في ظلّ هروب حكومة تصريف الاعمال من سلوك أي مسار يتعلق بالدعم، أكان رفعه جزئياً او ترشيده او السماح بالمسّ بالإحتياطي الالزامي، على اعتبار انّ هذه المقررات يجب ان تكون من مهمات الحكومة العتيدة، الوقت يضيق والدولارات تنضب. فماذا يمكن ان يحمل معه العام 2021 من مأساة جديدة، وكيف يمكن التعايش مع الأحوال المعيشية المقبلة؟
يبدو أنّ العين السياسية على الـ 17 مليار دولار من الاحتياطي الالزامي هي وراء البرودة في التعاطي مع موضوع الدعم . فبعد زخم الاجتماعات التي شهدتها السرايا الحكومية الأسبوع الماضي، واللقاءات المكثفة بين الوزراء المعنيين والنقابيين، بهدف وضع خطة لترشيد الدعم، برَّدت الاستدعاءات القضائية المتعلقة بملف انفجار مرفأ بيروت هذه الحماسة. ويبدو حتى الساعة، انّ هناك تقدّماً في جهوزية بعض ملفات الدعم على أخرى، اذ هناك توافق على خطة لترشيد الدعم على الدواء، وعلى عدم المسّ بدعم القمح، كما من المقرر ان يطلق وزير الاقتصاد خطة دعم للأسر اللبنانية اليوم. في المقابل، يبدو انّ أي تقدّم لم يحصل على خط ترشيد المحروقات. فهل سيتمّ السير بهذه الخطط كسلة متكاملة، يُطلب من مصرف لبنان تطبيقها، ام تسييرها تباعاً او بالتجزئة، بحيث تطاول اولاً الطحين والدواء، لتُستكمل لاحقاً على بقية القطاعات؟
في السياق، يقول نقيب الصيادلة غسان الامين، انّه لم يتمّ البت حتى الساعة بأي مشروع لترشيد الدعم، وربما هناك حاجة لبلورة كل المقترحات المقدّمة، من دعم للدواء والطحين والمحروقات والسلة الاستهلاكية. وعن الآلية المطروحة، شرح انّه سيتمّ خفض الدعم على أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية والسرطانية وأدوية الصحة العامة التي يفوق ثمنها 70 ألف ليرة بنسبة 5%، اي من 85 إلى 80 في المئة على سعر 1515 ليرة. هذه النسبة زهيدة، سيتحمّلها المستورد الذي بات لزاماً عليه تأمين 20% من سعر الدواء من السوق السوداء، بعدما كانت 15%. وأكّد انّ هذا التدبير لن يؤثر على سعر هذا النوع من الادوية، لأنّ وزارة الصحة هي من يحدّد أسعار الدواء.
اما في ما خصّ أدوية OTC وأدوية الصحة العامة التي يقلّ ثمنها عن 70 ألفاً، فيتمّ تسعيرها على أساس سعر 3900 ليرة للدولار، وبالتالي يتوقّع ان تزيد اسعار هذا النوع من الأدوية حوالى مرتين ونصف المرة. اما في حال لم تعدّل وزارة الصحة تسعيرة هذه الادوية، فسيتوقف الوكيل عن استيرادها.
وعمّا اذا استمرت المراوحة السياسية في ايجاد حلّ لمشكلة الدعم، قال الأمين: «هنا يكمن الخوف الكبير، فالتنبيه من انهيار اقتصادي يعود الى حوالى العامين، وأحداً لم يحرّك ساكناً. اما اليوم، وبعد ان حذّر المصرف المركزي من انّه لن يكون في مقدوره استكمال الدعم في نهاية شهر كانون الثاني، نخشى ألا تتمّ معالجة الأزمة من قِبل المسؤولين، ونصل الى الانهيار التام». وشدّد على انّه يجب ان يكون هناك تنسيق كامل بين المصرف والحكومة وبين الوزراء المعنيين، لإيجاد حل للأزمة المقبلة. وقال: «في حال لم يتمّ التوافق والسير بالخطة الموضوعة، فسنكون مطلع شباط مع كارثة، من افلاس الضمان الى افلاس تعاونية موظفي الدولة، وعدم قدرة المؤسسة العسكرية على تأمين التغطية الصحية كذلك قوى الامن، وسيتضرر من ذلك نحو 63% من الشعب اللبناني الذي يعتمد على الجهات الضامنة، وعندها ستحلّ الكارثة والانهيار التام». لذا، استبعد الامين الوصول الى هذه المرحلة، فإما هم يراهنون على الاحتياطي الالزامي، واما على تغييرات في السياسة الاقليمية الخارجية.
جبارة
من جهته، يقول نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة، انّه حتى الآن دُرست خطة ترشيد لدعم الدواء للمرحلة المقبلة، الّا انّه لم يُبت بها بعد. ولفت الى انّ وزير الصحة حمد حسن رفع توصية بها الى مجلس الوزراء، على انّه ما ان تتم الموافقة عليها يتمّ ارسالها الى مصرف لبنان لمباشرة العمل بها. وأشار جبارة، الى انّ هذه الخطة لاقت ترحيباً