تشكيل الحكومة «نقطة» في «بحر» الإصلاح المالي والاقتصادي المطلوب

لم يعد موضوع استعادة ثقة الاسواق المالية والمستثمرين الاجانب هماً، كما كان في السابق، على تأليف الحكومات الجديدة في لبنان. ولم يعد الاستقرار السياسي، كما كان في السابق، عاملاً رئيساً لحلّ الازمات المالية والاقتصادية واستقطاب الدولارات الى القطاع المصرفي اللبناني. الازمة الحالية أكبر وأعمق من ذلك، ومسار الاصلاح، في حال انطلاقه، طويل ومعقّد وموجع، آمال كثيرة وكبيرة معقودة على أي شخص يفلح في توفير الاستقرار السياسي المطلوب للبدء بمسار اصلاح طويل على كافة الاصعدة، علماً ان توجيه البلاد نحو سكة الإنقاذ، في حال حصوله، لا يعني حلّ الازمات بين ليلة وضحاها، وعودة الوضع الى ما كان عليه قبل ثورة تشرين،

في هذا الاطار، اوضح الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري ان تشكيل الحكومة لا علاقة له بحلّ الازمة المالية والاقتصادية، بل له علاقة فقط بإدارة المستوى الحالي الذي بلغته الازمة في البلاد. مؤكداً لـ»الجمهورية» ان تأليف الحكومة يطرح احتمال البدء بمسار طويل لمعالجة الازمة وليس حتمية المعالجة.

ولفت الى ان «شروط ومعايير حلّ الازمة مرتبطة بمستوى «القاع» الذي سنبلغه حين تبدأ عملية الإنقاذ، وهو الامر الذي نجهله لغاية الآن، ولكن بغضّ النظر عن تلك المعايير، هناك عناصر رئيسية لا يمكن تجاوزها تسبق الحلّ المنشود، وهي:

– لا حلّ للازمة الاقتصادية من دون حوكمة سليمة للقطاع العام، حتّى في حال خصخصة ثروات البلاد.

– وضع استراتيجية اقتصادية شاملة ومتكاملة ترتكز على أفضليات الاقتصاد اللبناني، وهي: السوق المالي، القطاع التربوي، القطاع الصحي، القطاع السياحي، التكنولوجيا وريادة الاعمال. مع الاشارة الى ان تحديد هوية وشكل الاقتصاد الذي نريده، هو أولوية يجب بناء استراتيجية الحكومة على اساسها.

– بيئة سليمة ومناسبة للاعمال، اي اعادة هيكلة القطاع المصرفي، التوصل الى اتفاق مع الدائنين الدوليين لتسديد مستحقات لبنان المتأخرة، سياسة مستقرّة وغير ثابتة لسعر الصرف، التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج إنقاذ.

واشار الى ان تأليف الحكومة لا يعني استقرار سعر الصرف ولا يعني توفر المازوت والادوية، لأنّ الاصلاح والشرط المطلوب دوليا اليوم هو تحرير سعر الصرف، مما سيستوجب تأمين دولارات اضافية من قبل المستوردين الذين يتقاضون كلفة السلع المستوردة بالليرة اللبنانية من السوق، وبالتالي فإنّ تحرير سعر الصرف لن يزيد عرض الدولارات في السوق بل يخفف الضغط على مصرف لبنان ويحدّ من الاستنزاف الحاصل في احتياطه من العملات الاجنبية. وقال ان تحرير سعر الصرف رغم انه لا يعالج أزمة الدولار والتضخم، هو أفضل من مواصلة سياسة الدعم الفاشلة.

مصدرجريدة الجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةتعميم لمديرية للطيران المدني يتعلق بالركاب القادمين إلى لبنان ابتداء من 6 آب
المقالة القادمةتعاون سعودي ـ بريطاني في حماية المناخ واقتصاد الفضاء