“تسوية” أعادت سحوبات الليرة إلى طبيعتها

بعدما قامت القيامة ولم تقعد على خفض سقوف السحوبات الشهرية من قبل المصارف على حسابات الليرة اللبنانية، بعد تدبير مصرف لبنان القاضي بوضع سقوف للمصارف لسحوباتها النقدية من حسابها الجاري، فجأة وببساطة أعلنت جمعية المصارف ليلاً عودة السحوبات بالليرة إلى طبيعتها، في ما اعتبر بشرى سارة للبنانيين عموماً والتجار خصوصاً الذين رفعوا صرخة عالية خلال اليومين الأخيرين ضد هذا التدبير، فحذّر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس من أن يسجّل لبنان “رقماً قياسياً من حيث تداول دولة مركزية واحدة بأربع عملات مختلفة، وهي الدولار اللبناني، والدولار الأميركي، والليرة المحرّرة، والليرة المقيّدة، وهذه فضيحة موصوفة لبلد كان معروفاً بـ”مصرف العرب”.

فلو لم يستدرك البنك المركزي وجمعية المصارف هذا الأمر، ولم يتم التوصل إلى “تسوية” بينهما أمس، تقوم على تقاسم التكلفة في حال أرادت البنوك تجاوز الكوتا المخصصة لها عبر السحب من حسابها المجمّد، لكانت الليرة ستكتسب “تسعيرات” متعددة بين قيمة الليرة الكاش وتلك الموجودة في المصارف “بيرا” banking lira، وليرة بطاقة الإئتمان وليرة الشيكات، على غرار ما هو حاصل من تفاوت في قيمة الدولار بين الكاش والدولار المصرفي ودولار الشيكات وبطاقة الإئتمان.

وفي التفاصيل حول كيفية تقاسم التكلفة بين البنوك ومصرف لبنان، أوضح شمّاس لـ”نداء الوطن” أن “كسر” حساب المصارف المجمّد في “المركزي” يرتّب على البنوك خسائر مرتفعة جداً جرّاء خسارة الفوائد، من هنا تمّ الإتفاق بين جمعية المصارف ومصرف لبنان على تقليص قيمة هذه الكلفة وتقاسمها بين “المركزي” والمصرف الذي يريد تخطي الكوتا المسموحة له”. وأضاف: “لو لم يتمّ ايجاد حل لهذه المسألة ودخلت تدابير خفض سقف السحوبات حيّز التنفيذ، لكانت الدورة التجارية تأثّرت بشكل كبير لناحية المبالغ المسحوبة نقداً والتي لا تسمح بتوفير القدرة الشرائية المطلوبة للمستهلكين، وذلك بالتزامن مع عدم قبول عدد كبير من التجار بوسائل الدفع الإلكترونية والشيكات لعدم إمكانية تسييلها”.

وهنا لا بد من الإشارة الى أن غالبية المصارف كانت قد إنشغلت أمس، قبل صدور بيان جمعية المصارف ليلاً، بتحديد سقوفاتها الشهرية لحسابات الليرة اللبنانية بعد إجراء التخفيضات عليها، فبعض المصارف مثل اللبناني- الفرنسي أبقى على السحوبات على الـ30 مليون ليرة شهرياً، في حين حدّد بنك عوده وبنك لبنان والمهجر السقف عند 25 مليوناً كحد اقصى، واللبناني للتجارة عند 20 مليوناً و”الإعتماد اللبناني” 15 مليون ليرة، وفرنسبنك و”بيبلوس” و”سوسيتيه جنرال في لبنان” وبنك البحر المتوسط 10 ملايين ليرة، مقابل 6 ملايين ليرة لـ”بنك بيروت” و2 مليون ليرة للبنك اللبناني السويسري. أما اليوم ومع عودة سقوف السحوبات الى ما كانت عليه إستناداً الى بيان جمعية المصارف، فمن المفترض أن تعيد المصارف النظر بتلك الهوامش ورفعها مجدداً الى الحدّ الذي كانت تسمح به خلال الفترة الماضية.

مصدرباتريسيا جلاد - نداء الوطن
المادة السابقةعام على 17 تشرين..الإقتصاد من الأزمة الى الفاجعة
المقالة القادمة500 «عامل صحي» غادروا لبنان في ثلاثة أشهر