أعطى تقرير دولي حديث نشر الجمعة نظرة فاحصة حول التداعيات الهائلة للكوارث الطبيعية على المحاصيل الزراعية، مما يهدد ملايين الناس في مختلف مناطق العالم ويجعل حصولهم على الغذاء أمرا صعبا.
ويقدم تقرير رئيسي جديد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) بعنوان “تأثير الكوارث على الزراعة والأمن الغذائي” أول تقدير عالمي على الإطلاق لتأثير الكوارث على الإنتاج الزراعي الذي يركز على المحاصيل والثروة الحيوانية.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية فُقد ما يقدر بـ3.8 تريليون دولار من المحاصيل والإنتاج الحيواني بسبب أحداث الكوارث.
وبحسب منظمة فاو يعادل الرقم متوسط خسارة سنوية قدرها 123 مليار دولار أو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي العالمي السنوي.
وأشار تقرير المنظمة إلى أن القوة المتزايدة للكوارث، وتكرارها، تسببت في المزيد من الخسائر في المحاصيل الزراعية والمواشي على مستوى العالم، وقد تجاوزت الخسائر 200 مليار دولار العام الماضي.
وأكدت فاو أن “الرقم قد يكون أعلى إذا توافرت بيانات منهجية عن الخسائر في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والقطاعات الفرعية للغابات”.
ويشدد التقرير على الحاجة إلى التعجيل بتحسين البيانات والمعلومات بشأن تأثير الكوارث على جميع القطاعات الفرعية للزراعة، بهدف إنشاء أنظمة بيانات يمكن أن تكون بمثابة الأساس الذي يمكن البناء عليه واتخاذ إجراءات فعالة.
وقال شو دونيو، المدير العام للمنظمة، في مقدمة التقرير إن “الزراعة تعد أحد القطاعات الأكثر عرضة للخطر والضعف في سياق مخاطر الكوارث، نظرا لاعتمادها الكبير على الموارد الطبيعية والظروف المناخية”.
وأضاف “الكوارث المتكررة لديها القدرة على تقويض المكاسب التي تحققت في مجال الأمن الغذائي وتقويض استدامة نظم الأغذية الزراعية”.
وتابع “من خلال الاستفادة من الخبرة الفنية لمنظمة الأغذية والزراعة نوفر بواسطة التقرير فرصًا لمعالجة المخاطر في نظم الأغذية الزراعية بشكل استباقي مع توضيح طرق تعميم إدارة مخاطر الكوارث في الممارسات والسياسات الزراعية”.
وذكرت المنظمة في تقريرها أن عدد مثل هذه الأحداث، التي تشمل الفيضانات والجفاف وتفشي الحشرات والحروب، قد تضاعف بواقع أربعة أمثال إلى حوالي 400 مشكلة سنويا مقارنة بسبعينات القرن الماضي.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن رين بولسن مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود بمنظمة فاو قوله “لا يتعلق الأمر بزيادة عدد الحوادث فحسب، بل بتنامي تأثيرها على الزراعة أيضا، وهناك عدة أسباب لذلك”.
ويسلط التقرير الضوء بشكل مفصل على الخسائر المتعلقة بالمنتجات الزراعية الرئيسية التي تظهر عبر اتجاهات متزايدة.
وبلغت الخسائر في الحبوب ما متوسطه 69 مليون طن سنويًا في العقود الثلاثة الماضية، وهو ما يعادل إجمالي إنتاج الحبوب في فرنسا عام 2021، تليها الفواكه والخضروات ومحاصيل السكر، حيث يقترب متوسط خسائر كل منها من 40 مليون طن سنويا.
وبالنسبة إلى الفواكه والخضروات تعادل الخسائر إجمالي إنتاج الفواكه والخضروات في اليابان وفيتنام خلال عام 2021.
وأظهرت اللحوم ومنتجات الألبان والبيض خسارة متوسطة تقدر بـ16 مليون طن سنويًا، وهو ما يعادل إجمالي إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان والبيض في المكسيك والهند في عام 2021.
وتخفي الخسائر العالمية تباينا كبيرا بين المناطق والأقاليم الفرعية ومجموعات البلدان، ووفقا للتقرير شهدت آسيا بفارق كبير الحصة الأكبر من إجمالي الخسائر الاقتصادية.
كما أظهرت أفريقيا وأوروبا والأميركتان ترتيباً مماثلاً من حيث الحجم. ومع ذلك لم تمثل الخسائر في آسيا سوى 4 في المئة من القيمة المضافة الزراعية، بينما بلغت في أفريقيا حوالي 8 في المئة. وكان التباين أعلى بين المناطق دون الإقليمية.
ومن حيث القيمة المطلقة كانت الخسائر أعلى في البلدان مرتفعة الدخل، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى.
ولكن البلدان منخفضة الدخل، وخاصة الدول الجزرية الصغيرة النامية، عانت من أعلى معدلات الخسائر في القيمة المضافة الزراعية.
ويعتبر المزارعون، ولاسيما أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يزرعون في ظل ظروف الأمطار البعلية، أكثر الجهات الفاعلة ضعفا في نظم الأغذية الزراعية ويتحملون وطأة آثار الكوارث.
ويتيح دعم اعتماد الممارسات الجيدة للحد من مخاطر الكوارث على مستوى المزرعة مساعدة صغار المزارعين على تجنب الخسائر وتعزيز قدرتهم على الصمود.
وترى فاو أن الاستثمار في الممارسات الجيدة للحد من مخاطر الكوارث على مستوى المزرعة يمكن أن يؤدي في المتوسط إلى 2.2 مرة أفضل من الممارسات المطبقة سابقا.