جان رياشي يريدنا أن نستعيد الثقة بالمصارف والمصرفيين… كيف ولماذا؟

بعد أنْ فقد المواطن اللبناني ثقته بالمصارف، وبات المصرف أشبه بـ»البعبع»، وبعد أنْ فقد المبادرون أي فرصة للحصول على قرض مصرفي من هنا أوهناك للإرتكاز عليه في بناء مستقبلهم والمساهمة في الاقتصاد ونموه وخلق فرص عمل جديدة، يتسلَّل اليوم بصيص ضوء ما من المشهد السوداوي ليُعيد بعض الأمل إلى الشباب اللبناني والمبادرين والقطاع الخاص على السواء.

مفهوم «الودائع المضمونة»

 

وفي هذا السياق، يُعلن جان رياشي رئيس مجلس إدارة I&C Bank، عن خطّة تتضمّن «ودائع مضمومة، وقروضاً بالدولار».

ما هي «الودائع المضمونة»؟ «يُشير رياشي إلى أنّها «أوّلًا ودائع إئتمانيّة، بما معناه أنّها من خارج ميزانيّة المصرف، أيّ أنّها لا تتوظف في مصرف لبنان أو بقروضٍ داخل لبنان بل تتوظف بسندات خزينة أميركيّة».

ويلفت رياشي خلال حديثٍ لصحيفة «نداء الوطن» إلى أنّ «المودع لديه حقّ مُباشر على محفظة سندات الخزينة، فهي ودائع إئتمانية من خارج ميزانية المصرف، ولهذه الودائع دور هامّ جداً، فالمودع ليس له حق على المصرف بل عند محفظة سندات الدين الأميركية»، ويقول: «هي مضمونة من الدولة الأميركية بشكل غير مباشر بحكم طبيعة تركيبتها».

ويُشير إلى أنّ «المودع في هذه الحال يكون قد وضع وديعته خارج ميزانية المصرف والتي ضمانتها هي سندات الدولة الأميركية».

ويجزم بأنّه «لو مهما حصل، إنْ أفلس البلد أو المصرف حتى، فهذه وديعة إئتمانيّة ووفق قانون العقود الإئتمانيّة رقم 520 والذي صدر عام 1996 فهي لا تُمَسّ ولا يحقّ لأيّ أحد التصرّف بها، ويتمّ التعامل مع هذه الودائع وفق العقد الذي يوقعه الزبون فقط، حتى المصرف لا يحقّ له التصرّف بها ولن تكون خاضعة لقانون النقد والتسليف أو حتى تعاميم مصرف لبنان».

وفي ما يخصّ الحساب، يشرح رياشي الآليّة: «هو حساب عادي، فبإمكان المودع أخذ بطاقة إئتمان، وعلى صعيد الشركات فيُمكنهم وضع «كاش» وكذلك يمكنهم السحب «كاش» ودفع الرواتب في حال كانوا يستوردون ويدفعون حسابات في الخارج».

ويُشدّد على أنّ «كلّ الحسابات المصرفيّة موجودة وكأنّه حساب عادي، لكنّ الفرق هو أنّ الأموال ليست في لبنان».

قروض بالدولار

وفي خبرٍ قد يهمّ شرائح من المواطنين، يُعلِن رياشي عن «نيّة مصرفه إعطاء قروض بالدولار»، إلّا أنّه يُضيء هنا على مشكلة كبرى، وهي عدم توفر آلية تسمح بتخطي القوانين اللبنانية حتى الساعة، أو بالأحرى بعض المواد التي تسمح للمُقترض بأنّ يسدد القرض بالليرة اللبنانيّة أو بـشيك مصرفي»…

نقص تشريعي

ويتابع، «حتى الساعة لم نتمكن من الوصول إلى أيّ نتيجة، لذا نُحاول ونعمل على ذلك مع القوى السياسيّة وبعض النوّاب الذين وافقوا على العمل بهذا الموضوع، حتى يُصار لاصدار قانون بأسرع وقت ممكن يضمن للمؤسسات الماليّة أو للمصارف التي توّد إعطاء قروض، وللصناديق أيضاً التي لديها نيّة او قدرة إعطاء قروض، يضمن لكل هذه الجهات التمويلية بأنّ الاموال التي أقرضوها للافراد وللشركات سوف يسترجعونها بالعملة ذاتها أيّ: دولار/دولار وليس لولاراً ولا دولاراً على الـ15 ألف ليرة».

