تفقد وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق مستشفى بعبدا الحكومي الجامعي وجال في أقسامه المختلفة، مطلعا على سير العمل فيه وما يحتويه من معدات حديثة وما يحتاج إليه من دعم وإجراءات لتطوير قدرته الاستيعابية، وخصوصا أن باستطاعة هذا المستشفى تقديم الخدمات لحوالى مليون ونصف مليون مواطن من الذين يعيشون في المنطقة ومحيطها.
كان في استقباله المدير العام لمستشفى بعبدا الحكومي الجامعي فريد الصباغ، في حضور إيمانويل داندراسي ممثلا السفير الإيطالي ماسيمو ماروتي، النواب حكمت ديب وآلان عون وفادي علامة، رئيس بلدية بعبدا أنطوان حلو، عميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية الدكتور بيار يارد، مدير دائرة العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف حلو، رئيس مصلحة الديوان فادي سنان وحشد من منسقي وممثلي الأحزاب والفاعليات في بعبدا والمنطقة ومعنيين، ورافقه مدير مكتبه الدكتور حسن عمار والمستشارون محمد عياد وحسين المحيدلي وعماد درويش.
استهلت الجولة باجتماع موسع اطلع خلاله جبق على المراحل التي مرت على المستشفى وحفلت بصعوبات أدت إلى تدهور حاله من مستشفى كان يوصف بأنه مستشفى محافظة جبل لبنان إلى مستشفى يحتوي في العام 2004 على 25 سريرا فقط. واستمر الوضع على حاله سنوات عدة، قبل انطلاق عملية الترميم وإعادة التأهيل بدعم من نواب المنطقة والشراكة الأساسية بين المستشفى وكلية الطب في الجامعة اللبنانية وتمويل الدولة الإيطالية والبنك الإسلامي.
ثم تفقد العقار الواقع إلى جانب مبنى المستشفى والبالغة مساحته 11 ألف متر مربع، وحوله مجلس الوزراء العام 2002 من ملكية المستشفى إلى وزارة أخرى لا تحتاجه بقدر حاجة المستشفى إليه لتوسعة قدرته على استيعاب مزيد من المرضى. وعاين من الجهة الثانية سجن النساء الواقع داخل حرم المستشفى، ما يجعله بمثابة عائق كبير لتطوير العمل في المستشفى.
بعد ذلك كانت جولة داخلية اطلع خلالها جبق على الأقسام المختلفة التي تم تأهيل الكثير منها ابتداء من العام 2008 وحتى اليوم، إذ تم تجهيز المستشفى بتقنيات طبية حديثة جدا موجودة حصرا في المستشفى. ويعود ذلك إلى جهود الجامعة اللبنانية إذ تم استحداث أقسام لتطوير الجودة ومواكبة التصنيف والتدريب المستمر للممرضين وكل العاملين. ومن المفترض أن تنتهي ورشة الترميم بالكامل بعد سنة ونصف السنة ليبلغ عدد الأسرة 120 سريرا مجهزا بالكامل”.
وفي ختام الجولة، عقد لقاء جامع قدم خلاله المدير العام لمستشفى بعبدا الحكومي الجامعي درعا تقديرية لجبق تعبيرا عن الامتنان لوقوفه بجانب مستشفى بعبدا وغيره من المستشفيات الحكومية.
جبق
وألقى وزير الصحة العامة كلمة نوه فيها بالجهود التي بذلت للمحافظة على هذا المستشفى، وخص بالشكر “إيطاليا للمساعدة التي قدمتها وكان لها الدور الأساسي في استمرارية مستشفى بعبدا”. وقال: “قد يقال إنني إبن بعبدا لكوني أعيش فيها أو إبن جبل لبنان أو بعلبك أو الجنوب أو أي منطقة أخرى. إنما أريد التأكيد أنني إبن لبنان كله، وهذا هو العهد الذي قطعته على نفسي أن أكون إبن هذا الوطن بغض النظر عن مناطقه. همنا الأساسي هو الشعب بكل طوائفه وأحزابه وأطيافه، وليس من فرق بين لبناني وآخر. ما يهمني في هذا الإطار أن أؤمن العلاج لكل من يحتاج إليه، وأريد أن أوقف الذل الذي يتعرض له المريض الذي لطالما عانى على أبواب المستشفيات”.
