تعاقد المعلمين مع «أونروا»: تلاعب وسمسرة ومحسوبيات

التجربة نفسها تتكرر كل عامين عندما يخضع المعلمون المثبتون والمتعاقدون اليوميون في مدارس وكالة الأمم المتحدة للغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لتقييم يحدد استمرارهم مع الوكالة أو الاستغناء عن خدماتهم. التقييم الدوري ينقسم إلى امتحان خطي ومقابلة شفهية ويحصل، بحسب مصادر المعلمين، وسط إضاعة المعايير لاحتساب علامة النجاح واختيار الفائزين.

هذا العام، لم يكن الاختبار الخطي، الذي يحدد عادة المستوى الأكاديمي والتخصصي لحاملي الإجازات الجامعية، المعيار الحاسم في احتساب العلامة، أو هذا على الأقل ما فهمه المعلمون القلقون على وظيفتهم من رسالة أرسلها أحد الموظفين المعنيين لبعض الممتحنين حين قال إن «المقابلة هي المفصل وأن الامتحان هو وسيلة للوصول إلى المقابلة، على أن يتم اللجوء إلى معايير أخرى في حال كانت علامة المقابلة متساوية».

النتائج لم تصدر بعد، لكن الوقائع المتتالية منذ إجراء الامتحان الخطي كانت كافية لزرع الشكوك لدى المعلمين لجهة فتح التقييم على لعبة المحسوبيات، وفق ما أفادت إحدى المعلمات، إذ أن عدد الفائزين في الامتحان الخطي الذين اتصلت بهم دائرة التعليم للمشاركة في المقابلة الشفهية كان في البداية 20 معلماً فقط في كل مادة وتبعاً للمحافظة. «إلا أن تدخلات بعض الأحزاب اللبنانية (باعتبار أن 30 في المئة من التوظيف في الأونروا يذهب إلى اللبنانيين)، والفصائل الفلسطينية واتحاد الموظفين فرضت أن يسمح بالمشاركة في المقابلة لكل من نال علامة 50 من 100 وما فوق. علماً بأن الوكالة أبلغت هؤلاء في وقت سابق أنهم غير مؤهلين للخضوع للمقابلة». وبحسب المعلمة، تمارس إدارة الوكالة ترهيباً ضد المعلمين كي لا يخرجوا تفاصيل ما يحصل للعلن، علماً بأن المسألة ليست فردية والمتضررين كثر.

ما يثير ريبة المعلمين هو أن هذا «الخرق» التربوي الفاضح يعني لبنان فقط دون بقية الأقطار الأربعة الأخرى حيث تعمل الوكالة (غزة والضفة الغربية وسوريا والأردن). «فهناك تخصص 60 في المئة من العلامة للامتحان الخطي و40 في المئة للمقابلة». بعض المتضررين قالوا أنهم سيعترضون لدى السفارات والدولة المانحة ويطالبون بمقابلات من متخصصين تربويين في الأردن.

عضو اللجنة القطاعية لاتحاد المعلمين الفلسطينيين، ماهر طوية، قال إن «الاتحاد فوجئ بإغفال الامتحان الخطي واقتصار التقييم على المقابلة، وهذا معيار مرفوض بالنسبة إلينا وسيكون على طاولة اجتماعاتنا المقبلة، لكننا لم نفتح حرباً فوراً لكوننا علمنا بالأمر في وقت متأخر ولو اعترضنا كنا سنؤخر الامتحانات، نظراً للبيروقراطية الموجودة في معاملات الوكالة، ما سيؤدي إلى إرباك في العام الدراسي المقبل نتيجة النقص في أعداد المعلمين».

مصدر في اتحاد موظفي الأونروا وعضو في اللائحة المعارضة لاتحاد المعلمين أكد «أننا تبنَّينا قضية الممتحنين لجهة أهمية احتساب الامتحان الخطي، ورفعنا رسالة إلى المفوض العام للأونروا نطالب فيها برفع الظلم عنهم وعدم تمييع الشفافية، وأن يكون هناك حد أدنى من المعيارية كما كان يحدث سابقاً، وقد وعدنا بتشكيل لجنة تحقيق تدرس الحالات بشكل فردي، وننتظر الإيفاء بهذا الوعد كي لا تحدث سابقة خطيرة تضرب صدقية إدارة الوكالة». وانتقد «الالتفاف على القوانين، لاسيما لجهة إخفاء علامة الامتحان كأنها سر من أسرار الآلهة». تواصلنا مع إدارة الوكالة عبر مكتبها الإعلامي وأرسلت إليه أسئلة المرشحين من دون أن تلقى جواباً لا سيما لجهة غياب المعايير والأعداد المطلوبة، وعن حقيقة خفض المعدل إرضاء للمحسوبيات وأسباب عدم كشف علامات الامتحان الخطي وتغييب الوسائل في غرفة المقابلات.

مصدرجريدة الأخبار - فاتن الحاج
المادة السابقةمؤتمر باريس: “قلب” المجتمع الدولي على لبنان و”قلب” لبنان على… استمرار الفساد
المقالة القادمةالصليب الأحمر الدولي مدد مساعداته في لبنان لمواجهة الأزمة الاقتصادية