جباعي: يجب اعادة هيكلة القطاع العام : 70 الف وظيفة غير مجدية

أشار حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، إلى أن المصرف المركزي يحضر لطرح أفكار جديدة تتعلق بطريقة تقسيم أموال المودعين، موضحاً أنه كلّف مديرية الإحصاء في المركزي لدراسة هذه الودائع وتقسيمها بشكل أفضل بشكل يتناسب مع كل فئة من الفئات.

ورأى منصوري، أن “الخروج من أزمة الودائع يتطلب 4 عوامل رئيسية، الأول يتمثل في المحاسبة عبر “القضاء اللبناني فقط”، والثاني يتمثل في وضع خطة واضحة لإعادة أموال المودعين.

أما العنصر الثالث فهو إعادة بناء قطاع المصارف، ليؤدي دوراً في التسليف كحد أدنى، وأخيراً إعادة هيكلة الدولة وبنائها. وشدد على أنه “لا خيار للبلد إلا بتنفيذ كل هذه العوامل”.

والسؤال المطروح هنا هل من الممكن تطبيق هذه العوامل وما هو المطلوب لتطببيقها من أجل الخروج من هذا الكابوس الذي يعيشه المودعون منذ أكثر من أربع سنوات؟!

و هل سيتمكن مصرف لبنان والمصارف والدولة من تطبيق هذه العوامل، إذا لم تتوافر النية السياسية من أجل الخروج من هذه الأزمة المستعصية ومعها بقية الأزمات التي تعصف بلبنان وأنهكته وأنهكت شعبه أم سنبقى ندور في حلقة مفرغة إلى ما شاء الله ؟!

في هذا الإطار رأى الباحث المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديثه للديار أن النقاط التي حددها منصوري هي المنطق الوحيد والسليم للخروج من الأزمة ، “ويٌعتبر هذا الكلام هو المعيار العلمي الموضوعي الصحيح الذي يجب أن تنفذه كل القوى السياسية في البلد من أجل حل أزمة المودعين بالدرجة الأولى وتفعيل النشاط الاقتصادي بالدرجة الثانية “.

و أذ أكد جباعي أن المحاسبة هي أمر أساسي عبر القضاء اللبناني، شدد على ضرورة الثقة بالقضاء اللبناني وعدم المزايدة عليه وإعطائه الفرصة للقيام بالتحقيق الشفاف، بعيداً عن الضغوطات السياسبة أو حتى الإعلامية، “ولندع القضاء يقوم بعمله العلمي والمنطقي وفقاً للقانون العام اللبناني و قانون النقد والتسليف، وهذا أمر أساسي لبناء الثقة بالقضاء الذي يٌعطي بناء الثقة بالاقتصاد بالدرجة الأولى”.

والعنصر الثاني لحل قضية المودعين وفقاً لجباعي هو عبارة عن خطة واضحة تضعها الحكومة اللبنانية لحل أزمة المودعين، تتضمن رؤية علمية رقمية مالية اقتصادية نقدية، مع ضرورة أن تتسم بالوضوح الذي لا لبس فيه لكيفية تحصيل السيولة، عبر مشاركة الدولة في تأمين هذه السيولة كونها هي المسؤول الأساسي عن أزمة المودعين عبر استنزاف ٦٨ مليار دولار من المصرف المركزي وهذه الأموال هي أموال المودعين .

وأكد جباعي أن الدولة معنية بوضع خطة واضحة تتبنى خلالها أطر إقتصادية حقيقية من اجل زيادة النشاط الاقتصادي وزيادة الإيرادات ، في سبيل حسم قسم من هذه الإيرادات ووضعه ضمن صندوق ومن ثم رده للمودعين ، مشيراً إلى ان الدولة تستطيع ان تحصل جزءاً لا بأس به من الأموال لوضعه في صندوق رد الودائع عبر استعمال مشاعات الدولة، التي تبلغ اكثر من ٩٣٠ كلم مربع وعبر خصخصة القطاع العام قدر المستطاع والمشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتفعيل إيرادات الدولة الذي من شأنه ان يزيد الإنتاجية ويخفض النفقات ويزيد الإيرادات .

كما يرى جباعي من جهة أخرى أن على مصرف لبنان أن يساهم بالاحتياطي الموجود لديه، والأمر على المصارف أن تساهم (بالفريش) الموجود لديها بالإضافة إلى بعض العقارات والأصول التي تملكها وتحويل هذه العقارات إلى سيولة ووضعها في الصندوق وذلك بعد إعادة الهيكلة .

وإضافة إلى كل هذه الأمور التي تشكل خطة حقيقية لإعادة أموال المودعين شدد جباعي على ضرورة إقرار قانون في مجلس النواب ينص على حماية أموال المودعين مهما طال الزمن، فضلاً عن تطبيق موضوع أساسي وهو إعادة هيكلة القطاع المصرفي بشكل علمي وشفاف، وإعطاء فرصة للمصارف لكي تنهض من جديد، وأن تندمج المصارف التي لا يمكنها أن تستمر في السوق مع مصارف أخرى بعد فترة بشرط أن يكون هناك وضوح في الرؤية وكيفية التعاطي في هذا الملف، لافتاً إلى أن كل هذا مرتبط بصندوق رد الودائع الذي هو أساس الحل .

وأشار جباعي إلى عدة قرارات اتخذها مصرف لبنان كالبيان الذي أصدره الخميس الماضي والذي يتعلق بمحاولة مكافحة تبييض الأموال وتفعيل القطاع المصرفي من جديد عبر البطاقات الألكترونية وغيرهاً معتبراً أن كل هذه الأمور تساهم في معالجة أزمة الودائع .

ومن الأمور الأساسية أيضاً التي تساهم في حل أزمة المودعين تحدث جباعي عن إعادة هيكلة الدولة وإعادة هيكلة القطاع العام، سيما أن لدينا ٧٠ ألف وظيفة في القطاع العام غير مجدية و ٣٢ ألف وظيفة غير قانونية و ٣٨ ألف وظيفة تقريباً لأشخاص لا يقومون بأي عمل (بطالة مقنعة) ولا يتقيدون بالدوام، مشدداً على ضرورة إعادة الهيكلة كي تتمكن الدولة من تخفيض نفقاتها.

ووفقاً لجباعي يجب أن يساهم القطاع العام بنسبة ١٥ % من الناتج المحلي بعد ان كان يساهم بحوالى ٣٣% من الناتج المحلي قبل الأزمة، مؤكداً على أن إعادة هيكلة القطاع العام هي لمصلحة الموظفين المنتجين كي تعود رواتبهم إلى وضعها الطبيعي، ومن جهة أخرى يخفض من حجم الإنفاق للدولة ويساعد أيضاً على تحصيلها إيرادات أعلى وأن يكون هناك فائض في الموازنة، و “هذه الأيرادات ممكن ان تستعملها الدولة لتطوير الاقتصاد وزيادة الخدمة والحماية الاجتماعية للمواطنين وكذلك تساهم في حل أزمة المودعين”.

وفي المحصلة يرى جباعي أن كل هذه الأمور والعوامل ممكن تطببقها شرط توافر النية السياسية التي إذا توافرت نستطيع ان نصل إلى بر الأمان، معتبراً أن كلام منصوري هو خارطة طريق حقيقية لمعالجة الأزمة ويجب التلاقي مع هذه الأفكار ووضعها على أرض الواقع لمعالجة الأزمة ككل.

 

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقة“ربيع صندوق النقد”: كثافة زوار ودور رئيسي للمركزي وفشل للحكومة!
المقالة القادمةمالية لبنان بين المركزي والموازنة