ولفت إلى أن الجولات التي يقوم بها على المستشفيات الحكومية وتم إنجاز الجزء الأكبر منها “تعكس الاهتمام الكبير بتطوير هذه المستشفيات ورفع مستواها لكونها المعنية بصحة المواطن، فيما مستشفياتنا الحكومية تعاني من مصاعب جمة، وجزء كبير منها تعرض للتهميش ولم تؤمن له المعدات والجسم الطبي والتمريضي، ما حال دون قيام هذا القطاع الحيوي بدوره”. ونوه ب”الجهد الذي يبذله القطاع الاستشفائي الخاص بالتعاون مع وزارة الصحة العامة لتأمين العلاج للبنانيين وذلك رغم تراكم مستحقاته المالية، وشكره على ما يقدمه من دعم للوزارة إذ لا تزال المستشفيات الخاصة تستقبل المرضى على نفقة وزارة الصحة، آملا ب”الإفراج عن مستحقات هذه المستشفيات فور إنجاز الموازنة العامة”.
وتوقف أمام وضع مستشفى بعبدا، وأشار إلى أنه عزيز عليه لكونه يعيش في منطقة بعبدا، منوها ب”الجهد الذي قام به المدير العام للمستشفى لتحويله من مستشفى متهالك إلى مستشفى نموذجي بمعداته وأقسامه”. وأكد أنه سيسعى لتقديم الدعم اللازم له “إذ إن تطويره قد يتيح تقديم الخدمات لمليون ونصف مليون مواطن”.
ووعد بالسعي لاسترداد قطعة الأرض التي عاينها والبالغة مساحتها 11 ألف متر مربع وتكاد تكون ملاصقة للمستشفى وحولت لوزارة المال، استردادها لمصلحة وزارة الصحة، ملاحظا أنه يحتاج للدعم في كل من مجلسي الوزراء والنواب لوضع القطار على السكة. ولفت إلى أن “استعادة العقار ستكون الخطوة الأولى ليتم بعد ذلك التفكير بالخطوات التالية. هذا المستشفى مهم أيضا نظرا لعقد الشراكة القائم مع كلية الطب في الجامعة اللبنانية. تلامذتنا يستحقون أكثر من مستشفى صغير ليعملوا فيه ويكون لديهم مستشفى جامعي”.
وتطرق إلى حاجة المستشفى لموظفين في وقت ممنوع التوظيف في المرافق العامة، وأكد أنه لا يمكن تسيير أي مستشفى من دون ممرضين، وقال: “لا نستطيع انتظار تقشف الدولة في المرافق العامة، وندعو إلى تحديد عدد الموظفين الذي يحتاج إليه المستشفى بحيث يتم السعي إلى إقرار استثناء مع مجلس الخدمة المدنية أو التوقيع على عقود استئجار سنوية لتشغيل المرفق. أما الكلفة التشغيلية فستكون من ضمن الموازنة المقبلة، علما بأن وزارة الصحة باشرت برفع السقف المالي لهذا المستشفى من ضمن الإمكانات الموجودة”.
وتوقف أمام مسألة وجود سجن النساء في حرم المستشفى، وقال إنه سيتقدم بطلب من مجلس الوزراء ووزارة الداخلية لنقل السجن إلى مكان آخر، “لأن فائدة المبنى الموجود على المستشفى كبير جدا وعلينا التخفيف من عدد السجون وبناء مزيد من المدارس والمستشفيات”.
الصباغ
وكان المدير العام عدد في كلمة ألقاها “التحديات التي تواجهها المستشفى من استعادة العقارات وأملاك المستشفى التي تم تحويلها من مجلس الوزراء العام 2002 إلى وزارات أخرى لطموحنا الكبير أن يكون مستشفى بعبدا أكبر مستشفى جامعي في لبنان يحتوي على 700 سرير كما كان مخططا له العام 1976 عندما بدأ إنشاء المباني الكبيرة على العقار 833”. وتناول “نقل سجن النساء إلى خارج حرم المستشفى لكونه يشكل عائقا كبيرا معنويا وجغرافيا منذ عشرات السنين من التواجد بصفة غير قانونية في أحد مباني المستشفى، وتم بذل محاولات متكررة لنقله بدون نتيجة. وهناك تأمين مساهمة تشغيلية لا تقل على ملياري ليرة لافتتاح الأقسام الجديدة الجاهزة من عناية فائقة للقلب إلى قسم طب وجراحة العيون، إلى قسم العلاج الكيميائي، وقسم الولادة القيصرية وأقسام أخرى أصبحت جاهزة للافتتاح برعاية معاليكم”.
