أجرت وزارة الإتصالات 3 مزايدات لقطاع البريد، في المرة الاولى لم يتقدّم أحد، وفي الثانية رفضتها هيئة الشراء العام بالتوافق مع وزير الاتصالات لجهة إحتساب حصة الدولة، وفي الثالثة وافقت هيئة الشراء العام بالتوافق مع الوزارة على تعديلات تمت على دفتر الشروط ومشروع العقد، وبعد فضّ العروض رست على الفائز الموقت إئتلاف شركة Merit Invest و Colis Prive France، لكن ديوان المحاسبة رفض المضي بالمزايدة.
ومن ثم طلب الوزير القرم إعادة النظر بقرار ديوان المحاسبة، إلاّ أن الديوان رد طلب وزارة الإتصالات، مما دفع القرم للجوء الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وإطلاعه على نيته الطلب من الديوان إعادة النظر، وكان له ذلك. فأعدت الوزارة ما يلزم، لكن ديوان المحاسبة أصرّ على تقريره وأصدر قراراً بعدم الموافقة. فحضّر القرم كتاباً إلى مجلس الوزراء للإطلاع على كامل الملف واتخاذ ما يراه مناسباً مفنداً الأسباب الإيجابية والملحة للتلزيم، ومحذراً من إنهيار هذا القطاع. كما اقترح على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أيضاً دعوة ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الشراء العام، لشرح وجهة نظرهما للوزراء، على أن يقوم هو أيضاً بشرح وجهة نظره، ليتخذ الوزراء قرارهم وفق قناعاتهم.
ووعد الرئيس ميقاتي بعرض الطلب على مجلس الوزراء في أول جلسة. لكن الأوضاع الأمنية المستجدة ستحول دون ذلك في جلسة يوم غد الخميس، فالأولوية اليوم لما يحصل على الحدود وملف النازحين، ولكن الرئيس قطع وعداً للوزير بعرض الموضوع في الجلسة المقبلة المتوقع عقدها إما يوم الإثنين أوالثلاثاء المقبلين.
وبنى الديوان قراره بناءً على عدة إعتبارات، أبرزها الآتي: إخلال الإدارة بواجبها لناحية إعداد دراسة واضحة لسوق الخدمات البريدية، وصولاً لتحديد حصة الدولة من إيرادات التشغيل. ولفت إلى أن مهلة الإعلان غير كافية لتحضير العروض وتقديمها، بالنظر لحجم المهام المطلوبة في دفتر الشروط.
أخذ ديوان المحاسبة على الوزارة أيضا قيامها بتعديل دفتر الشروط ومعايير التقييم بهدف تمكين العارض ( إئتلاف شركة Merit Invest و Colis Prive France ) الذي إعتبرته هيئة الشراء العام في تقريرها رقم 2 تاريخ 6-4-2023 الصادر إبان إجراء المزايدة الثانية «غير مؤهل لتقديم الخدمات البريدية، وفقاً لما هو مطلوب في وثائق المزايدة».
مثلما أخذ ديوان المحاسبة على الإدارة إخلالها بأحكام المادة 25 من قانون الشراء العام وقبولها بالعرض الوحيد. وورد أيضاً في التقرير، بأن ضرراً لحق بالخزينة مقداره 5 ملايين دولار نتيجة إعتماد مخطط جديد لتقاسم الإيرادات في المزايدة الثالثة غير الذي أطلقت المزايدة الثانية على أساسه.
ووفقاً لمعلومات «نداء الوطن»، فقد تضمن طلب الوزير لإعادة النظر بالقرار شرحاً مفصلاً لكل ملاحظة أبداها ديوان المحاسبة، وفيما يلي أبرزها:
لناحية إخلال الإدارة بواجبها إعداد دراسة واضحة لسوق الخدمات البريدية، أكد الوزير أن المديرية العامة للبريد قد أطلعت ديوان المحاسبة على الشغور الكبير الحاصل لديها وعلى افتقارها إلى العناصر التي تتمتع بالخبرة في هذا المجال، مما شكل عائقاً دون إعداد دراسة مفصلة في هذا الإطار.
ولناحية مهلة الإعلان، لفت القرم إلى أن المادة 12 الفقرة 2 من قانون الشراء العام نصت على أن لا تقل مدة الإعلان عن 21 يوماً. وكانت الوزارة أعلنت عن المزايدة لمدة 5 أسابيع سابقة لموعد فض العروض، أي بما يتجاوز الحد الأدنى القانوني وبما يتوافق مع أهمية المشروع وتعقيداته.
وفي ما يتعلق بتعديل المؤهلات ومعايير التقييم المطلوبة في دفتر شروط المزايدة الثالثة، فقد أكدت وزارة الإتصالات أن تعديل دفتر الشروط، بعد فشل المزايدتين الأولى والثانية، تم بعد إستطلاع رأي رئيس هيئة الشراء العام وبعض الخبراء المحليين في موضوع تقديم الخدمات البريدية.
اما عن توفر شروط العرض الوحيد، فهنا تؤكد الوزارة أنها التزمت بمبادئ وأحكام قانون الشراء العام. اما بالنسبة لإلحاق الضرر بالخزينة، فلفتت الوزارة إلى أن ديوان المحاسبة إعتمد منهجية الإيرادات المتوقعة في خطة العمل العائدة للمزايدة رقم 2. كما قام بطرح الأرقام من الإيرادات المتوقعة في خطة العمل العائدة للمزايدة رقم 3، وتوصّل الى فرق بقيمة 5 ملايين دولار، إلا أن الأرقام الواردة في الخطتين تعود لكامل الإيرادات المتوقعة وليس حصة الدولة كما أشار التقرير. وأبدت الوزارة استعدادها المطلق للتقيد بأية تعديلات يقترحها ديوان المحاسبة على مشروع العقد.
مصادر مواكبة حذّرت «من استمرار أزمة التلزيم دون إيجاد حل سريع لما يتسبب ذلك بخسائر مالية كبيرة، حيث ستحرم خزينة الدولة من مبلغ يقارب الـ 45 مليوناً لمدة تسع سنوات، إضافة إلى أن مصير حوالى 700 عامل على المحك»، لذا شددت المصادر على «ضرورة وضع المناكفات والحسابات الضيقة جانباً والعمل بشفافية لمعالجة ملف قطاع البريد».