في غمرة ازدياد الطلب على العقار، بسبب القيود المصرفية على السحوبات النقدية بالدولار، تطلعت الأنظار إلى سهم سوليدير الذي شهد ارتفاعاً بحوالى 80٪ إلى 8.9 دولار (مع فارق بسيط بين فئة (A) و(B) بعد ان انخفض خلال بداية الحراك الشعبي قبل حوالى 4 أشهر، من 5.42 و5.32 دولار إلى 5 دولار.
ومع الارتفاع الكبير الحاصل في سعر السهم الآن، زاد المجموع الإجمالي لقيم أسهم «سوليدير» إلى 2 مليار و773 مليون دولار ما يعوض عن تراجع عمل الشركة التي كانت سجلت خسائر 122 مليون دولار عام 2017 و112 مليون دولار عام 2018 ولم تحقق مبيعات في ذلك العام، مع هبوط في عائدات الإيجارات بين العامين من 59.9 مليون دولار إلى 56.9 مليون دولار.
مصدر في «سوليدير» قال لـ«اللواء» ان بعض المستثمرين بات الآن يتحوّل ليس فقط إلى العقار وإنما أيضاً عن أسهم المصارف بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.
لكن ما هي أسباب الارتفاع النسبي الحاصل عموماً في الطلب على العقار؟
هناك حوالى 12 مليار دولار ديون للمصارف على القطاع العقاري (مقاولات وبناء) ( من أصل حوالى 47 مليار دولار تسليفات المصارف للقطاع) وأصحاب هذه العقارات من بنايات وفلل وشقق تطالبهم المصارف بتسديد حساباتهم المدينة مع تراكم عليها مع فوائد طوال السنوات التي كانوا ينفذون خلالها مشاريعهم. وهؤلاء مضطرون إلى تسديد هذه المبالغ للمصارف التي تزداد الحاجة لديها إلى السيولة.
وما يحصل الآن ان الكثيرين من أصحاب الودائع الدائنة بالدولار، بدل ان يأخذوا دولاراتهم بدفعات أسبوعية بين 100 أو 200 و300 دولار، أو يأخذوا بشيكات مقابلها من المصارف ليرات لبنانية، يفضلون ان يشتروا بها أو بجزء منها موجودات عينية في طليعتها العقار، يستخدمها بائعو العقارات في تسديد حساباتهم المدينة بالدولار، الذي أدى إلى تحريك نسبي للقطاع العقاري، لا سيما ان هناك قيوداً على تحويل الدولار إلى خارج لبنان، إضافة إلى ان بقاء الوديعة في المصارف بفائدة مصرفية لم تعد مغرية، بعد ان خفض مصرف لبنان الفائدة على الحسابات الدائنة إلى 5٪ على ودائع الدولار و8.5٪ على ودائع الليرة (وأخيراً على الفائدة المدينة) ما يدفع صاحب الوديعة إلى البحث عن مجال استثمار ملائم ومربح داخل لبنان. وحتى لو حصل على وديعته بالدولار، افتراضاً، فإن منع تحويلها إلى خارج لبنان بسبب القيود، ليس البديل الأفضل عن الاحتفاظ بها نقداً في المنازل، حيث مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية وبعد عمليات السطو الأخيرة على المال في المنازل، ما زال المصرف أكثر اماناً ويمكن لصاحب الوديعة ان يشتري ما يشاء وبكامل الوديعة أو جزء منها، بموجب شيكات مصرفية بالدولار يتزايد استخدامها باستمرار في السوق العقارية. وهذا اذا كانت المؤسسة (أو الشخص) الراغبة فيبيع العقار مدينة للمصرف ومضطرة للبيع لتسديد الدين.
المؤسسات غير المديونة؟
ولكن ماذا عن المؤسسات غير المديونة للمصارف، وهل يمكنها الانتظار فترة طويلة حتى تنجلي معالم الأزمة المالية والاقتصادية، وهل يمكنها الانتظار فترة طويلة حتى تنجلي معالم الأزمة المالية والاقتصادية، ما دامت غير مضطرة للبيع بالأسعار المخفضة؟
الجواب المبدئي من الخبراء هو ان اضطرار الشركات المدينة للبيع بسعر هي التي ستقرر مستوى الأسعار بموجب قاعدة العرض والطلب وان هذه الشركات سوف تضطر في النهاية إلى القبول بمنطق السوق، لا سيما انه يمكنها إذا حصلت على شيك مصرفي الآن بالدولار، استخدام هذا الشيك في شراء موجودات عينية أخرى غير العقار وبأسعار منخفضة تفرضها الركود الاقتصادي الآن. الا إذا كانت حسابات البعض هي ان العقار في لبنان، مهما طال عليه الزمان، لا بدّ ان يرتفع في المستقبل المتوسط والبعيد، وعدها إذاً يتوقعون انه إذا وجدت الحلول الممكنة مستقبلاً للأزمة المالية والاقتصادية سوف ترتفع أسعار العقارات وعندها يقبضون الثمن مرتفعاً ونقداً، وهو رهان سيبقى، ولفترة طويلة، قيد الامتحان!