتياطي من العملات الاجنبية ولو بوتيرة أبطأ. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي جدي يضمن المباشرة بالاصلاحات، فان الاحتياطي سينفد حكماً… إذا لم يكن بعد شهر أو شهرين، فمطلع العام المقبل على أبعد تقدير.