قالها رئيس الجمهورية بوضوح: «اذا لم تشكّل الحكومة رايحين ع جهنم»، فعن أيّ جهنم يتكلم الرئيس؟ وهل ما ينتظر اللبنانيون أسوأ من الذي يعيشونه الآن؟ والى أيّ دركٍ سيصل مستوى المعيشة لا سيما بعد رفع الدعم عن القمح والمحروقات والدواء؟
عن جهنم الذي ينتظرنا يقول الخبير الاقتصادي كمال حمدان: يكفي التفكير للحظة بسيناريو وقف الدعم وتأثيره على كلفة معيشة المواطنين في بلد لا تتوفر فيه فرص العمل ولا تصحيح للأجور، بينما يسير سعر الدولار في منحى تصاعدي تمهيداً للأعظم الذي سيأتي.
وأسف حمدان، عبر «الجمهورية»، الى انه رغم كل هذه الأزمات لا يزال المسؤولون عنّا مُتلهّين في حقيبة المالية والمناصفة والمثالثة والمرابعة… في حين انه من دون حكومة مستقلة كليّاً عن المنظومة الحاكمة بصلاحيات استثنائية وخطة لـ10 و12 و18 و24 شهراً فلن تكون هناك فرصة للنجاة. المطلوب اليوم فريق عمل مستقل بخبرة لا تقل عن 20 عاماً يعدّ خطة عمل مفصّلة لحل كل الأزمات التي نمر بها، وحتى لو كانت هذه الخطة موجِعة في بعض بنودها إنما بالتأكيد تحمل بارقة أمل بأنّ الامور ستنتظم مجدداً. أمّا استكمال السير في المنحى الحالي فإنه سيضعنا امام مخاطر كيانية ووجودية خصوصاً انّ الخطاب الديني عاد لينتشر بقوة مؤخّراً.
وأوضح، رداً على سؤال، انه على الحكومة المستقلة مع صلاحيات استثنائية ان ترفع الحصانة الادارية عن الموظفين، وان تفرض على مصرف لبنان إجراء تعديلات على قانون السرية المصرفية وتُجبره على الافصاح عن الحسابات الإفرادية امام لجنة مصغّرة مؤتمنة على ان يتم درس كل حساب مصرفي متى استفاد من الفوائد العالية ومتى أخرج امواله من لبنان، ومتى حوّل أموالاً الى لبنان لأنه وعد بفوائد عالية، وما ان استحقت الفوائد أخذها وحوّل كل أمواله الى خارج لبنان. كل هذه الاسرار ستكشف حتماً إنما المشكلة ان لا احد يريد ذلك كي لا ينكشف أو يحاسب.
المشهد قاتم
وكشف حمدان انّ المشهد القاتم الذي قد نُقبل عليه يتمثّل بالفقر والمجاعة وارتفاع نسبة العنف. ولفت الى انّ المجاعة هي أحد أسوأ انواع الفقر لأنها تمثّل الخط الاعلى أي الفقر المطلق. وأوضح انّ ما بين 20 الى 22 في المئة من اللبنانيين هم اليوم في الخط الادنى للفقر اي الفقر المدقع، بحيث انه مقابل كل 5 أسَر مقيمة هناك أسرة تعاني الفقر المدقع، بينما هناك ما بين 50 الى 52% من اللبنانيين يعانون الفقر المطلق، أي مقابل كل أسرتين هناك أسرة تعاني الفقر.
لكن مع وقف الدعم سترتفع الاسعار نحو 60%. وعليه، من المتوقع ان يزيد معدل الفقر الأعلى او المطلق من 50 الى 70 في المئة، وان ينخفض الأجر الوسطي في الليرة اللبنانية، والذي يساوي حالياً نصف ما كان عليه العام الماضي، الى حوالى الثلث.
أضف الى ذلك انّ مداخيل الضمان الصحّي تأتي أساساً من اشتراكات مدفوعة على أجور بالليرة اللبنانية لم تصحّح بعد تشرين الاول 2019. وهذه المداخيل بدأت تقلّ نظراً لتراجع عدد الأجراء الذين يسحبون تعويضاتهم ويخرجون من الضمان. انّ التوقّف عن دعم الدواء سيُضاعف أسعار الخدمات الطبية والاستشفائية، وهذا الأمر من شأنه أن يطيح بأنظمة التأمينات الصحية، وسيتجلّى ذلك عندما سيأتي المضمون بفواتير مختبرات واستشفاء وأدوية أكثر بـ3 مرات على الاقل، فما القيمة التي ستدفع للمواطن علماً انّ الضمان في حالة إفلاس ومنذ نحو 10 سنوات يغطّي عجزه بِمَد اليد وبشكل غير قانوني على احتياطي فرع نهاية الخدمة. حقاً إنها لمأساة.
حكومة رباعية
واقترح حمدان ان تشكّل حكومة رباعية من المفتي الجعفري الممتاز، نيافة البطريرك، شيخ عقل الطائفة الدرزية ومفتي الجمهورية على أن يحاول هؤلاء إيجاد حلول للأزمات التي نمرّ بها، من أزمة النقد الى ازمة المصارف، الى معدلات النمو الى أزمة توزيع الخسائر، وكيف يمكن ان نصون ما تبقى من مؤسسات ونظم تأمينات عامة وشبه عامة.
واعتبر حمدان أنّ من أسوأ السيناريوهات المطروحة السير باتجاه التقسيم الفدرالي، لافتاً الى انه من وجهة نظر اقتصادية لا مجال للتعايش في هذا البلد في ظل الفدراليات لأنّ الصراعات ستنتقل الى داخل كل طائفة، والصراع سيكون نحو من يسيطر أكثر على قاعدته التي تسير أكثر باتجاه الفقر والانهيار.