بات الطريق مفتوحاً أمام تطبيق خطة الإنعاش الاقتصادي في أوروبا لمرحلة ما بعد «كوفيد – 19» بعد إقرار قادة الاتحاد الأوروبي تسوية أول من أمس (الخميس)، تسمح برفع الفيتو الذي تفرضه المجر وبولندا مع المحافظة على آلية دولة القانون.
وقال وزير المال الألماني أولاف شولتز، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي: «أثبتت أوروبا قدرتها على التحرك وانتصرت على الأنانية. الاتفاق يوجه رسالة قوية، فدولة القانون تطبَّق وستطبَّق أينما كان في أوروبا».
وهنّأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، برلين التي قادت جهود التسوية هذه، في تغريدة قائلة: «أوروبا تمضي قدماً».
وتعاني هذه الخطة (750 مليار يورو) وميزانية الاتحاد الأوروبي للأعوام 2021 – 2027 (1074 مليار يورو) من الشلل، بسبب اعتراض المجر وبولندا اللتين تُتهمان بانتظام بعدم احترام القيم الديمقراطية. وهما تحتجان على آلية تشترط احترام دولة القانون للحصول على الأموال الأوروبية.
ولتجاوز هذه التحفظات، اقترحت ألمانيا تسوية تقوم على إرفاق الآلية التي لم تتغير، ببيان «توضيحي» يهدف إلى معالجة مخاوف البلدين، ينص على إمكان رفع شكوى أمام محكمة العدل الأوروبية بشأن شرعية الآلية قبل تطبيقها، حتى لو كان ذلك يعني تأخيرها لعدة أشهر.
ويحتاج البت بشكوى كهذه بشكل وسطي إلى 18 أو 19 شهراً، أي حتى موعد الانتخابات المجرية المقبلة. لكن ما إن تُعتمد، ستطبَّق الآلية مع مفعول رجعي اعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2021.
وعلق رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، على التسوية التي تمت خلال قمة قادة الدول والحكومات المنعقدة في بروكسل قائلاً: «انتهت المعركة. لقد وزّعنا صفعات ودافعنا عن مصالحنا». وأكد نظيره البولندي ماتيوش مورافيتسكي: «هذا انتصار… ستقتصر الآلية على معايير محددة»، تستبعد خصوصاً مسائل مثل الحق في الإجهاض وحقوق المثليين وسياسات الهجرة، حسبما قال.
وأعربت دول عدة عن ارتياحها لعدم إعادة النظر بالآلية. وكانت لوكسمبورغ وهولندا اللتان تتوخيان الصرامة في إنفاق الأموال الأوروبية قد أعربتا عن قلقهما من احتمال إضعاف الآلية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن «أوروبا تتقدم موحدة متمسكة بقيمها»، مرحباً بعدم «التضحية لا بالانتعاش (الاقتصادي) ولا بدولة القانون».
وقال النائب الأوروبي بيتري سارفاما، مقرر الآلية، إن «إعلان القمة لا أثر قانونياً له على آلية (دولة القانون) التي تم التفاوض بشأنها. إنها مجرد وثيقة تسمح لبولندا والمجر بحفظ ماء الوجه».
ويفتح رفع الاعتراض المجري البولندي الباب أمام إقرار البرلمانات الوطنية قراراً يسمح للمفوضية بصرف الأموال لتمويل خطة الإنعاش.
وهذه الحلحلة على صعيد الميزانية ستسمح للدول الأعضاء بإقرار أهداف جديدة تتعلق بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول 2030.
وقبل يومين من الذكرى الخامسة لاتفاق باريس حول المناخ، ستعطي الدول الأعضاء الضوء الأخضر للمفوضية لخفض الانبعاثات بنسبة «55% على الأقل»، مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه عام 1990 في مقابل 40% راهناً.
لكن النقاشات لا تزال حادة بشأن سبل تحقيق ذلك وكيفية توزيع الجهود. وترفض بولندا التي لا تزال تعتمد كثيراً على الفحم، تحديد أي هدف وطني، خشية تبعات اقتصادية كبيرة.
ومن أجل تجنب فيتو بولندي، قد تكتفي الدول الأعضاء بهدف «مشترك» يأتي «ثمرة جهد يأخذ في الاعتبار الإنصاف والتضامن من دون إهمال أي طرف»، على ما جاء في مسودة نتائج القمة التي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها.
واتفق القادة الأوروبيون على تنسيق أكبر في مواجهة الارتفاع الجديد في الإصابات بـ«كوفيد – 19» مع اقتراب عيد الميلاد.
وعرضت رئيسة المفوضية، مساء الخميس، على القادة الأوروبيين وضع المفاوضات مع بريطانيا بشأن مرحلة ما بعد «بريكست» غداة لقاء لها مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لم يسمح بتسجيل أي اختراق. والملف الحساس الآخر هي مسألة العقوبات على تركيا التي هدد الاتحاد الأوروبي في أكتوبر (تشرين الأول) بفرضها بسبب أعمال التنقيب عن الغاز التي تقوم بها أنقرة في مناطق بحرية متنازع عليها مع اليونان وقبرص.
وقرر قادة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل أول من أمس (الخميس)، فرض عقوبات على تصرفات تركيا «غير القانونية والعدوانية» في البحر المتوسط ضد أثينا ونيقوسيا، حسبما قالت مصادر دبلوماسية وأوروبية عدة لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال دبلوماسي إن «الإجراءات التي تم إقرارها ستكون عقوبات فردية، ويمكن اتخاذ إجراءات إضافية إذا واصلت تركيا أعمالها».
وتنص مسودة القرارات على نهج على مراحل مع إضافة أسماء جديدة إلى اسمين تتضمنهما لائحة سوداء بسبب عمليات تنقيب في قبرص، وإعلان عقوبات إضافية في حال تواصلت نشاطات تركيا غير المشروعة.