أظهرت مؤشرات حديثة أن ديون الاقتصادات النامية زادت بأكثر من الضعف خلال العقد الماضي مع تتالي الأزمات التي كانت انعكاساتها واضحة على الحكومات ونشاط الشركات والمستهلكين.
وذكر البنك الدولي في تقريره السنوي حول الديون أن هذه الدول راكمت ديونا بلغت 9 تريليونات دولار بنهاية العام الماضي، مؤكدا أن مخاطر وقوعها في أزمة قد ازدادت.
وأشار إلى أن حوالي 60 في المئة من أفقر البلدان توشك على مواجهة أزمة ديون أو أنها تواجهها فعلا، لاسيما في ظل انخفاض قيمة عملتها في مقابل الدولار في سوق الصرف لأن الدين غالبا ما يكون مقوما بالدولار لكن أيضا بسبب ارتفاع معدلات الفائدة هذا العام.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس إن “أزمة الديون التي تواجهها البلدان النامية قد اشتدت ويواجه الكثير منها مخاطر مالية وعدم استقرار سياسي مع وقوع الملايين من الأشخاص في براثن الفقر” إذا لم تتخذ خطوات لمساعدتهم.
وأضاف “الصورة قاتمة بالنسبة إلى الدول النامية… تأمين الكهرباء والأسمدة والأغذية والأموال سيكون محدودا لفترة طويلة”.
ومن الصعوبات الإضافية التي تواجهها أكثر البلدان فقرا، أنها تنفق الآن أكثر من عشرة في المئة من دخلها السنوي من الصادرات لسداد ديونها، وهو أعلى مستوى منذ بداية الألفية الثالثة.
وينبغي لها أيضا سداد مبالغ كبيرة. ففي هذا العام، على البلدان التي يمكنها الاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي أن تسدد أكثر من 62 مليار دولار، وهي زيادة كبيرة على سنة. وسيخصص ثلثا هذا المبلغ للصين.
وتغيرت تركيبة دائني البلدان النامية بشكل كبير كما ذكر البنك الدولي، فكانت الديون حتى فترة قصيرة وبشكل كبير بأيدي الدول الأعضاء في نادي باريس، والتي تضم عشرين دولة منها مجموعة السبع وروسيا.
أما الآن فباتت هذه الديون بشكل أساسي بأيدي القطاع الخاص، وتشمل بنوكا وصناديق استثمار وغيرها، بما يصل إلى نحو 61 في المئة.
وشهدت الكثير من الدول غير الأعضاء في نادي باريس وعلى رأسها الصين والهند والكثير من دول الخليج زيادة في حصتها بحيث تمثل الصين وحدها في بعض الأحيان نصف القروض من دولة أخرى.
ويؤدي تعدد الجهات إلى زيادة تكاليف الاقتراض للبلدان المعنية ويزيد من صعوبات إعادة هيكلة ديونها قبل أن تخرج عن السيطرة، كما كان الحال مؤخرا في سريلانكا مع عواقب وخيمة في كثير من الأحيان على الدول المعنية.
وثمة مشكلة أخرى تتمثل بالمعلومات المتعلقة بالديون لاسيما بين الدول والتي غالبا ما تكون غير كاملة.
وقال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي أندرميت غيل “غياب الشفافية هو أحد أسباب وقوع الدول في أزمة”.
وأضاف “تسمح الشفافية بفاعلية أكبر لإعادة جدولة الدين لتستعيد الدول سريعا استقرارها المالي والنمو”.
وكان بنك جي.بي مورغان قد أكد الشهر الماضي أن حجم السندات الحكومية وسندات الشركات في الاقتصادات الناشئة التي بيعت هذا العام هوت.
وقال في مذكرة “لقد جعلت قفزة في تكاليف الاقتراض العالمية الكثير منها إما غير راغبة أو غير قادرة على طرق الأسواق الدولية”.