فورد وهيونداي وأودي في منافسة شرسة لتوظيف شبكة جي 5، والتقنية ستمكن السيارات التحدث إلى بعضها البعض وتبادل المعلومات المتعلقة بالسلامة.
انتقل اهتمام مصنعي السيارات بجلب التكنولوجيات المتطورة إلى المركبات الحديثة مع بلورة مفهوم السيارات المتصلة في الأعوام الأخيرة، إلى مرحلة ثورية جديدة ستكون تقنية الجيل الخامس للاتصالات (جي 5) عاملا حاسما في نجاح الموديلات المستقبلية لكونها ستتيح للمركبات التحدث في ما بينها بفضل شبكة الإنترنت فائقة السرعة.
وصل ابتكار السيارات إلى مراحل متطورة من الإتقان والتفاعل مع كل مستجدات التكنولوجيات، وهو ما أوجد بيئة مثالية في صناعة المركبات والاتصال عبر شبكة الإنترنت، حيث باتت محل تسابق شرس بين المصنّعين.
وكثف عمالقة التكنولوجيا من تعاونهم مع شركات السيارات، بهدف ابتكار مركبات مرتبطة بشبكة الإنترنت عبر تطبيقات مختلفة للوصول إلى درجات الأمان والسلامة أثناء القيادة، رغم المشاكل التي تعترض انتشارها في الأسواق.
وسيكون بمقدور سيارات المستقبل استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات (جي 5)، والذي يوفر سرعة إنترنت تفوق ما هي عليه اليوم بعشرات المرات، وتوظيفها في أشياء كانت مستحيلة.
وظهرت بوادر في الفترة الأخيرة على إمكانية دمج تقنية جي 5 في عدة موديلات، ومع تسارع خطوات المطورين لحقن هذه التكنولوجيات في السيارات الحديثة بدا الأمر قريبا إلى الواقع بعد أن كان من شبه المستحيل الخوض في هذه المسألة.
وتتيح المركبات الذكية المتصلة إمكانية تبادل المعلومات ذات الصلة مع كل ما حولها، ولتحقيق ذلك تحتاج السيارات إلى اتصال قوي وثابت بالإنترنت، ويتطلب دعم هذا الاتصال إجراء المزيد من البحوث والتطوير وباستمرار أيضا.
ولكن الأمر قد يتجاوز ذلك مع شبكة الجيل الخامس، فقد تتمكن السيارات المزودة بهذه التقنية من التحدث فيما بينها بفضل توفر سرعة إنترنت تفوق بعشر مرات مما عليه في الوقت الحاضر.
ويعكف فريق من الخبراء بجامعة غلاسكو كالدونيان على تطوير هذه التقنية حتى تقوم بتوعية السائقين بالمخاطر المحتملة على الطرقات مثل الثلوج والحفر وغيرهما.
ويستخدم بعض المصنّعين الإنترنت بواسطة الهواتف المحمولة للسماح للسيارات بالتواصل مع المركبات الأخرى والبنية التحتية المحيطة.
وستسمح الإنترنت عبر الهواتف الذكية المدعومة بتقنية جي 5 بنقل المعلومات بسرعة ويمكن أن تجعل السائقين على دراية بكل الأخطار التي قد تعترضهم وحمايتهم من الحوادث.
ونسب موقع ديلي ميل البريطاني عن عضو الفريق البحثي في مشروع سيارات المستقبل بالجامعة ديميتريوس لياروكابيس، قوله إن “سيارات المستقبل لن تستخدم فقط أجهزة الاستشعار لمعرفة ما يجري حولها، بل يمكنها أيضا التحدث إلى بعضها البعض وتبادل المعلومات المتعلقة بالسلامة على مساحة تغطي عدة أميال مربعة”.
وأوضح أن أي شخص كانت لديه تجربة سيئة مع القيادة في ظروف طقس سيء، أو السير في طرق وعرة، سيستفيد من معرفة المخاطر مقدما حتى يتمكن من تعديل السرعة، وإن أمكن تجنب بعض الطرقات.
وأشار لياروكابيس إلى أنه للحصول على فكرة أفضل عن شكل المستقبل، فيجب التفكير في امتلاك سيارات تشبه تسلا لا تستخدم أجهزة الاستشعار لفحص ما حولها فقط، بل يمكنها أيضا التحدث إلى بعضها البعض وتبادل المعلومات المتعلقة بالسلامة حول محيطها على مساحة تغطي عدة أميال مربعة.
وقال “أنا متأكد من أن أي شخص لديه تجربة سيئة على الطرقات المتجمدة كان سيستفيد من معرفة الظروف الخطيرة مقدّما، حتى يتمكن من تعديل سرعته، أو إن أمكن ، حتى تجنب هذا الطريق تماما. ويمكن قول الشيء نفسه عن الحفر”.
وبمساعدة تقنية جي 5، سيكون نظام الإنذار المبكر الذي ينبه السائقين، والذي يتم إنشاؤه بواسطة المركبات، ممكنا خلال السنوات القليلة القادمة.
وستقوم السيارات القريبة من منطقة الخطر بإرسال إشارات تحذيرية إلى السيارات الأخرى بما فيه الكفاية، وذلك باستخدام تقنيات الاتصالات قصيرة المدى، ولكن أيضا إلى السيارات البعيدة باستخدام جي 5، بسرعة كبيرة وموثوقية.
