بينما اتجهت الأنظار إلى غرب السعودية، حيث اجتماع جدة لمُستشاري الأمن الوطني وممثلي عدد من الدول بشأن الأزمة الأوكرانية، الذي شارك فيه ممثلون لأكثر من 42 دولة في العالم، عوّل اقتصاديون على نتائج هذا الاجتماع في إحداث اختراق في الأزمة الروسية – الأوكرانية، لصالح مواجهة تحديات شبح الفقر والجوع، في ظل تعثر اتفاقية الحبوب بين موسكو وكييف، مستبشرين بانعكاس إيجابي للاجتماع يعزز سلاسل الإمداد على مستوى العالم.
ويعتقد رجل الأعمال السعودي، عبد الله بن زيد المليحي، أن نتائج مشاورات السلام الأوكرانية، التي تستضيفها جدة، ربما تعزز التوجه الإيجابي للاقتصاد العالمي، وتمكن سلاسل التوريد من المرونة الانسيابية، مشيراً إلى أنه تم شحن 32.9 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا حتى 18 يوليو (تموز) الماضي، في وقت كانت الصين الدولة الأعلى استيراداً من الحبوب الأوكرانية بحوالي 8 ملايين طن، تلتها إسبانيا بـ6 ملايين، وتركيا في المركز الثالث بـ3.2 مليون طن.
وفق المليحي، تزود أوكرانيا وروسيا أفريقيا بأكثر من 40 في المائة من احتياجاتها من القمح، غير أن الحرب أدت إلى نقص بواقع 30 مليون طن من الغذاء في أفريقيا، ترتب عليه زيادة أسعار الغذاء بنسبة 40 في المائة في القارة. وأشار إلى أن الفجوة في إمدادات الغذاء إلى دول القارة، إلى جانب انخفاض المساحة المحصولية بنسبة 25 في المائة، وانخفاض حجم الإنتاج بنسبة 37 في المائة فاقم أزمة الغذاء في عدة دول، ووضع بعضها على حافة المجاعة.
وأوضح المليحي أن محصلة الحرب الروسية – الأوكرانية، شكل نقصاناً حاداً في القدرة التصديرية عن العام الذي سبق اندلاع الحرب، بينما ارتفعت تكاليف سداد قيمة المواد الغذائية نتيجة لارتفاع أسعار الحبوب والأرز والقمح، معولاً على نتائج اجتماع جدة للأزمة الأوكرانية، في أن يعزز الاستقرار في الأسواق العالمية وبالتالي انسيابية سلام إمدادات الغذاء بمرونة.
من جهته، شدد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية في جازان، على أهمية اجتماع جدة الذي سنح فرصة لممثلين لأكثر من 42 دولة، لها حضور قوي في المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في العالم، لكي يتبنوا نتائج تصب في صالح الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ويرى باعشن أن العالم يواجه نقصاً حاداً في سلاسل إمداد الغذاء بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، فضلاً عن تأثيرها بشكل مباشر في استقرار الاستثمارات في كل دول العالم، المعززة لأسواق الأسهم المحلية والعالمية، إذ إن ارتباط الأسواق في النفط والغذاء أصبح مؤشراً للمستثمرين للدخول الاستثمارات والاستقرار على حدّ تعبيره.
ولفت إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية، أثَّرت بشكل مباشر في انسياب سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الغذاء، مع توقعات بانخفاض الإنتاج العالمي من الحبوب والغذاء، في ظل توقعات بأزمة متفاقمة بسبب قرار روسيا الانسحاب من مبادرة حبوب البحر الأسود، حيث ارتفع سعر القمح بنسبة 2.6 في المائة، بينما شهدت أسعار العقود الآجلة للقمح حالة من الاضطراب منذ الهجوم الروسي على الموانئ الأوكرانية البحرية والنهرية منتصف الشهر الماضي.