خلّفت الحرب الكثير من الدمار في مختلف أنحاء الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وصولاً إلى بيروت، وانكشف مع انتهاء الأعمال الحربيّة حجم هذا الدمار، وارتسمت بالتالي علامات استفهام حول التخلص من هذا الكمّ الهائل من الأنقاض، فمن سيقوم برفعها وإلى أين ستذهب؟ ومن المُتوّقع أنْ يتمّ إجراء مناقصات للشركات لإزالتها ومن ثم تأمين مكان وضعها فيما يبقى البحر المَخرج الوحيد، تزامناً مع عملية إعمار ستستغرق أقلّه خمس سنوات.
نقيب المُقاولين مارون الحلو يؤكّد أن “ملف رفع الردم يستحوذ على أهميّة كبيرة لأنّ كميّات الردم هائلة في مختلف المناطق التي تعرضت للقصف”، لافتاً إلى أنّه “بعد ثلاث سنوات من العمل، توصلت النقابة بالشراكة مع الأمم المتحدة السنة الماضية إلى وضع البرنامج الأوروبي لتدوير الركام والردم وإنتاج مواد يُعاد استخدامها في البناء مثل البحص والبودرة ومشتقاتها. لكن، يُمكن أنْ يحتوي الركام على مواد كيميائية تجعله غير صالح لإعادة التدوير ويحتاج إلى إعادة تنظيف قبل التدوير. وبالتالي، يجب أخذ هذا الموضوع في الاعتبار قبل رمي الركام في المكبّات، إذ إن هناك جزءاً منها يُمكن إعادة استخدامه ومن الضروري الاستفادة منه”.
تحديد المكبّات
بالنسبة إلى تحديد المكبّات، يوضح الحلو لـ “نداء الوطن” أنّ هذا القرار هو “من مهام الدولة. وتنظيم هذا الملف كان يُشكّل أزمة لشركات المقاولات في الأيّام العاديّة. النقابة اقترحت عبر وسائل الإعلام تحديد مناطق تستفيد منها الدولة والشعب. ففي الماضي كان هناك مشروعان لردم البحر في بيروت، الأول ما بين الكرنتينا والدورة، يُمكن اليوم تحديد مناطق جديدة ملك الدولة تُستثمر في المستقبل كمساحات لتوسيع المدينة في ظلّ كثافة البناء السكني وقلّة الأراضي المُمكن الاعتماد عليها. والمشروع الثاني كان في منطقة الكوستا برافا، ويُمكن توسيع المكبّ الموجود فيها واستثماره في المستقبل. أمّا في الجنوب فمن المُمكن الاستفادة من صور أو مناطق تقع في أقصى الجنوب”.
عمليّة البدء
وبالنسبة إلى البدء في إزالة الركام، يكشف الحلو أنّه “في آخر لقاء لنا مع وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة علمنا أنه انتهى تقريباً من تحديد طريقة العمل لبدء إزالة الركام، لكن الخطّة ليست نهائيّة بعد لأنها قيد البحث ضمن اجتماع حكومي”، مُشدّداً على “ضرورة الانطلاق بهذه الخطة في أسرع وقت مُمكن، خصوصاً وأنّ هدم بعض المباني وإعادة الإعمار تستغرق وقتاً”.
وعن عدد المباني التي تحتاج إلى هدم، يشير إلى “عدم القدرة على تحديده بعد، لأن ذلك يتطلب مسحاً ميدانيّاً من قبل الأجهزة المختصة. وكان من المفترض الانطلاق بهذه المهمة، إلّا أنه يبدو أن الحكومة أعطت الأولويّة للقضايا الأمنية، ونتوقع البدء ببحث الموضوع أو تشكيل لجنة وزارية مصغرة لهذا الغرض بدءاً من هذا الأسبوع”.
تكلفة الرفع… وآليّة العمل
أما تكلفة رفع الردم فأيضاً “غير واضحة”، وفق الحلو الذي يلفت إلى أنه “حاليّاً لا إحصاءات دقيقة حولها، خصوصاً وأن المناطق المعنيّة تختلف وتبتعد بالمسافات، لذا علينا انتظار صدور التقارير من قبل الفرق الفنية الرسميّة التي تحدد كميات الركام لنتمكّن بعدها من تحديد التكلفة. كذلك، الوقت المُمكن أن يستغرقه رفع الردم مرتبط بالإمكانيّات الماديّة. وعادةً يحدّد سعر رسمي من قبل وزارة الأشغال أو مجلس الإنماء والإعمار أو يتم توكيل رفع الدعم لشركة وفق مناقصة. حتى الآن لم تحدّد بعد الجهة الرسمية المسؤولة عن هذه المهمات، آلية العمل. لكن، وزير الأشغال كان سبّاقاً في هذا الخصوص وبدأ بدراسة موضوع تحديد الأسعار وعلى الأرجح أنه لن تطلق مناقصات بل سيتم استدعاء من يرغب من المقاولين لرفع الركام وفق الأسعار المدروسة علمياً والمحدّدة من قبل الفرق الفنية في الوزارة. ويحدّد السعر استناداً إلى كلفة النقل، كلفة الرفع ومصاريف المكبّ”.
ماذا عن المحسوبيّات؟
وفي ما إذا كانت هناك مخاوف من المحسوبيات في تكليف شركات لرفع الردم، يعلّق الحلو قائلاً: “الآلية غير واضحة بعد، إلّا أننا نُعارض حتماً المحسوبيّات والزبائنيّة ونطالب دائماً بالاعتماد على الكفاءة والقدرة والخبرة والاستعداد على الالتزام بالآلية الرسمية. هذه المواصفات والشروط كلها تحدّدها الجهات الرسمية ونتمنى التركيز عليها لاعتماد الشركات المؤهلة لرفع الركام”.
تبقى الخشيَة من أن تأتي الحلول على حساب الكثير من المُتضرّرين بفعل السياسات اللبنانيّة السابقة لجهة السمسرات والمُحاصصة.