تشهد مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الدكوانة كما في غالبية المحافظات توافد عدد كبير من المواطنين من أجل «تشريع» قيادتهم على طرقات لبنان التي تطرح سلامتها العديد من التساؤلات، ليجدوا أنفسهم أمام طوابيرٍ من السيارات والآليات التي تبيت لأيامٍ على الطرقات المؤدية إلى «النافعة» قبل الدخول في «جلجلة» تعقيب معاملاتها وإنجازها، وسط تأخير كبيرٍ في إنجاز دفاتر السوق وتجديد تلك المنتهية الصلاحية التي تعرّض حاملها للمساءلة القانونية وعدم إعتراف شركات التأمين بها في حال تعرضه لأي حادث بعيداً عن الأخذ في الإعتبار الأسباب التعجيزية التي تحول دون تجديدها.
ويأتي هذا التهافت على تسجيل السيارات بعد إضرابٍ استمر أشهراً لموظفي القطاع العام، وتقدم المداولات من أجل إقرار الدولار الجمركي الذي سيرتد بشكلٍ كبيرٍ إرتفاعاً في أسعار السيارات والآليات المستوردة حديثاً بشكلٍ خاص، إلى جانب الضائقة المادية التي دفعت العديد من متوسطي الدخل إلى الإستعاضة عن سياراتهم الكبيرة والرباعية الدفع بأخرى تناسب قدراتهم الشرائية جرّاء الإرتفاع الكبير في أسعار المحروقات، ما أدى إلى تحويل الطرق المؤدية إلى «النافعة» إلى مرأب كبيرٍ للسيارات والآليات التي تنتظر أياماً في «طوابير» من أجل الحصول على رخص السير في حين يطرح التأخير في إنجاز دفاتر السوق العديد من التساؤلات لجهة التحديات التي تمرّ بها الشركة المشغلة لهذا القطاع.
وفي السياق، توضح المديرة العامة لمصلحة تسجيل السيارات والآليات هدى سلوم لـ «نداء الوطن» أن تهافت المواطنين من أجل إنجاز معاملاتهم بعد الإضراب الطويل لموظفي القطاع العام الذي انعكس بدوره على «المصلحة» عبر إقفال الصناديق العائدة إلى المالية، أدّى إلى هذا الإزدحام الكبير الذي تشهده «النافعة» مؤخراً، ليضاف إلى ذلك، إمتناع بعض الموظفين عن الإلتحاق بعملهم قبل تحقيق مطالبهم، رغم تعليق الإضراب الشامل لموظفي القطاع العام.
ولا تقتصر التحديات التي تواجهها مصلحة تسجيل السيارات والآليات على هذا الحدّ، لتؤكد المديرة العامة أيضاً أن تفاقم المشاكل التي تواجهها «النافعة» يأتي جرّاء النقص الفادح في الإعتمادات، وصعوبة تأمين البدائل لرخص السير والسوق التي يتم إنجازها، ما يطرح العديد من التساؤلات حول قدرة المؤسسة على الإستمرار في هذه الظروف الصعبة. ومع انضمام النقص الفادح وعدم القدرة على تأمين المحروقات إلى سلّم المطالب في جميع المؤسسات، ناشدت سلوم وزارة المالية تحويل الإعتمادات الخاصة العائدة للمؤسسة من أجل القدرة على تأمين المازوت وتسيير أعمال المواطنين، داعية المعنيين إلى النظر في الظروف الصعبة التي تمرّ بها المؤسسات العامة، والتي تدفع المواطنين إلى التهافت على إتمام معاملاتهم قبل أن تؤدي الصعوبات إلى تعطيل المؤسسات، وصولاً إلى توقفها أكان بسبب الضائقة المالية أو جرّاء تجدد الإضراب في القطاع العام.
ورغم تهافت المواطنين بكثرة من أجل إتمام معاملاتهم، تفتح المصلحة أبوابها أمامهم أيام الإثنين والثلثاء والأربعاء من أجل إنجاز المعاملات الإدارية، في حين خُصص يوما الخميس والجمعة من أجل الكشف على السيارات والآليات. واعتبر أحد معقبي المعاملات أن هذا الإجراء يهدف إلى تسهيل أمور المواطنين وتخفيف الأعباء على الموظفين كما على الإدارة، موضحاً أن تعليق إضراب الموظفين في القطاع العام أتى بعد اتفاق المعنيين على تأمين الحضور لـ 3 أيام في الأسبوع في جميع الإدارات العامة، مشيراً إلى أن الحضور في النافعة إقتصر على بداية الأسبوع من الإثنين إلى الأربعاء، في حين يستمر العمل لساعات متأخرة يومي الخميس والجمعة من قبل موظفي «النافعة» للكشف على السيارات وتحضير الملفات دون القدرة على استكمالها أو تسديد المتوجبات التي تتطلب حضور أمناء صناديق المالية.
ومن المفارقات، أنه ورغم الطقس الحار يجد المواطنون أنفسهم أمام الإلتزام في ثقافة «الطابور» والمبيت في سياراتهم من أجل إنجاز معاملاتهم التي تستغرق أياماً بعد الكشف على آلياتهم، في حين تستمر القوى السياسية في إفراغ المؤسسات وشلّ قدراتها على الإستجابة لحاجات المواطنين، وأقلّها الحصول على رخصة سوق!.