لم تصدر حصيلة اليوم الأول من بدء العمل بتعليمات وزير الداخلية بسام المولوي إلى شرطة بيروت لتطبيق قانون السير بعد، إلا أن الأمر لم يمرّ مرور الكرام لدى سائقي السيارات والدراجات النارية المعرّضة للحجز. ذلك أن المقتضى القانوني الذي يطالب به الوزير يفترض أن تكون الدولة أيضاً ملتزمة به وبتوفير مقوّمات تطبيقه. فماذا تعني المطالبة بتوقيف الدراجات النارية المخالفة لقانون السير إذا كانت مصلحة تسجيل السيارات مقفلة؟ يسأل الناشط وليد بركس «يلي جاب دراجة نارية جديدة كيف بسجلها؟ أو ما بيضهر فيها وبضل يدفع تاكسي كرمال الدولة ما تحجزه… الدولة بدها تطلع مصاري من المعترين». بدوره ينتقد فادي مرق القرار بقوله: «كيف المواطن بدو يكون قانوني وما في لا تسجيل سيارات ولا دفاتر سواقة ولا دفع ميكانيك… افتحوا النافعة بعدين طبّقوا القانون».
يتعامل الوزير في بيانه الأخير مع قانون السير كما لو كنا في سنة 2019 قبل الانهيار الاقتصادي الذي هبط بأكثر من 70% من الناس إلى خط الفقر. لذا تأتي المطالبة بتطبيق القانون كأنها موجهة حكماً ضد الفقراء الذين يلجأون إلى الدراجات النارية لتسهيل حركتهم، في ظلّ غلاء أسعار المحروقات.
قطاعات السير المعطّلة
يعدّد أمين سرّ جمعية «اليازا» كامل إبراهيم ما يعتري الحديث عن تطبيق القانون في هذه الظروف من شوائب يجب إصلاحها، بدل وضع عناصر القوى الأمنية في مواجهة عامل «الديليفري» الذي يحتجزون دراجته النارية التي يعتاش منها فيما إدارات الدولة مغلقة ولا تمكّنه من تسوية أوضاعه. يقول: «كلّ قطاعات السير شبه معطلة، تبدأ من الإشارات الضوئية المطفأة بأغلبها. غرفة التحكم المروري تلفت غالبية شاشاتها بسبب انفجار المرفأ في آب 2020، وعناصر قوى الأمن الداخلي لا يعرفون حال الطرقات إلا من خلال الاتصالات، أضف إلى ذلك غياب التيار الكهربائي عن الغرفة. عدم تأهيل الطرقات المليئة بالحفر يعرّض السلامة العامة للخطر أكثر من المخالفات التي فرضتها الأزمة».
كما ينتقد إبراهيم تطبيق القانون بشكل جزئي ما يجعله مرتجلاً لا يواكب المتغيرات على أرض الواقع، «فالأولى أن يطبق الوزير المولوي وهو قاض، القانون على نفسه، من خلال دعوة اللجنة الوطنية لإدارة السلامة المرورية برئاسته إلى اجتماع لاتخاذ القرارات المتعلقة بالسير على ضوء الواقع، وهي لجنة يجب أن تجتمع مرة على الأقل كل شهر بحسب القانون، وقد اجتمعت آخر مرة قبل يوم 17 تشرين 2019 بأسبوعين في عهد الوزيرة ريا الحسن».
أسباب أمنية
مصادر وزارة الداخلية لا تجيب على هذه الأسئلة، بل تكرّر في اتصال مع «الأخبار» ما سبق أن ورد في بيان الوزير من «حرص على السلامة العامة، بعد ورود شكاوى كثيرة إلى الداخلية وخصوصاً في بيروت، أتى قراره بتوقيف سيارات النقل العام بلوحات خصوصية أو مزوّرة والتي يعتدي أصحابها على لقمة عيش أصحاب السيارات العمومية النظامية». أما في ما خصّ الدراجات النارية، فشدّدت المصادر على أن هذا القرار «أتى لأسباب أمنية بعد تكاثر الدراجات غير المسجّلة وبعد شكاوى عديدة من المارّة والمشاة الذين يتعرّضون للسرقة والنشل ومختلف أنواع الجرائم». وأضافت المصادر أن «ما اعتاد عليه البعض لجهة استخدام دراجات نارية مخالفة ومن دون ضوابط هو أمر فضلاً عن مخالفته للقانون يهدّد الوضع الأمني ويؤدي الى ترويع المواطنين ويشكل تهديداً لأمنهم وسلامتهم وممتلكاتهم».
لا يرفض الخبير في السلامة المرورية كامل إبراهيم ضرورة تطبيق القانون، لكن في الظروف الحالية لا بأس بتطبيقه وفقاً للخطورة والأولوية وهي برأيه «تأمين سلامة الناس التي تُعدّ أهم أهداف القانون: ومنها توقيف وتحرير محاضر بحق الشاحنات ذات الحمولة الزائدة، تركيب رادارات لمراقبة السرعة وعدم التهاون مع المخالفين ومن يقود بعكس اتجاه السير والقيادة تحت تأثير الكحول، وتوقيف العائلات التي تركب دراجة نارية واحدة، وإقامة خطة ردع حقيقية تجعل الناس يمتثلون حقاً للقانون».