تهرّب جماعي من المسؤولية مع قرب خروج سلامة

يتوالى استنكار بيان نواب حاكم مصرف لبنان الذين هددوا بالإستقالة إذا لم يعيّن حاكم أصيل بعد خروج رياض سلامة آخر الشهر. وكان لافتاً أمس موقف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الرافض لهذا التهديد، معتبراً أنه «خطير للغاية»، مطالباً بتطبيق المادة 25 من قانون النقد والتسليف القاضية بتولي نائب الحاكم الأول مهمات الحاكم منعاً لشغور الموقع في هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد.

وأشار عدد من نواب التغيير في بيان الى أنّ التهديد بالاستقالة يعني «الإعتراف بسوء السياسة النقدية المتبعة، والتي يريد نواب الحاكم التهرب من المسؤولية عنها»، علماً أنهم شركاء منذ سنوات في اتخاذ القرارات التي واكبت اندلاع الأزمة وفاقمت تداعياتها. ورفض نواب التغيير «أي محاولة لفرض التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة المتهم بالفساد والمطلوب دولياً».

وعلمت «نداء الوطن» أن بين سيناريوات التذاكي المطروحة، إذا قدّم نواب الحاكم استقالاتهم، هو عدم قبولها من الحكومة بحجة البقاء لتصريف الأعمال في انتظار تعيين حاكم جديد. وهذه الصيغة محاولة لإبراء نواب الحاكم (ومن عينهم من مرجعيات سياسية وطائفية) من أي مسؤولية لاحقاً بحجة انهم سبق أن قدموا استقالاتهم. وأكدت مصادر متابعة ان رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي «ليسا بعيدين عن طبخ هذا السيناريو التنصلي»! موضحة أننا أمام تهرب شبه جماعي من المسؤولية مع قرب خروج سلامة من الحاكمية، كما لو أنه وحده المسؤول عن خسارة 72 مليار دولار من أموال المودعين، فضلاً عن عشرات المليارات الأخرى التي خسرها الاقتصاد عموماً.

وبين المنددين أيضاً خبراء في المال والاقتصاد اعتبروا ان «الاستقالة تعرّض المرفق العام للخطر ما يقضي برفع دعوى ضد نواب الحاكم، ومن قبِل استقالاتهم – اذا قبلت – ومن حرّضهم عليها، لأن انهيارات اضافية ممكنة منتظرة في الطريق بسبب هذا التصرف الخطر واللامسؤول». مع التذكير بأن إقالة حاكم مصرف لبنان وتعيين بديل كانت واجبة منذ بداية الأزمة، إلا أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري تصدى لها بحجة أن الدولار سيصبح سعره 15 ألف ليرة، وذلك في تصريح علني له يوم كان سعر الدولار 4 آلاف ليرة، وهو اليوم فوق الـ 90 الفاً!

كما ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض إقالة الحاكم عندما اشتدت الاتهامات الدولية ضده، ورفعت دعاوى تتهمه بالتزوير والاختلاس وتبييض الأموال والتهرب الضريبي، وقال ميقاتي أواخر 2021 «في المعركة لا يجب تغيير الضباط». وذكّرت المصادر بالاجتماع الشهير الذي جمع رئيس الجمهورية (السابق) ميشال عون والرئيس بري ورئيس الحكومة آنذاك حسان دياب في نيسان 2020، حيث طالب الأخير بإقالة سلامة، معتقداً أن عون يدعمه في ذلك. فكان بري واضحاً لجهة الرفض، أما موقف عون، وبخلاف الاعتقاد السائد، فلم يكن مع إقالة الحاكم في ذلك الاجتماع. وما يؤكد ذلك بيان صدر عن دياب آنذاك، ويمكن الرجوع اليه وسؤال دياب عن مفاجأته من موقف عون الذي يدعي اليوم أنه كان يريد تغيير سلامة و»ما خلوه»!

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةليسيه عبد القادر «تستعير» مباني رسمية… إلى الأبد! هكذا تُنهب الأموال العامة
المقالة القادمةالكهرباء أزمة مستدامة: سوء إدارة ونقص إستثمارات