وتحدث عن “حل مشكلة نقص الموظفين، بعد صدور قرار عدم التوظيف، وعدم السماح بأكثر من 35 ساعة إضافية شهريا، مما يحول دون استبدال من يترك العمل أو يتقاعد، ولا يسمح بإفتتاح أي أقسام جديدة من شأنها زيادة المدخول للوصول إلى الربح المطلوب لسياسة الإكتفاء الذاتي في مستشفياتنا الحكومية، مع العلم بأن القرارات المطبقة بموضوع التوظيف وساعات العمل لا يمكن أن تطبق على المستشفيات التي تعمل 24 ساعة ولها خصوصية معينة مرتبطة بصحة وحياة المرضى”.
وتطرق إلى “حل مشكلة عدم قدرة المستشفى على تطبيق سلسلة الرتب والرواتب التي كانت الموافقة عليها مشروطة بمساهمات من مجلس الوزراء لتغطيتها كما ينص القانون 46، مما جعل الإدارة عرضة لاحتجاج الموظفين. وتشريع أوضاع العاملين بصفة استئجار الخدمات منذ أكثر من 15 عاما، ليأخذوا حقوقهم أسوة بزملائهم العاملين ضمن ملاك المؤسسة. والطلب من مجلس الإنماء والإعمار الإسراع بتسليم المراحل النهائية، وإيجاد تمويل لاستحداث مواقف تحت الأرض لتنامي الحاجة القصوى إليها، وإضافة بناء جديد لتوسيع قدرة المستشفى. والموافقة على عقود تشغيلية لأقسام جديدة مثل غسيل الكلي، تمييل القلب، وتفجير الحصى وغيرها، لما تعود من منفعة على مستوى الخدمات الطبية المقدمة مع زيادة السقف المالي لتغطية خدماتها”.
عون
ولفت النائب آلان عون إلى أن “ما تم إنجازه لاستنهاض المستشفى من وضعه المزري يتطلب استكمالا وإزالة العوائق التي تعترض تطور عمل المستشفى”، آملا “النظر إلى هذا المستشفى نظرة استراتيجية نظرا لقدرته على استيعاب عدد كبير من الناس في دائرة يعيش فيها مليون ونصف مليون شخص”. ودعا إلى “الاهتمام بالطاقم الطبي والتمريضي واسترداد الثقة به”.
ديب
بدوره قال النائب حكمت ديب إن “هذا المستشفى جامعي وجامع لأنه يجمع أبناء المنطقة من كل الطوائف”، مشيرا إلى أن “أصداء المستشفى جيدة جدا من حيث الإهتمام الذي يلاقيه المرضى طبيا وإنسانيا”. وأكد أن “سعي الوزير جبق لاسترداد المبنى المجاور للمستشفى لمصلحة وزارة الصحة سيحصل على كل الدعم وخصوصا أن أهالي بعبدا هم الذين وهبوا كامل العقارات لتشييد مستشفى لمنطقتهم ومن غير الجائز قانونا مخالفة رغبة الواهب وقضم الأراضي والممتلكات لأهداف ثانية”.
علامة
وأشار النائب فادي علامة إلى أن “منطقة بعبدا منطقة جامعة لكل الناس”، آملا بأن “يعطي الوزير جبق اهتماما وأولوية لمستشفى بعبدا بحيث يتم تأهيل وتطوير المبنى والمباني المجاورة له ويصبح بمثابة إنجاز لجيل المستقبل ولتلامذة الطب في الجامعة اللبنانية”.
الموظفون
واستمع جبق إلى صرخة موظفي المستشفى الذين لم يحصلوا على أي من حقوقهم ومستحقاتهم التي أقرها القانون، وقال له موظف تحدث باسمهم إنهم يعولون عليه للحصول على سلسلة الرتب والرواتب.
ورد جبق أن “السلسلة أقرت وهذا حق، إنما من الواجب الاحتمال حتى إقرار الموازنة العامة. فهناك مبالغ متراكمة على المستشفى ولا يمكن حل المشكلة قبل قبضها”. ولفت إلى أن “سلسلة الرتب والرواتب ستدفع مع حصول المستشفى على أول دفعة من أمواله”.