تسديد الـ400 دولار مسكّن لتمرير إستحقاق.. والنصيحة بعدم الإنجرار وراء السحب!

من يراقب البيانات والتعاميم الصادرة عن ​مصرف لبنان​ في المدة الأخيرة وخصوصاً منها التعميم الرقم 158 والمتعلق بإجراءات استثنائية لتسديد تدريجي لودائع ب​العملات​ الأجنبية، حيث يتم سداد مبلغ 400 دولار شهرياً من حسابات المودِعين الأجنبية، تضاف إليها حصة بالقيمة عينها يتم صرفها بالليرة بسعر المنصّة المستحدثة لدى مصرف لبنان المركزي، أي في حدود 12 ألف ليرة حاليًّا أو ما يوازي 4.8 ملايين ليرة اعتباراً من تموز المقبل، يقفز الى منطق التحليل أمران؛ اولهما: إن المُراد منها تهريب ما تبقى من ودائع المواطنين من جشع الدعم المقنّع والمتهّور الذي تفاخرت به الحكومة المستقيلة منذ عام تقريباً لتمويل ​التجار​ وخدمة التهريب و​إنقاذ​ الاقتصاد في البلد المجاور على حساب ​الاقتصاد اللبناني​، والأخطر على حساب المودع اللبناني الصغير الذي يعتمد في حياته على ما ادخره في المصرف بكد وجهد، على أمل ضمانة حياة لائقة وشيخوخة مأمونة .

ثانيهما: تطبيق ” هيركات” بصورة غير مباشرة على حسابات الودائع في ​المصارف​ لاسيما وإن المودع الراغب بالحصول على عملة ​الدولار​ سيكون مجبراً بالقبول بالحصول على نفس المبلغ بالليرة اللبنانية.

بعض الجهات المصرفية اعتبر التعميم مجحفاً بالنسبة إلى المصارف لأن كل ما تملكه الأخيرة لدى البنوك المراسِلة هو نسبة الـ3 في المئة من العملات الأجنبية التي كوّنتها وفق تعميم مصرف لبنان الرقم 154. وقد يستطيع بعضها وبصعوبة تطبيق مضمون التعميم وتحمّل صعوبته، مع الأخذ في الاعتبار خفض الاحتياطي الإلزامي للمصارف لدى مصرف لبنان إلى 14 في المئة بانخفاض 1 في المئة أي بما يوازي مليار ونصف مليار دولار،لكن التخوّف يكمن في حال تخطّت فترة تطبيق القرار فترة السنة ولم يتدخّل ​صندوق النقد الدولي​ لإنقاذ البلاد، عندها ستنضَب أموال المصارف في الخارج وبالتالي ، ستعمد البنوك المراسِلة إلى إقفال حسابات المصارف اللبنانية فتخرج عندها من الأسواق التجارية العالمية، تماماً كما أخرَجَها التوقف عن دفع الدولة ديونها المستحقة من سندات الـ”يوروبوند”، من الأسواق المالية العالمية.

من جهته، خبير مصرفي مراقب قال ” للاقتصاد” : كنت افضل بقاء هذه الأموال محفوظة في مصرف لبنان ، على ان تدفع حقوق المودعين كاملة في ما بعد.

ويقول: كان الاعتقاد سائداً ان دين لبنان هو بمعظمه داخلي وليس معرّضاً للمخاطر. إلا إن الأمور لم تكن كذلك، فالإعتراف الحالي بقيمة الدين لا يتجاوز ال 22مليار دولار، فيما تم شطب ما بين 70و 72مليار دولار. هذه اول ” دعسة ناقصة”، تبعهاعدم التفاوض المباشر مع الدائنين .

ويقول: في العام 2019، كان هناك حوالي 37 مليار دولار كاحتياط لم يبق منها اكثر من 13 مليار دولار اليوم بينما هناك اكثر من 20 ملياردولار من حق المودعين والمصارف. فالدولة تستسهل وتسترسل في وضع اليد على آخر فلس، مرة من اجل ​الكهرباء​، وأخرى من اجل الدواء والخ… ومن الطبيعي، ان لايكون لدى المصارف القدرة اللازمة لتطبيق التعميم رقم 158. من هنا، فإن هذا الاجراء يبدو كمسكّن موضعي، مرسوم له عدم الصمود وانما لتمرير استحقاق معيّن.

وبرأيه، انه على المودعين عدم المسّ بودائعهم والانجرار وراء سحبها بفعل هذا العروضات التي ما هي سوى مقدمة لعدم الإعتراف بكاملها. لقد اصبح واضحاً ان الدولة لن تدفع اي اموال بعد شطبها 72 ملياردولار. فكيف ستعترف بودائع اللبنانيين؟

ولكن يبدو ان ثمة من يراهن على عامل الوقت قبل حصد النتائج خصوصاً وان ​مجلس النواب​ ينشط على إقرار قانون الكابيتال كونترول الذي يبقى بدوره معقدّاً إضافة الى كونه لزوم ما لايلزم بعدما انتقال الحسابات الكبرى الى خارج البلاد.

 

مصدرالنشرة - رولى راشد
المادة السابقةغرفة بيروت تواصل سعيها لحلّ أزمة التصدير
المقالة القادمةالمصارف تُخفّض قيمة السحوبات الشهرية