جذب الاستثمارات يبدأ من تأهيل الطرقات… هل من تمويل؟

فُتح النقاش حول أهمية وضرورة تأهيل البنى التحتية كأساس لجذب استثمارات، وذلك بعد إعلان وزير الأشغال فايز رسامني مؤخراً عن خطة وطنية لتأهيل وصيانة شبكة الطرقات والجسور في لبنان خصوصاً وأن هذا الطرح، لطالما واجه عراقيل عديدة، بسبب غياب الأموال، وقضايا الفساد، وغيرها من التحديات السياسية والاقتصادية. ومع سلوك الحكومة نهج الإصلاح وإحرازها تقدّماً مقبولاً على مستوى الملفات الاقتصادية بدأ النقاش يأخد طابعاً مختلفاً يتّسم بالجدّية. لكن يبقى السؤال الأبرز هل زالت عقبة التمويل التي كانت سابقاً العائق الأكبر أمام خطط البنى التحتية؟ وهل أن إعادة بناء الجسور والطرقات تضم قرى الجنوب والبقاع التي دمرت بسبب الحرب؟ وهل ستكون جزءاً من خطة إعادة الإعمار؟

خطة لكل لبنان

طرح وزير الأشغال، خطة تقوم على أساس تأهيل الطرقات المتضررة وتوسيع شبكات الجسور بين المدن والقرى وتحسين جودة الانتقال، على أن تمتد هذه الخطة لمدة 5 سنوات. وتأتي، بحسب الوزير، ضمن رؤية تنموية شاملة تعزز البنى التحتية وتحقق العدالة في الإنماء وتهيئ الظروف الملائمة للاستثمار المحلي والأجنبي.

الخطة ليست مشروعًا ظرفيًا أو ورشة تزفيت موسمية، بحسب الوزارة، بل خطة وطنية شاملة ومتكاملة، تشمل 25 قضاءً في 7 محافظات، وتشمل اكثر من 3000 كيلومتر من أعمال الصيانة الروتينية، 500 كيلومتراً من أعمال إعادة التأهيل والتعبيد، مع التركيز على الطرق الدولية والرئيسية والثانوية المصنّفة إلى جانب الطرق الحيوية قيد التصنيف.

وبحسب مصدر مطلع على الملف، فإن تمويل هذه الخطة يمتد الى 5 سنوات، وبالتالي فإن الأموال اللازمة لإعادة التأهيل، لن يتم تسديدها دفعة واحدة، وسيتم تقسيمها بحسب المراحل الزمنية، وتعتمد الوزارة على تمويل المراحل الأولى من الموازنة العامة، وجزء من قرض البنك الدولي، فيما المراحل الثانية، تعتمد على جذب أموال الاستثمارات الأجنبية، على اعتبار أن تأهيل البنى التحتية، سيفتح المجال أمام هكذا استثمارات، بمعنى أخر، فإن التمويل ليس حاضراً في المرحلة الراهنة، إلا بقدر المرحلة الأولى والتي قد تتضمن بعض الجسور التي تربط المدن الكبرى ببعضها.

تكاليف وأرقام؟

لم تتمكن من الحصول على التكلفة الكاملة لهذا المشروع ما يعني أن لا إعادة تأهيل للبنى التحتية ما لم يتوفر التمويل اللازم. وعليه فإنه في حال توفّر التمويل لإعادة تأهيل طريق أو جسر لم يمض على تشييده أكثر من عامين على سبيل المثال فإنه يتطلب بحسب مصدر معني بالملف، ما بين 1000 و1200 دولار للمتر الواحد، بمعنى أن طريق بطول 10 كيلومترات، يتطلب نحو 12 ألف دولار، فيما الطرق التي مضى على تشييدها أكثر من 5 إلى 7 أعوام، تتطلب مبالغ أكبر من ذلك. أما بالنسبة إلى بناء طريق أو جسر جديد، تتراوح التكلفة ما بين 7 إلى 10 ملايين دولار، كمتوسط عام، لبناء جسر بطول لا يتعدى 5 إلى 7 كيلومترات، كمتوسط عام، وتختلف الأسعار تبعاً لنوعية الجسور، والتصاميم، ونوعية الأراضي سواء أكانت في العاصمة أو في مناطق نائية أو قرى، وغيرها من العوامل الرئيسية.

ماذا عن البنى التحتية المدمرة؟

تشكل إعادة بناء البنى التحتية في المناطق التي تضررت بفعل الحرب الإسرائيلية أهمية بالغة بالنسبة إلى لبنان، ذلك أن العديد من الطرقات والجسور التي تربط بين المناطق المدمرة والعاصمة بيروت تعرضت إلى العديد من الضربات، وتحتاج إلى إعادة تأهيل. ومن المرجح أن تصل تكاليف الإعمار الخاصة بالبنى التحتية في هذه المناطق إلى ما يقارب من نصف مليار دولار، على اعتبار ان البنك الدولي، سبق وأصدر تقريراً في شهر آذار 2025، قدّر فيه احتياجات لبنان للتعافي وإعادة الإعمار بعد النزاع الذي أثّر عليه بنحو 11 مليار دولار، ومن أصل 11 مليار دولار من احتياجات الإعمار وإعادة الإعمار. يُقدّر التقرير أن 3 إلى 5 مليارات دولار ستحتاج إلى تمويل حكومي، بما في ذلك مليار دولار لقطاعات البنية التحتية للبنان والتي تشمل (الطاقة، والخدمات البلدية والعامة، والنقل، والمياه والصرف الصحي والري). بينما سيتطلب 6 إلى 8 مليارات دولار أمريكي تمويلًا خاصًا، معظمه في قطاعات الإسكان والتجارة والصناعة والسياحة.

ولا ينفي المصدر بأن إعادة تأهيل الطرقات وبناء الجسور في لبنان، ليس جزءاً من مشروع اقتصادي لإعمار لبنان وحسب بل أن الخطة وفي حال توفر الأموال اللازمة، ستكون بمثابة جزء من نهوض لبنان لجذب الاستثمارات والانتقال من مرحلة عاش خلالها في وضع اقتصادي ومعيشي صعب، إلى مرحلة قد تساعد في النهوض من الأزمات الاقتصادية السابقة.

مصدرالمدن - بلقيس عبد الرضا
المادة السابقةمؤتمر “نعم قادرون” ينطلق في طرابلس بمشاركة وزارية واغترابيه واسعة
المقالة القادمةلجنة الاقتصاد تبحث ملفّ الإهراءات: الانتقال للتخزين الأفقي