تقلبات نمو الاقتصاد الصيني تفاقم المخاوف العالمية

أكد محللون أن الكلفة المتزايدة لسياسة “صفر كوفيد” التي تتبناها الصين لمحاربة الجائحة تهدد بعرقلة الهدف المحدد من قبل الحكومة لنمو إجمالي الناتج المحلي، فيما تشهد سلاسل الإمداد أزمة مستمرة وتواجه الموانئ تأخيرات، مع بقاء مدينة شنغهاي مغلقة.

وعادة ما تسبب تقلبات نمو الاقتصاد في الصين فزعا حول العالم باعتبارها أكبر سوق للأنشطة التجارية والاستثمارية وقطاع الأعمال وجميعها مرتبطة بعمليات الشحن.

وآخر شيء يمكن أن ينتظره المراقبون هو خروج أزمة تباطؤ الاقتصاد الصيني عن السيطرة حتى لا تنذر تداعياتها بأزمة اقتصادية عالمية، حيث كان العالم يمني النفس بالخروج من نفق الأزمة الصحية التي كبلت حياة الناس.

وتشير التوقعات إلى تسجيل الصين تدهورا حادا في النشاط الاقتصادي خلال مارس الماضي مع تضرر المستهلكين والمصانع من تفشي الوباء وعمليات الإغلاق، على الرغم من أن النمو في الربع الأول من العام الجاري ربما يكون قد انتعش بسبب البداية القوية في بداية العام.

وكان النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم يتباطأ في النصف الأخير من العام الماضي مع تراجع سوق العقارات والإجراءات التنظيمية، ما دفع المسؤولين إلى تحديد أدنى هدف سنوي لإجمالي الناتج المحلي للعام 2022 منذ عقود.

لكنّ محللين قالوا إنه سيكون من الصعب تحقيق الهدف المتمثل في 5.5 في المئة مع الطلب من السكان البقاء في المنازل، وهو أمر أدى إلى تعليق الإنتاج وتوقف نمو الإنفاق الاستهلاكي في المدن الرئيسية. وتوقع خبراء من 12 مؤسسة مالية لوكالة الصحافة الفرنسية أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي 5 في المئة للعام بأكمله.

وسبق هؤلاء إعلان البيانات الرسمية الاثنين بترجيح أن تكون نسبة نمو الربع الأول من هذا العام 4.3 في المئة، أي أعلى بقليل من 4 في المئة المسجلة في آخر ربع من 2021.

وهذا الرقم قريب من استطلاع آخر أجرته وكالة رويترز وتوقع نموّا في الربع الأول بنحو 4.4 في المئة بسبب البداية القوية بشكل مفاجئ في الشهرين الأولين من هذا العام.

وقال جين ما، رئيس الأبحاث الصينية في معهد إنستيتيوت أوف إنترناشونال فاينانس، إن “الاقتصاد الصيني شهد بداية جيدة في يناير وفبراير مع قيود أقل على الطاقة وتعافي الطلب المحلي وتحفيز مالي وصادرات مرنة”. لكنّ ارتفاع عدد الإصابات بفايروس كورونا في مارس الماضي وإجراءات الإغلاق التي فُرضت لكبح انتشاره “عطلا سلاسل الإمداد والنشاطات الصناعية بشكل كبير”.

وتوقّع المحللون أن يؤدي تفشي الوباء إلى عكس المكاسب التي تم تحقيقها في وقت سابق من هذا العام. وحذّرت شركات صناعة السيارات الأسبوع الماضي من اضطراب شديد في سلاسل الإمداد وربما حتى وقف الإنتاج تماما إذا استمر الإغلاق في شنغهاي.

وقال رئيس الوزراء لي كه تشيانغ قبل أيام “يجب تعزيز الدعم الحكومي واستخدام أدوات، بما في ذلك خفض نسبة متطلبات الاحتياطي للبنوك، من أجل مساعدة القطاعات التي تضررت بسبب الفايروس”.

ومن المدن الرئيسية الأخرى التي تضررت جراء انتشار الفايروس فيها شينتشين، مركز الصناعات التكنولوجية، التي فرض عليها إغلاق تام لمدة أسبوع تقريبا في مارس الماضي.

ومع اكتشاف إصابات بكوفيد – 19 في العشرات من المدن، واصلت بكين العمل بموجب استراتيجية “صفر كوفيد” التي تتضمن القضاء على البؤر عند ظهورها فيما يتم إجراء فحوص جماعية وعزل الحالات الإيجابية.

وأدى ذلك إلى فرض قيود صارمة على التنقل في شنغهاي منذ أسبوعين تقريبا فيما يسجل المركز المالي عشرات الآلاف من الإصابات يوميا، معظمها دون أعراض.

وتضم شنغهاي أهم ميناء للحاويات في العالم. وفيما تستمر عمليات الإنتاج تؤدي القيود المفروضة على السفر بين المدن ونقص عدد سائقي الشاحنات إلى عرقلة نقل البضائع.

وقال جوليان إيفنز – بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة كابيتال إيكونوميكس المالية، في تقرير حديث إن التدفق اليومي لمركبات الشحن على طول الطرق السريعة “ضعف بشكل كبير” منذ بداية أبريل الماضي.

وواجهت سلطات شنغهاي انتقادات لسماحها بارتفاع عدد الإصابات بالوباء وعدم تمكّنها من ضمان وصول إمدادات الطعام الطازج إلى جميع السكان.

وأشار تومي تشي المسؤول في أو.سي.بي.سي بنك إلى أن “شنغهاي درس، والحكومات المحلية في أجزاء أخرى من الصين قد تصبح أكثر استجابة للاضطرابات المحلية”. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية “إذا أرادت الإغلاق، فستحاول فرضه مبكرا وليس لاحقا”.

وقالت دان وانغ، كبيرة الاقتصاديين في هانغ سنغ بنك تشاينا، “إن الضوابط في المدن الساحلية الأخرى ستبقى مشددة”. وتابعت “ليس مستحيلا أن نرى العشرات من المدن أو حتى أكثر من ثلاثين مدينة مغلقة في الوقت نفسه. الكلفة الاقتصادية ستكون مرتفعة جدا”.

ويرجح محللون أن تكون بيانات أبريل أسوأ مع استمرار الإغلاق في شنغهاي وأماكن أخرى. ويقول بعض الاقتصاديين إن مخاطر الركود آخذة في الارتفاع.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةحرب أوكرانيا تزيد أعداد الفقراء في المنطقة العربية
المقالة القادمةالبنك الدولي قلق من اتساع الفجوة في نمو الاقتصادات العربية