وبعد ذلك سترسل تلك السيارات نفس المعلومات إلى السيارات القريبة منها، وهكذا، حتى تتشكل سلسلة اتصالات مشتركة ومتعددة للمركبات تمتد على نطاق واسع.
وبدأ العديد من مصنعي السيارات بدمج تقنية الجيل الخامس للاتصالات بالفعل في سياراتهم، واستعمالها كأداة للمساعدة على الدخول في أنظمة المركبات ذاتية القيادة.
وتعمل شركة فورد الأميركية العملاقة على السيارات المتصلة، ففي وقت سابق من هذا العام، كشفت أنها تعتزم تزويد 80 في المئة من موديلات 2020 بتقنية تحذر السائقين من حوادث الطرقات القادمة وسوء الأحوال الجوية والاختناقات المرورية.
وتخطط الشركة لنشر تقنية معلومات المخاطر المحلية (أل.أتش.آي) بعد تجربة أوروبية ناجحة للتكنولوجيا على فورد بوما.
ويقوم النظام بتجميع البيانات من مستخدمي الطريق المتصلين الآخرين، ومن خدمات الطوارئ والسلطات، ويقوم بإرسالها من السحابة مباشرة إلى السيارة. وتنبثق التنبيهات على شاشة لوحة القيادة في السيارة لتحذر السائق ممّا يقع على مقربة منه.
ويقول بيتر جيفرز، مدير منصة المركبات المتصلة ومنتجاتها في فرع الشركة بأوروبا بمدينة كولن الألمانية، “نعتقد أننا أول مصنّع للسيارات يقدم هذا الإعداد المستقل”.
وأوضح أنه يتم عرض تحذيرات الخطر بالنظر إلى حالة القيادة، على سبيل المثال القيادة في المدينة أو الطريق السريع، لتحديد النقطة المثالية في الوقت المناسب للتحذير المتقدم.
وتؤكد الشركة أن النظام سيستخدم المعلومات من سيارات فورد الأخرى لتنبيه المستخدمين الآخرين.
وكانت أودي من أولى الشركات، التي بدأت في التفكير بإدخال شبكة الجيل الخامس في سياراتها، ففي يوليو 2018 اختارت التعاون مع شركة هواوي الصينية، الرائدة عالميا في توفير حلول تقنية المعلومات والاتصالات بهدف صناعة جيل مبتكر من السيارات المتصلة.
وجعلت هذه الخطوة أودي في منافسة مباشرة مع شركات كثيرة دخلت هذا المجال خلال الفترة القليلة الماضية، وفي مقدمتها فورد وهيونداي الكورية الجنوبية.
وتقول فيني سونه، رئيسة قسم شبكات أل.تي.إي في هواوي إن الشركة الصينية تدخل بشراكتها مع أودي حقبة جديدة في تاريخ السيارات الذكية المتصلة والتي ستشهد تعاونا بين شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وصناعة المركبات.
وأشارت حينها إلى أنه مع زيادة الابتكار في مجال الاتصال المتنقل، فإن شركة هواوي ستلتزم بالتحول الرقمي الذي يشهده عالم السيارات.
ويهدف التعاون بين أودي وهواوي بالأساس إلى تعزيز عملية التطوير المستمرة للقيادة الذاتية ورقمنة الخدمات في صناعة السيارات، وهذا الأمر يزيد من التنافس مع المصنّعين الذين لجأوا إلى شركات مثل أبل ومايكروسوفت وغوغل لابتكار مركبات متصلة.
وبفضل التعاون مع هواوي والسلطات الصينية، باتت أودي أول شركة سيارات أجنبية تشارك في تنفيذ شبكة أل.تي.إي على الطرق العامة في مدينة ووشي بشرق الصين في العام 2017.
وتم تصميم الشبكة خصيصا للسيارات المتصلة حيث يتم تزويد السائقين بمعلومات عن حركة المرور في الوقت الفعلي من خلال الاتصال بأنظمة إشارات المرور والمراقبة بالكاميرات عند التقاطعات.
ورغم التفوق التكنولوجي، فإن شركات السيارات لا تزال تبدو عاجزة أمام حل عدة مشكلات خاصة بالموديلات المتصلة بشبكة الإنترنت، التي تمهد الطريق نحو إدارة وظائف السيارة المختلفة بشكل آلي.
وتأتي على رأس العيوب التي يعاني منها هذا النوع المتطور من السيارات، سهولة السرقة في ظل تطور أدوات اللصوص، التي تعتمد على اختراق الأنظمة التقنية للمركبات ووسائل اتصالها بشبكات الإنترنت، ومن ثم تعطيل كل طرق التعامل مع مستخدمها وفي مقدمتها الهواتف الذكية.
وتعتمد الشركات المصنّعة للسيارات المتصلة، عادة، على خاصية التتبع لمنع السرقة، التي تتيح للمستخدمين التوصل إلى مكان السيارة بشكل سري دون إشعار اللصوص بذلك، ولكن عراقيل تقنية لا تزال الشركات عاجزة عن حلها.