تظهّر الخلاف بشكل أوضح بين الحكومة والمصارف والمصرف المركزي بكلام رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان، والذي كشف بعد اجتماع اللجنة أن «تقرير ديوان المحاسبة عن الحسابات المالية سيصدر في وقت قريب وأنه سيؤكد ما قالته اللجنة على مدى سنوات انه «ما في رقم صحيح».
وقال: من يدعي ان ارقام الحكومة صحيحة هو فعلياً «حزب المصارف» ومن يدافع عن أموال الدولة غير الصحيحة هو من صاغها على مدى سنوات وفيها الكثير من الفجوات». ولفت الى أن الحكومة مدعوّة لتحمل مسؤولياتها تجاه الناس والمودعين «فمن غير المسموح رمي العجز وعدم القرار على المجلس النيابي على غرار الكابيتال كونترول.
وسأل: اين الخطأ اذا تبين ان ارقام الحكومة خاطئة ويفترض تصحيحها؟ صارحوا الناس بدل السعي لحرق سمعة من يسعى لتصحيح الخطأ. وأعلن أنه سيطلب من رئيس المجلس النيابي السماح بنشر تقرير لجنة المال والموازنة ليتأكد الجميع «اننا حزب المودعين وتستيقظ الضمائر النائمة. فلجنة المال صوت الحق وستستمر».
ولفتت أوساط نيابية لـ«البناء» أن «الخلاف بين الحكومة والمصارف ولجنة المال على طريقة احتساب الخسائر والموجودات والاحتياطات والتي لا يعرفها أحد سوى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فالحكومة تحتسبها حتى عام 2050 فيما تحسبها المصارف ولجنة المال للعام 2025 وتشمل الديون والقروض الطويلة والمتوسطة والقصير الاجل، فيما البنك الدولي يميل الى ارقام الحكومة لكي لا يتنصل لبنان من دفع الديون الخارجية للشركات الأجنبية».
وتوقعت الأوساط أن يتم التوصل الى حل وسط بين الحكومة ولجنة المال والمصارف ومصرف لبنان بناء على طلب صندوق النقد لاستكمال المفاوضات بعد البدء بإصلاح الكهرباء بتعيين مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان»، وتوقعت أن تطول «المفاوضات لأشهر مقبلة».
وأبدى صندوق النقد الدولي في بيان أمس، قلقه «حيال محاولات لبنان تقديم خسائر أقلّ لأزمته المالية وحذّر من أنّ هذا لن يؤدّي إلا إلى زيادة تكلفة الأزمة بتأجيل التعافي»، وناشد السلطات اللبنانية التوافق حول خطة الإنقاذ المالي الحكومية، موضحاً أنه «جاهز للعمل على تحسينها إذا قضت الحاجة».
وعاد قانون الكابيتال كونترول الى الواجهة، ولفت كنعان الى أن «مسؤولية تشريع الكابيتال كونترول هي لدى الحكومة»، موضحا أنه «بعد التأخير الذي حصل ارتأى النواب تقديم اقتراحات». وأضاف الى أن الاقتراحات خضعت للنقاش ضمن إطار الخطة المتكاملة لان من دونها لا يفيد. وقال بعد جلسة لجنة المال والموازنة: «لسنا على استعداد لزيادة القيود على المودعين من دون خطوات واضحة من المصارف والدولة لإعطاء المودع حقوقه». وشدد على أن «مقاربتنا للكابيتال كونترول تنطلق من الحفاظ على حقوق المودعين، فمن غير المقبول استخدام الودائع من قبلهم بشكل عرّضها للخطر».
وأشارت مصادر مطلعة على هذا الملف لـ«البناء» الى أن «ما يجري الآن في المصارف من قيود صارمة وحجز على أموال المودعين هو كابيتال كونترول غير معلن، إضافة الى استنسابية وتمييز بين المودعين في عمليات السحب والتحويلات بناء للحظوة والوساطة السياسية لذلك يجب وضع قانون جديد لكن ليس بالصيغة المطروحة حالياً بل يجب توحيد المقاربة والتعامل مع المودعين».
وتدعو المصادر الى «تعميم النموذج المصري في التعامل المصرفي عبر منح الشركات والمؤسسات الصناعية نسبة من أموالها بالعملة الصعبة في المصارف للاستيراد من الخارج، لكن الذي يحول دون ذلك تبخر عشرات مليارات الدولارات في المصارف من اموال المودعين عبر تهريبها الى الخارج وتخزينها في منازل زعامات وسياسيين لبنانيين».