قرّر المجلس المركزي لمصرف لبنان، أمس، إجراء تعديل على التعميم 151، وآخر على التعميم 158. بموجب هذه التعديلات، مُدّدت مهلة التعميمَين، وفُتحت نافذة بينهما تسمح للمودعين بالاستفادة في وقت واحد من سعرَين للدولار المحجوز في المصارف، وجرى توسيع قاعدة المستفيدين من التعميم 158 لتحفيز أولئك الذين يرفضون الاستفادة منه، رغم أنهم مؤهّلون لذلك. في ظاهرها، تشي هذه التعديلات بأن التعميم 158 فشل حتى الآن في إقناع المودعين بأن الحصول على جزء قليل من أموالهم هو الحل الوحيد المتاح. إنما في المضمون والسياق، فإن التعديلات تأتي بعد إشاعة لجنة المال والموازنة رفع سعر الدولار المحجوز في المصارف إلى 8000 ليرة أو 6200 ليرة، على عكس رغبة مصرف لبنان بالحفاظ حالياً على هوامش نسبية ثابتة في أسعار الصرف المتعدّدة.
التعديلات التي طاولت التعميمين 158 و151 هي على النحو الآتي:
ــــ يمكن الاستفادة من التعميم 158 على قاعدة «استمرارية الحسابات»، فإذا حوّلت هذه الأموال إلى حسابات في مصارف أخرى، يمكن الاستفادة منها وفق نص التعميم بعد تتبّعها لجهة حركة الحساب والحسومات وأنواع الحسابات، سواء كانت حساباً مشتركاً أصبح فردياً، أو كانت حساباً فردياً أصبح مشتركاً، أو حساباً محوّلاً إلى الورثة، أو حساباً مجمّداً أصبح جارياً…
ــــ إذا كان الزبون يملك حساباً مصرفياً يستفيد منه وفق التعميم 158، بات بإمكانه الاستفادة من السحب وفق التعميم 151 من أي حساب يملكه في مصرف ثانٍ. يمكنه الاستفادة من أحد الحسابات على أساس الـ 158، ومن الحساب المفتوح في مصرف آخر على أساس التعميم 151، وهذا الأمر ينطبق على الشركاء في الحساب نفسه، إذ يمكنهم الاستفادة من حسابات لديهم في مصارف ثانية.
ــــ تمديد مهلة الاستفادة من التعميم 158 لغاية 31/10/2021.
ــــ منح صاحب الحساب أو من يوكّله الاستفادة من التعميم 158 بعد تمديد مهلته الزمنية، مع مفعول رجعي عن الفترة الممتدة من 1/7/2021 لغاية تاريخ فتح «الحساب الخاص»، لكن يسقط من المفعول الرجعي الأشهر التي يكون قد استفاد خلالها من التعميم 151.
ــــ تمديد العمل بالتعميم 151 لغاية 31/1/2022.
الآن يأتي سلامة ليقول لنا إن سعر الصرف الحقيقي لا يقع في السوق الموازية. للمفارقة، في هذه السوق سجّل أمس سعر الدولار 17000 ليرة بعد بلوغه 13000 ليرة عند تشكيل الحكومة. وبعد رفع أسعار المشتقات النفطية، وتسعير المازوت وبيعه بالدولار النقدي، عاد السعر إلى الارتفاع بمعدل ألفَي ليرة أسبوعياً. هذا يعني أن العامل السياسي لا يتعلق بتشكيل الحكومة، إنما بمشروعها وصدقيتها. هناك الكثير من الشكوك والريبة بأن لهذه الحكومة مشروعاً واضحاً، وبأنها قادرة على تنفيذ مشروعها أياً يكن. فمن الواضح أن مشروعها القاضي برفع الدعم وتسعير المازوت بالدولار النقدي (يباع الطن الواحد بين 625 دولاراً و650 دولاراً نقداً عند التسليم) ورفع أسعار المشتقات النفطية (سعر صفيحة البنزين تضاعف 8 مرات ليبلغ أمس 213800 ليرة مقارنة مع 26400 ليرة في مطلع 2021، وصفيحة المازوت تضاعفت 9.8 مرات لتبلغ أمس 183600 ليرة مقارنة مع 18700 ليرة في مطلع 2021)، هو ما انعكس مباشرة على سعر الصرف.
ويبرّر سلامة ومجلسه المركزي، قيامهم بتمديد التعميم 151، بأنهم يتداركون أي «نتيجة سلبية» لزيادة الكتلة النقدية في السوق. انتهى الأمر إلى تعديلات تاريخية تعترف في تعميم واحد بوجود سعرين للدولار المصرفي. وانتهى الأمر بمحاولة تبرير الامتناع عن زيادة سعر الدولار المصرفي بأن الأمر يتعلق بتقديم جرعة دعم للاستقرار السياسي. خيارات المودعين باتت محصورة بالاستقرار السياسي الذي يولّد الاستقرار النقدي، أو الانهيار النقدي الذي يزيدهم فقراً.