جردة حساب… كان عاماً مليئاً بالبؤس والحرمان

كان عاماً مليئاً بالأزمات، إتشحت الناس بسوادها الذي دمّر احلامها، لم يكن احد يتوقع ان تنحدر الاوضاع المعيشية نحو القعر بسرعة قياسية، وأن يحلّق الدولار من الـ7000 ليرة الى الـ28 الف ليرة، وتحلّق معه اسعار السلع والمواد الاساسية، وتطير اللحوم والدجاج، الخضار والفواكه وحتى حلمهم بالتيار الكهربائي وتصبح يومياتهم أشبه بكابوس لا يصدق. فالانحدار الاقتصادي الذي بدأ مع معركة المواد الغذائية المدعومة وتبخرت من دون ان تصل للناس، فتح الحرب على مصراعيها على مواطن خسر مدخراته في المصارف وبات يتسول لقمة عيشه، نتيجة تحلل الرواتب، وارتفاع الأسعار الذي قض مضاجع الجميع، وقضى على الطبقة المتوسطة، ووسع رقعة طبقة ما تحت خط الفقر.

لعل ابرز محطات العام كانت طوابير الذل الطويلة على محطات المحروقات والتي انجبت فدراليات محلية وقسمت القرى وخلقت هوة خطيرة اسهمت الخلافات والاشكالات المسلحة في تعميقها اكثر، وسحبت البساط من تحت الاحزاب التي عجزت عن ضبط الوضع والسيطرة عليه. على العكس، كانت مساهمة بشكل أو بآخر بتأجيج الخلافات، وإعطاء جواز عبور للشبيحة للسيطرة على المحطات ومن بعدها تهديد امن القرى نتيجة حالة الفلتان الامني وعدم ضبط هذه الجماعات التي باتت الاقوى على الارض. فتحلل اجهزة الدولة وفقدان الرواتب قيمتها وغياب الأمن الاجتماعي، وارتفاع حدة الفقر.

اكثر ما آلم اللبنانيين خسارتهم لقمتهم وتحسّرهم على زمن الـ1500، حيث كانوا يعيشون في مهد عيسى، قبل ان يكتووا بنار جهنم، كان واضحاً حجم المأساة التي حلت على الناس، ممن تركوا لمواجهة مصيرهم بمفردهم، خسروا حقهم في تناول اللحم وحرموا من الدجاج، وبات شراء الخضار التي تختتم العام بتحليق جنوني للأسعار، لمن استطاع اليها سبيلاً.

لم تتوقف الازمات عند حد، بل اقتحمت القطاع التجاري الذي شهد اقفالات بالجملة، وسط ارتفاع غير مسبوق في اسعار الالبسة والاحذية ما دفع الناس للعودة للكندرجي والخياط، ما اعاد العز لمهن قديمة كانت مهددة.

ادى تفاقم الازمات ايضاً الى كارثة في الاتصال والتواصل، وشهدت القرى انقطاعات تامة لشبكة الاتصالات، وبات الانترنت كالسلحفاة ان توفر، ورفع الدعم عنه ينذر بأزمة وبالتالي خسارة الشعب اكثر مفاتيح فشّات الخلق في بلد يعوم على بحر من المأساة الحقيقية التي من الصعب حلحلتها في ظل طبقة حاكمة فاسدة سرقت الى ان انهار الاقتصاد والامن وتهاوت العملة، واكملت مسلسل الذل عبر تعميم 161وقد جاء ليسرق ثلثي مدخرات المودع.

يُختتم العام الحالي بتكريس مبدأ الفوضى والذل والازمات ويتوقع ان تتولد من جديد في العام المقبل ولكن باساليب مختلفة عبر تأجيج ازمة الانترنت، الخبز، المحروقات، الاشتراك، الدولار الجمركي، ارتفاعات جنونية في السلع قد تصل الى 600 بالمئة ومعها تختفي طبقات الفقر لتصبح فئات الشعب كلها معدومة، ولعل فرصة الانتخابات هي الباب الوحيد لمحاسبة المسؤولين على تدميرهم اقتصاد لبنان.

مصدرنداء الوطن - رمال جوني
المادة السابقةحمود: إستمرار الأزمة وتغييب الحلول يدفع ثمنهما المودع وحده!
المقالة القادمة2021 من أسوأ أعوام لبنان: أوّله “كورونا” وفقر وآخره جنون الدولار