فشل حكومة “إلى العمل” في تحقيق أي إنجاز يذكر على مستوى معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية، على الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، دفع بالنّاس إعتباراً من مساء يوم الخميس الماضي، إلى إعلان ما يشبه “ثورة”، وصلت كل المناطق اللبنانية التي شهدت وللمرة الأولى منذ سنوات، حشوداً شعبية كبيرة، هتفت ضد سياسات الحكومة المالية والاقتصادية والاجتماعية، محمّلة كل المسؤولين والمشاركين في السّلطة، مسؤولية تدهور، الوضعين المالي والاقتصادي، وبالتالي إفقار الطبقات المتوسطة، والمحدودة الدّخل والفقيرة.
وإذا كانت الحركات الشعبية، التي شملت في تحرّكها مساحة الوطن، قد شهدت بعض أعمال الشغب، إلّا أن ذلك لا يلغي حقيقة وجود حركة مطلبية، إعترفت الحكومة على لسان رئيسها سعد الحريري بأحقية تحرك النّاس، لأن الحكومة فشلت في التخفيف من معاناتهم الاقتصادية والمعيشية، واعداً المضربين والمحتجّين، بمعالجة الوضع بما يرضيهم، ويؤمّن خروج البلد من أزماته، في غضون الـ 72 ساعة المقبلة، وإلا سيكون له موقفاً مميزاً يعلن عنه بعد انقضاء هذه المهلة.
وبانتظار ما سيحدث في قادم السّاعات على مستوى الوعود الحكومية التي سقطت تحت قرار “الواتس آب”، سيبقى المعترضون في الشّارع إلى حين تحقيق مطالبهم، إن لم يكن هنالك ما لا نتمنّاه وهو وجود مخطّط مدروس لإثارة البلبلة في البلاد.
وقد أدّت الأحداث المستجدة في لبنان هذا الأسبوع، إلى انخفاض سعر سندات الدّين اللبنانية في الخارج “اليوروبوند”، بحدود 1.9 %، كما يرتقب أن تبادر بعض مؤسسات التصنيف الدّولية، إلى استعجال إصدار تصنيفاتها الجديدة في لبنان على ضوء ما يجري، وهي تصنيفات لم تكن في مصلحة لبنان على الإطلاق.
يذكر، أن حكومة “إلى العمل” التي لازالت تبحث عن الإصلاحات، التي طلبتها الدّول المانحة في “سيدر”، ولازالت تدور منذ أكثر من سنة في حلقة مفرغة بحثاً عمّا ستقدّمه إلى مؤتمر “سيدر” للإستفادة من القروض الميسّرة التي سيمنحها إلى لبنان، وهذه الحكومة وبعد كل هذه المدّة، لن تجد إلّا أن تلجأ إلى سياسة فرض الضّرائب على النّاس، لزيادة المداخيل والتي من شأنها وباعتقاد الحكومة، أن ترضي الدّول المانحة، في حين أن أي مبتدء في علوم الاقتصاد، يدرك ويعلم أن فرض الضّرائب غير المباشرة على النّاس، يعطي نتائجاً معكوسة في ظل وضع اقتصادي ومالي مأزوم.
ويبقى أخيراً أن ننتظر ما ستحمله السّاعات المقبلة، من سياسات اقتصادية ومالية، مرفقة باصلاحات اقتصادية واضحة ومن دون ضرائب جديدة، لوضع البلاد على طريق الإصلاح، ولنرتقب رد فعل “الثوّار” على هذه الأمور إذا ما حصلت.