تعميم لأصحاب “الفريش” وتكريس الضغوط على حاملي الليرة

تعميم جديد صدر أمس الثلاثاء عن مصرف لبنان، يُضاف إلى سلسلة تعاميم لم تستهدف يوماً إنصاف المودع والعميل المصرفي، بل تأتي في إطار محاولة تنظيم السوق وضبط الفوضى العارمة في التعاملات المصرفية والنقدية عموماً. تلك الفوضى التي أحدثتها الأزمة النقدية وساهمت بها المصارف وكرّسها مصرف لبنان.
يتيح التعميم الأخير لأصحاب بطاقات الدفع بالدولار الفريش (Fresh)، دون سواهم، استعمال بطاقاتهم في نقاط البيع (POS)، لكن ماذا عن أصحاب البطاقات بالليرة؟ وأصحاب حسابات اللولار (الدولار المصرفي)؟

أصحاب الفريش

يشجّع التعميم الجديد الصادر أمس، 19 تموز، عن مصرف لبنان، استعمال بطاقات الدفع بالدولار الفريش (Fresh) الصادرة محلياً، وبالتالي ستصبح كافة بطاقات الفريش دولار مقبولة لدى كافة التجار في لبنان (في نقاط البيع Point of Sale) وذلك ابتداء من 25 تموز الحالي، من دون أي تعديل في العمولات عند استعمال هذه البطاقات لدى التجار.

هذه الصيغة من التعميم الجديد تستهدف مدّ التجار بالفريش دولار بعيداً عن منصة صيرفة، فتمكّنهم من استيفاء الفواتير من حاملي الدولارات مباشرة.

أما حاملي الدولار وهم أصحاب الحسابات الفريش فماذا يقدّم لهم التعميم؟ لا شيء، خصوصاً أن العمولات التي يتكبّدونها اليوم لصالح المصارف لقاء عمليات سحب الدولار الكاش لن تتغيّر، بل سيتم تجييرها إلى التجار في نقاط البيع ومن بعدهم إلى المصارف. ولا يستخفّن أحد بنسب العمولات والاقتطاعات التي تفرضها المصارف على أصحاب الحسابات الفريش، فهي تتفاوت بين مصرف وآخر لكنها لا تقل عن نسبة 4 في المئة من كل عملية سحب.

ويستكمل مصرف لبنان التعميم بالتاكيد على أن تسوية المدفوعات الخاصة ببطاقات الدولار الفريش ستتم من خلال حسابات المصارف خارجياً، عبر شركتي فيزا وماستركارد، وبالتالي يتقاضى التجار كل ما تقاضونه عبر بطاقات الدفع بالدولار الفريش الصادرة محلياً بشكل كامل وكفريش دولار مما يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية.

حاملو الليرة اللبنانية

وإذ يطمئن مصرف لبنان في تعميمه أن السحب النقدي عبر البطاقات من ماكينات السحب الآلي ATMs سيبقى وفقاً للتعميم 151 مستمراً من دون أي تعديل، يؤكد أنه يعمل على آلية جديدة لتشجيع قبول واستعمال بطاقات الدفع بالعملة اللبنانية.

تطمينات مصرف لبنان لا تعني سوى تكريس الهيركات المقنّع الذي تمارسه المصارف بحق أصحاب الحسابات الدولارية العالقة في المصارف أو ما بات يُعرف بـ”اللولار”. فتلك الحسابات يتم اقتطاع نحو 73 في المئة منها اليوم بفعل إلزام أصحابها سحب دولاراتهم وفق سعر صرف محدد بـ8000 ليرة فقط، في حين أن سعر صرف الدولار المعمول به في الاسواق يقارب 30 ألف ليرة حالياً، يطمئن مصرف لبنان أصحاب الحسابات المستفيدين من التعميم 151 بالسماح لهم باستمرار سحب جزء يسير من أموالهم والاعتراف بتطيير الباقي.

التعميم الجديد لم يأت على ذكر المستفيدين من التعميم 158 أيضاً. وللتذكير فالتعميم 158 يتيح للمستفيدين منه سحب 400 دولار فريش شهرياً من الصرافات الآلية و400 دولار أخرى بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 12 ألف ليرة، نصفها (مليونين و400 ألف ليرة) كاش بالليرة، ونصفها الآخر يتم صرفها عبر البطاقات المصرفية في نقاط البيع. هذه الشريحة تحديداً محرومة اليوم من الاستفادة من بطاقاتها المصرفية في نقاط البيع. فالغالبية الساحقة من المحال التجارية والسوبرماركت توقفت عن استقبال البطاقات بما فيها للمستفيدين من التعميم 158.

وإذ تعلن معظم المحال التجارية توقفها عن استقبال البطاقات المصرفية بشكل تام، يؤكد البعض الآخر لاسيما ممن يحتاجون إلى الليرة لسداد قروض عبر المصارف أو استحقاقات للضمان الإجتماعي أو التزامات أخرى قبول البطاقات، وهؤلاء لا تتعدى نسب قبول البطاقات لديهم 30 الى 40 في المئة فقط من مجمل الفاتورة.

المستفيدون من التعميم 158 ممنوعون حالياً من استخدام بطاقاتهم بالليرة اللبنانية، بقرار ضمني من مصرف لبنان، حسب ما تؤكد المعطيات، لاسيما أن في الجملة الأخيرة من التعميم الصادر اليوم عن مصرف لبنان يؤكد الأخير أنه يعمل على قبول البطاقات المصرفية بالليرة ما، يعني انه يعترف بشكل أو بآخر بأنه من يمنع قبول تلك البطاقات اليوم، وهو ما يؤكده أصحاب السوبرماركت.

باختصار، لن يغيّر التعميم الجديد شيئاً من الواقع الحالي، فحاملو الدولارات يمكنهم استخدامها أينما وكيفما شاؤا سواء بالكاش أو عبر بطاقات مصرفية في نقاط البيع مع تكبّدهم العمولات الباهظة عينها، أما أصحاب بطاقات الليرة أو اللولار فلا حلحلة حالياً لهم لجهة عجزهم عن الشراء عبر نقاط البيع، باستثناء بعض المتاجر والسوبرماركت وبنسب متدنية من مجمل الفواتير.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةتعديلات السريّة المصرفيّة: “التغييريون” فككوا ألغام المصارف
المقالة القادمةمستندات “العلية” تطيح بالرؤوس: فضائح الكهرباء والسوق الحرة للقضاء