لدى التسوق عبر تطبيق «تيمو» Temu، دفعت لوري سيلفا 1.25 دولار فقط لشراء زوج من الأقراط و15 دولاراً لشراء سترة من الصوف. ولوري ليست سوى واحدة من ملايين المستهلكين الأميركيين الذين تجتذبهم المنصة الصينية بفضل مجموعة مذهلة من المنتجات ذات التكلفة المتدنية.
تصدر «تيمو» تصنيفات تنزيل التطبيقات في الولايات المتحدة في أوائل أبريل (نيسان)، وهو مركز حافظ عليه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن صعوده السريع يأتي في حين تواجه المنصات المرتبطة بشركات صينية ضغوطاً زائدة، ويبدو أن حظر تطبيق «تيك توك» المفضل لدى الشباب بات أمراً لا مفر منه، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وتفيد بيانات «سنسور تاور» لدراسات السوق بأن بعض المنصات الأكثر انتشاراً التي يتم تنزيلها حالياً في الولايات المتحدة ذات أصول صينية، بما في ذلك «تيك توك» وتطبيق مونتاج الفيديو «كابكات» CapCut وتطبيق الموضة «شين» Shein.
ويقدم «تيمو» نفسه كمتجر شبيه بأمازون، ويبيع كل شيء من أدوات التجميل إلى الأدوات المنزلية والإلكترونيات، وكان إطلاقه الهادئ في سبتمبر (أيلول) الماضي بمثابة أول دخول لعملاق التجارة الإلكترونية الصيني بينديوديو Pinduoduo إلى السوق الأميركية.
ومع الصعود السريع للشركة التي لديها مكتب في بوسطن، بات «تيمو» ثاني تطبيق تسوق صيني الصنع بعد «شين»، يحقق نجاحاً كبيراً في أميركا في السنوات الأخيرة.
وقالت لوري سيلفا البالغة من العمر 65 عاما والمقيمة في كاليفورنيا لوكالة الصحافة الفرنسية: «رأيت أشياء كثيرة في الكتالوغ المعروض على التطبيق… على أمازون وغيره من متاجر التجزئة عبر الإنترنت لكن بأسعار أعلى من ذلك بكثير». وسجلت لوري نحو 20 طلبية على «تيمو» لشراء لوازم ومشغولات يدوية ومجوهرات وهدايا.
من جانبها، قالت ستيفاني وولف البالغة من العمر 38 عاماً إنها اشترت لأول مرة لوازم مثل كحل العين ومجوهرات من باب التجربة في يناير الماضي. وأضافت «وصلتني بسرعة كبيرة. لم أصدق ذلك… بمجرد أن أيقنت أنه يمكن الوثوق بالتطبيق، رحت أطلب المزيد».
واستخدمت الشركة للترويج للتطبيق رسائل تعد الأميركيين بفرص «التسوق مثل أصحاب المليارات». وقالت وولف: «رأيت الإعلان وقلت لنفسي: هذا هو التطبيق الذي أستخدمه! ومنذ ذلك الحين لاحظت أنه يكتسب مزيداً من الشعبية».
وذكرت «سنسور تاور» أنه تم تنزيل «تيمو» في الولايات المتحدة 33 مليون مرة منذ إطلاقه، مع ارتفاع أعداد المستخدمين خلال حملة الإعلانات في شهر فبراير (شباط) بمناسبة بطولة كرة القدم الأميركية، وهو الحدث التلفزيوني الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة.
ويأتي صعود «شين» و«تيمو» في الوقت الذي تسعى فيه شركات الموضة والأزياء الأميركية الرائدة إلى تقليل تعاملاتها مع الصين مع زيادة المخاوف بشأن تصعيد التوتر بين واشنطن وبكين، وفق شينغ لو، أستاذ دراسات الأزياء والموضة في جامعة ديلاوير.
وقال شينغ لو إن العلامتين التجاريتين تحصلان على منتجاتهما في المقام الأول من الصين، ويشحن «تيمو» في الغالب بضائعه مباشرة من هناك أيضاً، في حين أن لدى أمازون مراكز توزيع في الولايات المتحدة. وأضاف أن هذا يسمح لـ«تيمو» بالاستفادة من نقاط القوة الصينية في إنتاج أعداد أكبر من الأصناف بمرونة أكبر مع الاستفادة من الإعفاءات في الولايات المتحدة من رسوم الاستيراد للشحنات المنخفضة القيمة.
وقال لو إنه بالنسبة لـ«شين» على وجه الخصوص، يضطلع الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة «بدور حاسم» في توسع انتشار التطبيق ونجاحه. وأضاف «استخدمت إدارة (شين) بيانات جمعتها من تطبيقاتها وقنوات التواصل الاجتماعي الأخرى لفهم عادات التسوق لدى المستهلكين وأنماط حياتهم، ما مكّن الشركة من عرض ما هو مطلوب».
لكن صعود التطبيقات الصينية رافقه تدقيق في أنظمة التشغيل لديها. في عام 2021، وجدت مجموعة «بابليك آي» Public Eye غير الحكومية أن بعض العاملين في مصانع يستورد منها «شين» يعملون 11 إلى 13 ساعة في اليوم، مع مواجهة انتقادات بسبب تكدس النفايات الناجمة عن الملابس الرخيصة الثمن.
وقال لو: «بالإضافة إلى ذلك، على غرار (تيك توك)، أدى التوسع السريع لـ(شين) و(تيمو) في الولايات المتحدة إلى جمع كميات هائلة من البيانات الشخصية من المستهلكين الأميركيين».
ويواجه «تيك توك» احتمال حظره في الولايات المتحدة بذريعة أن ما يجمعه من بيانات يمكن أن يهدد الأمن القومي، وأن خوارزميته تشكل خطرا على الصحة النفسية. فقد واجه رئيس «تيك توك» التنفيذي خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي الشهر الماضي اتهامات بأن التطبيق يمثل تهديداً لأميركا… وحتى الآن، ما زال «تيمو» و«شين» بمنأى عن ذلك.
وقلل الأستاذ في معهد جورجيا للتكنولوجيا ميلتون مولر من خطر مشاركة البيانات، وقال إن «جنسية الشركة هي معيار غير أساسي، ويعبر ذلك عن نزعة قومية» في تقييم التهديدات الأمنية.
وخلصت ورقة بحثية شارك فيها مولر ونُشرت في يناير الماضي إلى أن «البيانات التي يجمعها (تيك توك) يمكن أن تكون ذات قيمة تجسسية فقط إذا جاءت من مستخدمين مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بوظائف لدى أجهزة الأمن القومي، ويستخدمون التطبيق بطرق تكشف معلومات حساسة».
وأكدت الدراسة أن «هذه المخاطر تنشأ من استخدام أي تطبيق لوسائل التواصل الاجتماعي».
في غضون ذلك، تتجاهل الغالبية العظمى من المستهلكين الأميركيين ما يشاع عن المخاوف الأمنية. وقالت وولف إنها تستخدم شبكة افتراضية خاصة وتدفع من خلال «باي بال»، وأوضحت «لأنني أتخذ احتياطات، لست قلقة».