تعديل التعميم 151 يُربح المودعين “جولة” ويُثير الخشية من خسارة الإقتصاد “الحرب”

أعين المودعين شاخصة نحو نهاية أيلول لِما ستحمله من رفعٍ لسقف السحوبات من حسابات العملات الأجنبية، و”أيديهم على قلوبهم” في انتظار ما قد تسفر عنه من تغيرات سلبية في سعر صرف الدولار. فـ”النفخ على “لبن” تعديل “التعميم 151″ ما هو في الحقيقة إلا النتيجة الطبيعية لـ”اكتواء” المواطنين بـ”حليب” تضخم الكتلة النقدية بالليرة، الناتجة عن محاولات تصحيح القدرة الشرائية في القطاعين العام والخاص من دون أي إصلاحات جدية.

يتركز البحث حالياً على رفع قيمة السحوبات بالتوازي مع تخفيض كميتها، “إذ إن زيادة سعر الصرف لحسابات الدولار مع ترك سقف السحوبات كما هو، سيؤثر حكماً بشكل سلبي على سعر صرف الليرة”، يقول الخبير الاقتصادي مايك عازار، فـ”لا يمكن اختراع قيمة اقتصادية وشرائية للعملة الوطنية من لا شيء. ولو كانت الأمور بهذه البساطة لكنا رفعنا السقف إلى 20 ألفاً. بيد أن كل زيادة غير مستندة على النمو والانتعاش الاقتصادي ستكون وهمية وتؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار والتضخم وانهيار القدرة الشرائية”. من هنا يعتبر عازار أن “تعديل التعميم 151، سيسمح بسحب نفس كمية الليرات مقابل تخفيض نسبة الاقتطاع من الحسابات”. بمعنى أن المودع الذي كان سقف سحوباته محدداً بـ 2 مليون ليرة سيبقى يسحب نفس الكمية من الليرات بعد التعديل، لكن بدل أن يحسم المصرف 500 دولار من حسابه، سيحسم 250 دولاراً، اذا افترضنا أن سعر الصرف الجديد 8 آلاف ليرة.

هذه الآلية قد تخفف من الآثار التضخمية، إلا أنها لا تلغي النتائج السلبية. إذ إنه “مجرد تأمين السحوبات على سعر أعلى من 1500 ليرة فهذا يعني أن مصرف لبنان هو من يدفع الفرق بين السحب على السعر الرسمي والسعر الموضوع”، بحسب عازار. وكلما ارتفع سعر الصرف من الودائع كلما زادت خسارة مصرف لبنان. الأمر الذي سينعكس حكماً على تدهور سعر الصرف ونقل عبئه إلى جميع المواطنين

لا شك بأن انهيار سعر الصرف لم يكن نتيجة التعميم 151 فقط، إنما هو انعكاس لمجموع القرارات التي اتخذت في نيسان “الأسود” من العام 2020 ومنها التعميم 148 والقرار 13220. لكن من يضمن اليوم “عزل” القرار بتعديل التعميم 151 في نهاية أيلول الحاضر ورفع سقف السحوبات إلى 6 أو 7 آلاف ليرة كما رشح عن المركزي، عن بقية الاجراءات التضخمية؟ فمع نهاية أيلول سيرفع الدعم عن المحروقات ويزيد الطلب على الدولار بشكل كبير. وستدخل الزيادات التي أقرتها المالية على رواتب موظفي القطاع العام كمساعدات اجتماعية بقيمة 600 مليار ليرة، ورفع بدل النقل بقيمة 181 مليار ليرة، وتعويض النقل المقطوع للأجهزة العسكرية بقيمة 300 ألف ليرة لنحو 120 ألف عنصر، حيز التنفيذ. وبغض النظر ان كانت ستتأمن هذه المبالغ من اعتمادات في وزارة المالية للعام 2022 أو من خلال طبع النقود، فهي ستدفع حتماً لزيادة الطلب على الدولار من خلال زيادة الاستهلاك وتؤدي الى ارتفاع سعره. هذا، ولم نتحدث بعد عن إمكانية عدم تشكيل الحكومة ودخول البلد في مرحلة جديدة من الفراغ القاتل وانعكاساته المباشرة على سعر الصرف. وبحسب الخبير الاقتصادي جولان عبد الخالق فان “جوهر المشكلة يتمثل في القرارات اليتيمة التي تتخذ بعيداً عن الإدارة الشاملة للأزمة. فاذا كان من المهم جداً إعادة توزيع الثروة من خلال رفع المعاشات بعد الخلل الذي أحدثته الأزمة، وتعزيز القدرة الشرائية للمودعين، فان الزيادات منفردة وبمعزل عن بقية الاجراءات التصحيحية والاصلاحية والمحفزة للنمو ستكون نتائجها سلبية. ذلك أن التضخم سيقضي على الزيادة المحققة”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالصناعيون يطالبون بحلول إقتصادية لـ”يلحقهم طرطوشة”
المقالة القادمةأصحاب أفران الشمال: سنقفل لحين توفير المازوت والطحين