ثروة لبنان النفطية مهددة بـ”خطرين”!

على الرغم من أن اللبنانيين يعلقون آمالاً كبيرة على عمليات الحفر التي تنطلق في الأيام المقبلة، لاستكشاف كميات النفط والغاز في البلوك رقم 9، فإنه من المبكر الإفراط في التفاؤل بإمكان اكتشاف كميات تجارية، علماً أن المعلومات الدقيقة حول كميات الغاز، لن تتأكد إلاّ في نهاية العام الجاري. فالثروة النفطية مهددة بخطرين، وفق ما تكشف مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الخبيرة لوري هايتيان، وهما التصعيد الأمني على الحدود الجنوبية، والفساد والمحاصصة السياسية، وبالتالي تعاطي الإدارة السياسية التي لم تتغير في لبنان رغم الأزمة المالية، مع ملف النفط والغاز.

وبالنسبة للهواجس الأمنية، تقول الخبيرة هايتيان ل”ليبانون ديبايت”إن القيّمين على شركة “توتال” يدركون هذه الهواجس، وتمت مناقشتها مع الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية، معتبرةً أنه من الضروري معرفة أجندة “حزب الله”، وإن كانت لا تتوقع حصول أي عمليات تصعيد خلال عملية الحفر، لأن عملية الحفر تأتي بعد اتفاق سياسي أدى إلى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولكن، وبما أن بنيامين نتنياهو لم يكن في السلطة عند توقيع الإتفاق، فمن الممكن أن يصعِّد الوضع أمنياً على الحدود، وهو ما تستبعده هايتيان أيضاً.

أمّا من الناحية اللبنانية، تضيف هايتيان، فإن الوضع الأمني الحدودي سيكون مضبوطاً أكثر، لأن “حزب الله” هو الذي ضمن الصفقة السياسية التي حصلت من أجل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية وبدعم فرنسي طبعاً، لأنه لو لم يكن هناك دعم فرنسي، لما كانت “توتال” وافقت على الشروط الموضوعة، وعلى العودة إلى لبنان والعمل على استكشاف الغاز.

وعن عمليات الحفر والإستكشاف، توضح هايتيان، أن “توتال” وضعت في مطلع العام الحالي مع شركة “إيني” الإيطالية وشركة قطر للطاقة، خطة عمل ستبدأ على أساسها بالحفر في أواخر آب الجاري، على أن تعلن النتائج بعد ثلاثة أشهر، وهذا هو المسار الطبيعي الذي تسير عليه الشركة من أجل معرفة كميات النفط والغاز.

لكن المخاوف الحقيقية التي تتحدث عنها هايتيان، تبرز في الخشية من طريقة تعامل السياسيين مع الموضوع، فمنذ صفقة ترسيم الحدود يتصرّف المسؤولون وكأنهم فازوا لأن أميركا وفرنسا تتعامل معهم، ولأنهم باتوا قادرين على الإستمرار والبقاء في مواقعهم رغم كل الأزمات، لأنهم يعتبرون أن الثروة النفطية سوف تبقي على دورهم وتحمي وجودهم ومصالحهم.

وعلى الرغم من أن “ما من شيء ليتحاصص السياسيون عليه، وفق هايتيان، فإن التركيز الحالي هو على الصندوق السيادي، حيث سوف تتّضح المحاصصة من خلال التعيينات فيه، والتي لن تكون شفّافة، رغم الإستعانة بشركة عالمية، لأن القرار سيكون لمجلس الوزراء الذي سيحدّد مع من سوف يتم التعامل من المحازبين التابعين للقوى السياسية.

وأكدت هيتايان، أنه لا ضرورة لإنشاء صندوق سيادي للنفط والغاز، فإن شركة “توتال” قادرة على القيام بمهامها، وموعد تحقيق العائدات من النفط ما زال بعيداً، فلماذا سيتم تعيين ثمانية أشخاص في هذا الصندوق ودفع رواتب مرتفعة لهم، من دون أن يكون لديهم أي حاجة، فالفساد ما زال موجوداً في أي خطوة أو إجراء تقوم به الطبقة السياسية، فكيف سيكون الحال في قطاع النفط، حيث ستبرز المحاصصة في التعيينات، ولاحقاً في إدارة وصرف الأموال، خصوصاً وأن الذين يتولون القرار اليوم، هم أنفسهم من أداروا البلاد وأوصلوها إلى الإنهيار والأزمة الحالية، فما من شيء قد تغير في إدارة البلاد، وفي القطاع المالي فيها.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقة“جردة الشهر” لـ منصوري
المقالة القادمةعن “شطحة” الوزير… الكهرباء الى الأسوأ!