على عكس كل التوقعات التي تخوفت من تفلت سعر صرف الدولار بعد نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان يحافظ سعر الصرف على استقراره لا بل على انخفاضه الذي بدأ يوم الجمعة الماضي قبيل انتهاء ولاية رياض سلامة.
لماذا لم يرتفع سعر صرف الدولار ؟
وما هو مسار الدولار في المستقبل ؟وما مصير الدولار في حال توقفت هذه المنصة؟
على هذه الاسئلة يجيب الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي الذي قال في حديث للديار: الأسواق اليوم في حالة ترقب وموضوع سعر الصرف في حالة ترقب لما ستؤول اليه الأمور في المرحلة القادمة، ورأى ان سبب عدم ارتفاع سعر الصرف هو التسلم والتسليم الهادئ والطبيعي بين حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والحاكم الحالي بالانابة وسيم منصوري ،مشيراً الى ان المؤسسات استمرارية وكل التصريحات كانت داعمة لتسلم منصوري الحاكمية.
ووفق جباعي ان خطة العمل التي أطلقها منصوري كان لها وقع ايجابي على الأسواق، وأوحت بأنه سيكون هناك تعاون بين السياسة المالية والسياسة النقدية والسياسة الإقتصادية وتشريعات الحكومة.
ومن الأسباب التي أدت الى عدم ارتفاع سعر صرف الدولار لفت جباعي الى أهمية أموال المغتربين وازدهار القطاع السياحي والتي ساهمت في انخفاض سعر صرف الدولار من خلال ضخ الدولارات في الأسواق إضافةً الى دولرة الأسعار التي كان لها دور في تخفيض الطلب على الدولار.
وإذ شدد على أننا اليوم في حالة ترقب بالنسبة لسعر صرف الدولار ،قال لا يمكننا أن نجزم بأن سعر الصرف لن يرتفع في المستقبل فهذا الأمر مرتبط بما ستؤول اليه الأمور واذا كانت ستسير خطة منصوري ونوابه بشكل سلس في مجلس النواب والحكومة، واذا كان سيتم تقديم مشروع قانون حقيقي يسمح باقتراض الحكومة مبلغ ٦٠٠ مليون دولار مقسطة على ثلاثة أشهر، وهل سيكون لدى الحكومة القدرة على رد هذه الأموال في وقت لاحق و بشكل واضح ،وهل سيكون هناك تشريعات لاستخدام المادتين ٧٥ و ٨٣ من قانون النقد والتسليف التي تجيز للمصرف المركزي التدخل شارياً للدولار من أجل تأمين الدولار من السوق والجمهور من أجل استعمالها لاحقاً على منصة صيرفة.
كما تساءل جباعي هل سنعود الى اتباع السياسة القديمة لكن ضمن قوننة وتشريع؟ مشيراً الى أن السياسة القديمة كان يتحملها مصرف لبنان منفرداً الذي كان يلعب الدور الأساسي في السياسة المالية والنقدية والإقتصادية ، مما أدى الى توجيه اصابع الإتهام عند أي إخفاق في الدولة أو المجتمع أو المصارف الى مصرف لبنان، وهذا الأمر هو سبب الحملة على مصرف لبنان.
ورأى جباعي أن منصوري من أول الطريق وضع الأمور في نصابها ،وهو ونوابه ليس لديهم مشكلة بأن يستعملوا سياسات لضبط واستقرار سعر الصرف شرط أن تكون مقوننة ،وشرط أن يتحمل مسؤوليتها المجلس النيابي والحكومة ولا تقع فقط على عاتق مصرف لبنان كي يتم التصويب عليه عند أي إخفاق .
ويقول جباعي كل هذه الأمور تشكل رسالة لنا كإقتصاديين للمراقبة ولنعرف مدى إنجاز هذه السياسة وقدرتها على التطبيق ،محذراً من ان الوقت يضيق فالأموال تأمنت لرواتب القطاع العام ٨٥ مليون دولار سيتقاضوها موظفو القطاع العام اوائل الشهر القادم بالدولار ،واذا لم تتم التشريعات سيتقاضون رواتبهم بالليرة لاحقاً، مؤكداً أن هذا الأمر سيكون سيئاً بالنسبة لسعر صرف الدولار لأننا سنعاود اللجوء الى ضخ الليرة اللبنانية في السوق مرة جديدة .
كما اشار جباعي الى ان حجم الكتلة النقدية اصبح ٦١ تريليون ليرة بعد أن سحب مصرف لبنان جزءاً كبيراً منها، متخوفاً اذا لم تتم. وفي موضوع طباعة الليرة سأل جباعي هل ستتوقف عملية الطباعة أم ستضطر الحكومة للطلب من مصرف لبنان طباعة الليرة من أجل تغطية نفقاتها وتغذية موازناتها والعجز في هذه الموازنات؟
واضافةً الى كل هذه الأمور التي تلعب دوراً أساسياً في تحديد سعر صرف الدولار، تحدث جباعي عن انعكاس الوضع السياسي على سعر الصرف مشيراً الى ما يتم الحديث عنه بخصوص الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر والذي يؤدي الى تهدئة الأجواء اضافةً الى توقع مجيئ الموفد الفرنسي الشهر القادم.
وإذ حذر جباعي من أنه عند اخفاق اي من هذه الأمور سياسياً او نقدياً او تشريعياً سيساهم في تفاقم الأزمة وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار، دعا جميع المسؤولين أن يكونوا يداً واحدة أن يسيروا بخطة منصوري تفادياً للوقوع في أزمة .
وختم جباعي بالقول لا يمكننا ان نضمن بأن استقرار سعر صرف الدولار هو دائم و مستدام فإذا تأخر استعمال منصة صيرفة لما بعد ذهاب المغتربين والسياح فهذا الأمر سيؤثر في الطلب على السوق سيما وأن لدينا طلب شهري للاستيراد بين مليار و٣٠٠ مليون ومليار و٦٠٠ مليون وهذا يتطلب بين ٤٠ و ٤٥ مليون دولار طلب من السوق واذا لم يكن هناك خطة واضحة للاهتمام بهذا الأمر عندها سيرتفع سعر الصرف سيما وان المركزي اخذ القرار بعدم العودة الى السياسات القديمة وبالتالي اذا لم تذهب الحكومة ومجلس النواب لاعطاء ضمانات فمن الممكن ان نذهب باتجاه تحرير سعر صرف الدولار .