هنا، يُشدّد رياشي على «الحاجة الضروريّة لهذا القانون وأهميته في إعادة تفعيل الإقتصاد اللبناني الذي يعمل اليوم بلا تسليف، فالشركات تعاني كثيراً بسبب عدم توفر القروض لشراء تجهيزات وآليات».

ويُضيف: «حتى التسهيلات القصيرة الأمد يجب توفيرها، فأي تاجر يود شراء بضاعة ومن ثمّ بيعها، والصناعي أيضاً فهو يشتري موادّ أوليّة ويُصنّع ويبيع، فهناك على الأقلّ فترة تتراوح ما بيْن 6 إلى 9 أشهر لكي يتمكن هؤلاء من إسترداد الأموال التي قاموا باستثمارها، وفي حال لم يكن يملك التاجر او الصناعي أموالاً خاصة سيتوقف عمله».

وفي الإطار هذا، يؤكّد المصرفي رياشي أنّه «من بديهيات أيّ إقتصاد في العالم أنْ يكون فيه تسليف، لكن إقتصادنا اليوم من دون تسليف، وكذلك يُوجد سبب آخر أهمّ، حيث أنّ أكثريّة المصارف ليس لديها سيولة، لكنّ مقابل ذلك هناك مصارف لديها سيولة وعلى إستعداد أنْ تُقرض لكنّها لا تريد الإقراض بسبب عدم وجود أي ضمانات تضمن لها بأن أموالها سوف تعود لها بذات العملة».

مُناشدة للسياسيين

كما يؤكّد على «أهمية هذا الموضوع، وضرورة العمل عليه لأنه لا يُسبِّب الحساسية لأيّ طرف، ولا «يدق» بعمليات الودائع ولا بأي طرف من الأطراف السياسية، فهذا لمصلحة البلد بأكمله. لذا ومن هذا المنطلق لا يجب أن يكون لدى أي طرف سبب لرفضه».

إنطلاقاً من ذلك، يُناشد رياشي «كافة القوى السياسية العمل على هذا الموضوع المفيد، فالتجار والصناعيون يعانون كثيراً بسبب عدم وجود التسهيلات، وحتى الأفراد: ففي حال كان معاش الفرد ما بين 500 و1000 دولار تقريباً ويود شراء سيارة فبإمكانه التقسيط شهرياً لمبلغ بحدود الـ 100 دولار، لكن في ظل عدم وجود التسليف يصبح إقتناء السيارة صعباً عليه».

حل المعضلة… بسيط

حول رؤيته للإقتصاد اللبناني، يُوضح بأنّ «الإقتصاد يعاني من مشكلة كبيرة جدّاً مرتبطة في هذا النظام الذي يسمح بعدم ردّ القروض بالعملة ذاتها، لذا بات من الضروري وبشكل مُلح إصدار قانون قبل أيّ قوانين أخرى (كإعادة هيكلة المصارف وغيرها)، فهذه المعضلة يتم حلها بمقطع أو إثنين على أبعد تقدير وتساهم بإعادة تحريك الإقتصاد اللبناني ووضعه على السكة الصحيحة، فلا إقتصاد بلا مصارف».

لكن ماذا نفعل بالانكار؟

لكنّ رياشي يقولها وبصراحة، إنّه «طالما نحن بوضع إنكار، لن تعود المصارف إلى العمل بشكل فاعل ومنتج، فنحن بأمس الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي من أجل إبقاء بعض المصارف على قيد الحياة لتتمكن من زيادة رأسمالها وجذب المزيد من السيولة، والعودة إلى العمل كالسابق لكي تعود الثقة فيها، وتُساهم في إعادة تنشيط الإقتصاد بكافّة جوانبه».

مصدرنداء الوطن - رماح هاشم
المادة السابقةالدولرة الشاملة خيار يستحيل تطبيقه في لبنان
المقالة القادمةمعالجة الفجوة المالية في القطاع المصرفي: حلول وخيارات