تقييم أممي متشائم حيال سرعة استعادة الاقتصاد السوري عافيته

اعتبرت الأمم المتّحدة أنّ الاقتصاد السوري في حاجة إلى 55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في عام 2010 قبل اندلاع النزاع إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو.

وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير إنّه “بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلّب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها.”

وشدّد المسؤول الأممي خصوصا على أهمية “استعادة الإنتاجية من أجل خلق وظائف والحدّ من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة.”

وفي إطار سلسلة دراسات أجراها لتقييم الأوضاع في البلاد بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد مطلع ديسمبر الماضي، قدّم برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، الخميس، ثلاثة سيناريوهات للمستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.

ووفق معدّل النمو الحالي، أي حوالي 1.3 في المئة سنويا في المتوسط بين عامي 2018 و2024، فإنّ “الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلّي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب.”

وسلّطت هذه التوقّعات “الصارخة” الضوء على الحاجة الملحّة إلى تسريع عجلة النمو الاقتصادي في سوريا، فيما يحذر تقرير البرنامج من أن الطريق إلى الأمام مليء بالتحديات ويضع عدة سيناريوهات.

وفي العام الذي سبق اندلاع الأزمة، بلغ الناتج المحلي الإجمالي في سوريا نحو 62 مليار دولار، لكنه انكمش بأكثر من النصف، مع خسائر تقدر بنحو 800 مليار دولار بسبب الحرب.

وأدت سنوات الحرب والصدمات الخارجية إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المزري للدولة، مما تسبّب في تدهور غير مسبوق في معيشة الأسر مع انهيار الليرة وشح السلع من الأسواق.

كما استنزف استمرار نقص التمويل والوصول المحدود إلى المساعدات الإنسانية قدرة السوريين على تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والوقود، وسط ارتفاع الأسعار وانخفاض الوصول إلى الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات البطالة.

وما يزيد من الضرورة الملحّة لإيجاد حلول سريعة للوضع الراهن، هو أنّه بعد 14 عاما من النزاع، يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكّان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011.

وتشير التقديرات الأممية إلى أن مستوى الفقر تضاعف ثلاث مرات تقريبا من 33 في المئة قبل الصراع إلى 90 في المئة اليوم. كما قفزت معدلات الفقر المدقع من 11 في المئة إلى 66 في المئة، أي بزيادة ستة أضعاف.

وتراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقلّ ممّا كان عليه في 1990، وهو أول مرة تمّ قياسه فيها، ممّا يعني أنّ الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية.

مؤشرات سلبية

800 مليار دولار خسائر الاقتصاد

90 في المئة نسبة الفقر

50 في المئة من الأطفال انقطعوا عن التعليم

5.4 مليون شخص فقدوا وظائفهم

وبحسب التقرير، لا يذهب ما بين 40 إلى 50 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام و15 عاما إلى المدارس، بينما فقد 5.4 مليون شخص وظائفهم.

وفي هذا السياق، نظر البرنامج الإنمائي إلى وتيرة النمو اللازمة لعودة الناتج المحلّي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، وكذلك إلى الوتيرة اللازمة لبلوغه المستوى الذي كان يمكن للبلاد أن تبلغه لو لم تندلع فيها الحرب.

وفي السيناريو الأكثر “واقعية” والذي يتلخّص في العودة إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 فقط، فإنّ الأمر يتطلّب نموا سنويا بنسبة 7.6 في المئة لمدة عشر سنوات، أي ستّة أضعاف المعدّل الحالي.

وثمة احتمال آخر وهو تحقيق نمو سنوي بنسبة خمسة في المئة لمدة 15 عاما، أو بنسبة 3.7 في المئة لمدة عشرين عاما، وفقاً لهذه التوقعات.

أما في السيناريو الطموح، أي بلوغ الناتج المحلي الإجمالي المستوى الذي كان يفترض أن يصل إليه لو لم تندلع الحرب، فيتطلب الأمر معدّل نمو بنسبة 21.6 في المئة سنويا لمدة 10 سنوات، أو 13.9 في المئة لمدة 15 عاما، أو 10.3 في المئة لمدة عقدين.

وقال عبدالله الدردري مدير برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في الدول العربية إنّه لا يمكن سوى لـ”إستراتيجية شاملة” تتضمن خصوصا إصلاح الحكم وإعادة بناء البنى التحتية أن تتيح لسوريا “استعادة السيطرة على مستقبلها وتقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية.”

وأوضح أن معظم الأرقام الواردة في التقرير تم تقديمها إلى كبار المسؤولين من السلطات السورية المؤقتة في اجتماعات جماعية وثنائية. وأضاف “بالإضافة إلى هذا التقرير، سنبدأ أيضًا مشاركة جادة في عرض التعافي وإعادة الإعمار.”

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةقفزة في نمو الأصول الاحتياطية الأجنبية لدول الخليج
المقالة القادمةالفنادق تتحضّر لأعمال صيانة شاملة ووعود حول عودة السياح إلى لبنان