كان ينقص الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يعاني منه لبنان عدم تعيين نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة الذين انتهت ولايتهم مطلع نيسان الماضي، حيث علّق الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، مستغربا كيف يُحرم مصرف لبنان من الاشخاص الذين يجب ان يكونوا في مجلسه المركزي الذي يقوم عمله الاساسي اخذ القرارات، وهذا الامر ليس ايجابيا، لا للمصرف المركزي، ولا للاسواق ولا لسمعة لبنان، بل انه يشكل اكبر دليل على ان دخول السياسة الى القطاع المصرفي “تخرّبه”، حيث ان الاسواق المالية لا تحتمل هكذا خضّات.
وفي حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، قال عجاقة: على الرغم من قدرة الحاكم رياض سلامة على ادارة الامور، لكن قانون النقد والتسليف واضح لجهة ان حاكم المصرف المركزي يحتاج الى اربعة نواب ليقوم بمهامه، وبدونهم يكون العمل منقوصا، معتبرا ان عدم التعيين موجه ضد مصرف لبنان.
ووسط هذا الواقع الذي يعاني منه البلد، حيث تتحدث اوساط اقتصادية عن اتجاه لدى مؤسسات التصنيف الدولية الى تخفيض تصنيف لبنان الائتماني، قال عجاقة: نعرف ان المالية العامة تعاني، كما نعرف ايضا ان التصنيف يقوم على عدة عوامل من بينها الوضع المالي، والوضع الاقتصادي، والوضع النقدي، وبشكل اساسي الوضع السياسي.
واضاف: اذا حصل التخفيض، وهو مرجح وفق سيناريوين:
– المحافظة على نفس التصنيف مع نظرة سلبية،
– او تخفيض التصنيف درجة مع نظرة مستقرة.
وتابع عجاقة: تخفيض التصنيف سيكون بالدرجة الاولى نتيجة التخبط السياسي، وليس لشيء آخر، لان الاسواق استوعبت الوضع المالي للدولة اللبنانية، وبالتالي لا جديد قد يؤدي الى الخوف من “ازمة” معينة. كما لا يوجد اي معلومات اضافية جديدة على الوضع المالي، ممكن ان تخفّض تصنيف لبنان اكثر مما هو عليه اليوم.
وخير دليل على ذلك اعلان مؤسسة “غولدمان ساكس”، منذ نحو اسبوعين، ان سندات الخزينة اللبنانية اليوروبوندز هي اقل من قيمتها الحقيقية، لان ذلك يعكس مخاوفا سياسية اكثر مما هي مخاوف مالية.
وهنا اشار عجاقة الى ان العنصر الاساسي الذي يمكن ان تأخذ مؤسسات التصنيف كـ “ستاندرد اند بورز او موديز او فيتش” او ما سواها في الحكم على الوضع اللبناني، هو الحكومة، وليس التوافق بين هذا الحزب او ذاك.
وردا على سؤال حول الموازنة، قال عجاقة: ان الجهات والدول المانحة لا تنظر الى الموازنة كمستند دقيق ستلاحق الحكومة بناء على تطبيقه، بل ان هذه الجهات تعرف انه لا يمكن للحكومة الالتزام باي نص وذلك في ضوء تجربة العام 2018. واضاف: لكن ما يهم هو اقرار الموازنة، حيث انه بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية، ستفتح مراحل جديدة تمتد لخمسة اشهر من اجل الاستفادة من الاجراءات المنصوص عنها، قائلا: بمعنى آخر نشر الموازنة في الجريدة الرسمية يشكل جواز سفر للمطالبة بتطبيق مقررات مؤتمر “سيدر”.
وتابع: على الرغم من اهمية هذه الخطوة، تبقى عقبة اساسية امام تنفيذ “سيدر” تكمن في انه على الحكومة الاعداد وتقديم المشاريع.
وفي حال استمر تعطيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء، اوضح عجاقة انه يمكن للحريري ان يتابع الملفات من خلال موقعه بعد ان يحظى على موافقة شفهية من مجلس الوزراء.