تطبيق إسرائيلي يقتحم هواتفنا: هل سهّلت “سامسونغ” التجسّس؟

فصل جديد من فصول التجسّس الإسرائيلي على هواتف اللبنانيين والولوج إلى بياناتهم واستخدام التقنيات الحديثة لتحديد هويّاتهم، ينكشف أخيراً من خلال اتفاق بين شركة سامسونغ Samsung الكورية وشركة آيرون سورس IronSource الإسرائيلية، يتيح تحميل تطبيق على بعض هواتف شركة سامسونغ في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، ومن ضمنها لبنان. ويسمح التطبيق بتحميل برنامج يعمل على الوصول إلى المعلومات الشخصية لصاحب الهاتف ومعلومات أخرى.

والأخطر في هذه القضية، هو إمكانية تحميل التطبيق بدون معرفة صاحب الهاتف، فضلاً عن أن إزالته أمر صعب ويكاد يكون مستحيلاً، نظراً للتعقيدات التقنية المطلوبة.

طريقة جديدة لجمع البيانات
فتحت الحرب الإسرائيلية على لبنان منذ تشرين الأول 2023 العيون على مسألة التجسّس والتشويش، وبات الاطّلاع على مزيد من التفاصيل التقنية لهذا الموضوع، أمراً جاذباً لشريحة واسعة من اللبنانيين. وفي كل مرّة تنكشف المزيد من التفاصيل عن انغماس العدوّ الإسرائيلي في تتبُّع خطوات اللبنانيين وغير اللبنانيين. ليتّضح أن التشويش على أنظمة الملاحة الجوية وأجهزة تحديد المواقع كان أشبه بعملٍ بدائي بسيط، مقارنة مع تمكُّن العدوّ من تفخيخ وتفجير أجهزة الاستدعاء “البيجر” وأجهزة الاتصال اللاسلكي Walkie Talkie بعناصر حزب الله.

أبعد من ذلك، اكتشفت منصة “سميكس” Smex المعنية بحماية حقوق الإنسان في الفضاءات الرقمية، وجود عقد شراكة بين سامسونغ وآيرون سورس، موقَّع منذ العام 2022، تُحمِّل سامسونغ بموجبه على هواتفها من سلسلة A وM (Samsung A25 – M13 على سبيل المثال لا الحصر) تطبيقاً يدعى “آب كلاود” AppCloud “وغالباً ما يكون التطبيق مثبتاً في الجهاز بشكل مسبق، حتى بدون تحميله من قِبَل الشخص الذي سيشتري الجهاز من السوق، أو يُفرَض التطبيق على الجهاز من خلال عملية التحديث من دون موافقة صاحبه”، وفق ما أكّده لـ”المدن” مدير برنامج الإعلام في منصة “سميكس” عبد قطايا، الذي أشار إلى أن “تطبيق “آب كلاود” يقوم بتثبيت برنامج يدعى “أورا” Aura الذي بدوره يقترح على المستخدِمين تنزيل بعض التطبيقات على هواتفهم، والتي تسمح بجمع البيانات والمعلومات الشخصية ومعلومات تتعلّق بالجهاز مثل الـIP وأمور أخرى مثل بصمة صاحب الجهاز، وهذه معلومات تسهِّل تحديد هوية مستخدم الجهاز”.

ويضيف قطايا أن هذه العملية “منتشرة في أكثر من 50 سوقاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”. ما يعني أن عملية جمع البيانات ليست محصورة فقط في لبنان.

صعوبة إلغاء التطبيق
التفاصيل المتعلّقة بالتطبيق والبرنامج المرتبط به تطرح الكثير من التساؤلات التي تجعله محطّ شكوك واضحة. فالتطبيق يمكن فرضه على المستخدمين ويمكن تحميله بدون موافقتهم، لكن الأغرب هو “عدم امكانية وقف نشاط التطبيق أو رفض أي أذونات يطلبها”. علماً أن التطبيق، بحسب قطايا “يدّعي حفاظه على سياسة الخصوصية التي تعطي المستخدم خيار وقف جمع البيانات، وذلك عبر تعطيل “آب كلاود”، لكن لدى التوجّه لحذفه من الجهاز، يتبَيَّن وجوب مَلء نموذج غير موجود فعلياً، كما أن حذف التطبيق يتطلَّب مهارات تقنية”.

ومع أن المستخدم يمكنه الدخول إلى قائمة إعدادات جهازه ثم إلى خانة التطبيقات والبحث عن تطبيق آب كلاود وضغط زر التعطيل “إلاّ أنه قد لا يتمكَّن من حذف التطبيق كلياً عن الجهاز، رغم تعطيله”. وهذا الأمر يزيد الشكوك حول جدية عدم استمرار عمل التطبيق رغم تعطيله، أي أنه قد يتعطَّل ظاهرياً ويستمر بالعمل فعلياً.

وفي ظل الصعوبات المرافقة لتعطيل التطبيق أو الحدّ من نشاطه على الأقل، يلفت قطايا النظر إلى “ضرورة عدم خوف المستخدمين من كلّ عملية تحديث لهواتفهم. فليست كل عملية تحديث تنطوي بالضرورة على تحميل تلقائي للتطبيق المقصود”.

التواصل مع سامسونغ
يسعى العدوّ الإسرائيلي لاستغلال كل الفرص لتحقيق التفوّق التكنولوجي، لكن يستغرب قطايا كيف تقوم شركة سامسونغ بإتاحة الفرصة لتحميل تطبيق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حين أن هذه المنطقة معروفة بأنها منطقة صراعات مع إسرائيل. كما أن صعوبة إلغاء التطبيق أو مسحه عن الهواتف، تستدعي “التواصل مع شركة سامسونغ لمعرفة التفاصيل، وهذا ما ستعمل عليه “سمكس” في محاولة لوقف هذا الإجراء”.

تفاصيل أخرى لا تزال غير مكتشفة في هذا الملف، لكن الاستنتاجات غير صعبة. فهذه الخطوة لا تخرج من دائرة الاشتباه بأن العدوّ يقوم بخطوات استباقية على المستوى التكنولوجي والأمن السيبراني والتحضير لأي حرب محتملة في لبنان والمنطقة، وهذا ما أتاح له جمع المعلومات عن اللبنانيين لفترة من الزمن سبقت الحرب الراهنة، تماماً كما حَضَّرَ صفقة أجهزة الاتصالات التي أتاحت له استهداف عناصر حزب الله عند الضرورة. ومن غير المستَغَرب أن يكون العدوّ قد لجأ لنشر التطبيق عبر هواتف من سلسلة A وM من هواتف سامسوتغ، نظراً لسعرها الذي يعتبر في متناول الشريحة المتوسطة والفقيرة من الناس، ما يسهِّل انتشارها وتالياً جمع المعلومات عن شبكة اوسع من الناس.

وبما أن شركة سامسونغ ارتبطت مع شركة إسرائيلية وفق عقد محصور بمنطقة يعرف العالم خصوصيّتها لجهة التعامل مع إسرائيل، فإن الشركة، عن قصد أو غير قصد، قد سهَّلَت للعدو عملية التجسّس علينا.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةاتهامات إسرائيلية لشركات تحويل أموال…ومصادر مصرفية تؤكد شفافية العمليات
المقالة القادمةإختتام وتوزيع شهادات الدورة التدريبية للإستخدام التقني لأنظمة الطاقة الشمسية في غرفة تجارة طرابلس الكبرى