اطلقت وزيرة الطاقة اللبنانية ندى البستاني في العاشر من الشهر الحالي دورة التراخيص الثانية في المياه اللبنانية بعد ان وافق مجلس الوزراء عليها وشملت دورة التراخيص الجديدة خمس بلوكات هي 1-2-8- و10 وبالتالي طرحت هذه البلوكات للمزايدة وفقا للاجراءات التي وضعتها وزيرة الطاقة.
وبغض النظر عن التأخير الذي رافق اطلاق دورة التراخيص الاولى، من حيث التحرك لاجبار العدو الاسرائىلي على محاولة منع الخطوات التنفيذية في البلوك رقم «4» بحجة ان جزءا منه يقع في المياه الاقليمية لفلسطين المحتلة، الا ان سير الامور بشكل طبيعي في دورة التراخيص الثانية تتطلب مسارعة لبنان على فتح قنوات التواصل الرسمية مع سوريا من خلال موافقة مجلس الوزراء – وفق مصادر سياسية على تواصل مستمر مع المسؤولين السوريين – لتحديد الحدود البحرية ما بين البلدين خصوصا ان لبنان تمنع في السابق عن طلب تشكيل لجان مختصة من البلدين لترسيم الحدود البحرية علما ان هناك مساحات بحرية واسعة داخل الحدود الاقليمية بين لبنان وسوريا تحتاج الى لجان ثنائىة من اجل انهاء هذه المشكلة.
وتوضح المصادر انه رغم الايجابية التي برزت في التوافق داخل الحكومة بالموافقة على اطلاق دورة التراخيص الثانية، الا ان هذا القرار يحتاج الى توافق اخر في الحكومة اللبنانية ونواته فتح باب التفاوض الرسمي بين الحكومتين من اجل ترسيم الحدود البحرية الشمالية للبنان حتى تتمكن وزارة الطاقة لاحقا من تلزيم البلوكين واحد واثنين في المياه البحرية الشمالية، ما يتيح الاسراع في استفادة لبنان من ثروته النفطية الغازية في هذين البلوكين، خصوصا ان عملية التنقيب والاستخراج فيها لا تحتاج الى فترة طويلة على اعتبار ان هذه الثروة موجودة على عمق بسيط لا يتجاوز الـ 40 مترا.
لذلك تشير المصادر الى ان ما اظهره بعض المعنيين في الحكومة من عدم وجود رغبة بالتفاوض المباشر مع دمشق وترك مسألة ترسيم الحدود البحرية شمالا، للجيش الروسي على اعتبار ان روسيا هي التي تنقب عن الغاز والنفط في المياه الاقليمية السورية مع حدود لبنان، وان التنقيب عن ثروة لبنان في البلوكين واحد واثنين ترجح ان يتم تلزيمها لشركات روسية، وعندها ستطلب الحكومة اللبنانية قيام موسكو بعملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، لا يعبّر عن جدية في حصول التلزيم لاحقا، لان لبنان منضبط لترسيم حدوده شمالا قبل اجراء عملية التلزيم.
الا ان المصادر توضح ان هذا التوجه للبعض من جانب المعنيين في لبنان خاصة رئىس الحكومة، ليس اكثر من تضييع للوقت بما هو حاصل بملف عودة النازحين السوريين، وبالتالي فالمدخل الفعلي لرغبة لبنان باجراء التلزيمات في هذين البلوكين يكون بالموافقة على اجراء مفاوضات رسمية بين الحكومتين، خصوصا ان القوانين الدولية تمنع على اي دولة اجراء تلزيمات في مناطق لم يتم ترسيمها مع دولة اخرى، ما يعني ان التلزيم لن يحصل قبل الوصول الى اتفاق بهذا الخصوص. وتعيد المصادر التذكير بما حصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية عامي 2010 و2013، حيث تم الاتفاق في عام 2010 خلال اجتماع بين رئيسي حكومتي البلدين، على ترسيم الحدود في اسرع وقت ممكن على ان يبدأ الترسيم من الحدود البحرية شمالاً، ولذلك يطلب من اللجنة المشتركة العمل لترسيم الحدود البحرية والبرية بدءا من الشمال.
وفي العام 2012 جرى تشكيل لجنة موسعة بعد اتفاق رئيسي حكومة البلدين على هذا الامر، لكن لبنان قام بخطوة منفردة عام 2013 بقيامه بترسيم حدود البلوكين واحد واثنين وعلى الاثر تقدمت وزارة الخارجية السورية باعتراض وتحفظ على خطوة لبنان وجرى تسجيله في الامم المتحدة ولذلك فالتلزيم يجب ان يسبقه حل مشكلة الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، حتى يتم رفع التحفظ السوري حتى يتمكن لبنان من اجراء عملية التلزيم في البلوكين المذكورين.
وانطلاقاً من ذلك، تقول المصادر ان الطريقة الاسهل والاسرع التي تتيح التلزيم، تكون باتفاق الحكومتين على تشكيل لجان مشتركة لترسيم الحدود، بحيث تكلف الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني مع معنيين في الوزارات الاخرى خاصة وزارة الطاقة ويتم تكليف لجنة شؤون البحار مع الجيش السوري لانجاز عملية الترسيم، اما، اذا استمر رهان البعض في لبنان على قيام روسيا بعملية الترسيم دون تفاوض مباشر بين البلدين، فذلك سيؤدي الى تكرار المماطلة والتأجيل في عودة النازحين السوريين، حيث لا زال البعض يراهن على قيام الجانب الروسي من خلال المبادرة التي كان بخصوص النازحين لانجاز العودة بينما تسريع العودة لتخفيف اعباء النزوح على لبنان تفترض «المزاوجة» ما بين المبادرة الروسية والتوافق اللبناني الرسمي مع سوريا من خلال اقرار الحكومة بتشكيل لجنة مشتركة وعندها يمكن للجانب الروسي ان يساعد في حلحلة كثير من التفاصيل.