من اغتيال القيادي البارز في “حزب الله” فؤاد شكر في آخر تموز الفائت، إلى تفجير أجهزة الـPagers في الأمس… تطوّران خطيران على ساحة الحزب الداخلية والسورية التي طالتها أيضاً هذه التفجيرات، يدفعان إلى تصويب النظر في اتجاه الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل بما فيه مصير ملف التنقيب عن النفط والذي يفتح باب التساؤل على احتمال الاستهداف المتبادَل لحقول النفط… هذه الاحتمالات يتقدّمها لجوء “حزب الله” إلى خَيار ضرب حقل “كاريش” كردّ موجِع لإسرائيل على جريمة الـPagers أمس… هل يفعلها؟
خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان تُبدي في حديث لـ”المركزية”، اعتقادها أن “العملية الاستخباراتية التقنية التي وقعت أمس، إما أن تُنهي الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل، أو من شأنها أن تُسعر الحرب بين الجانبين لتصبح أكثر توسّعاً وخطورة وبالتالي الوصول إلى التصعيد الكبير الذي يتم التهديد به منذ نحو الأشهر الـ11 الأخيرة، لتطال تداعياته لبنان بأسره…”.
عن الاحتمال الأول، تقول: في اليوم التالي من انتهاء الحرب بين طرفَي النزاع سيكون هناك اتفاق مشترك متعدّد البنود التي ستتضمّن بالتأكيد من جهة لبنان: تحديد الحدود البريّة والبحرية بين لبنان وإسرائيل، مروراً باستحقاق رئاسة الجمهورية، وصولاً إلى الاقتصاد الوطني.
أما في الاحتمال الثاني، فتقول: يُشير تصعيد العدوان الإسرائيلي ليشمل كامل الأراضي اللبنانية، إلى أن الحلول مؤجَّلة… إنما عند انتهاء هذا العدوان فلا بدّ هنا أيضاً، من الجلوس إلى طاولة المفاوضات لرسم الترتيبات الأمنية على الحدود بين لبنان وإسرائيل، معطوفة على تحديد مصير ملف رئاسة الجمهورية، كذلك بالنسبة إلى الحيثيات الاقتصادية…
وتُضيف: الحلول في كلتا الحالتين ستكون حتماً على الصعد الآتية: ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، رئاسة الجمهورية، والوضع الاقتصادي.
لقطاع الطاقة الأولوية!
في المقلب الاقتصادي، تعتبر هايتايان أن “قطاع الطاقة سيكون في سُلَّم هذه الحلول، والذي يتفرَّع منه النفط والغاز، والطاقة المتجدّدة، وبالتالي الدخول في الاستثمار الطاقوي عبر الولوج في مشاريع الطاقة المتجددة، وإمكانية إعادة الأنشطة البترولية وتحديداً قطاع الغاز… الأمر الذي يتطلب من الناحية التقنية، التركيز على جولة التراخيص المفتوحة حتى آذار 2025، وترقب استقطاب الشركات التي ستشارك فيها والبلوكات التي سيتم تلزيمها لها، واستطلاع فرص وجود نفط وغاز…إلخ”.
في ضوء ذلك، “يمكن التوقّع أن العملية لن تكون سريعة، بل الأسرع زمنياً هو مشاريع الطاقات المتجددة التي تتطلب إعادة دعم مؤسسة كهرباء لبنان، والقيام بالإصلاحات المطلوبة… من هنا، إنه مسار طويل لن يكون سهلاً” بحسب هايتايان.
ضرب حقول النفط؟
وتعليقاً على الشكوك المُثارة حول إمكانية ضرب حقول النفط الإسرائيلية ولا سيما حقل “كاريش” كردّ مباشَر على مجزرة الأمس في صفوف مناصري “حزب الله” لضرب اقتصادها في عمقه، تُشير هايتايان إلى أن “اتفاق الترسيم البحري الموقَّع بين لبنان وإسرائيل لا يضمن أمن حقل “كاريش”، إلا في حال كان هناك اتفاق ضمني في هذا الشأن. لذلك قد يلجأ الحزب إلى اعتبار ضرب حقل “كاريش” جزءاً من الرّد على مجزرة الـPagers وبالتالي سيكون الباب الرّحِب لتوسيع ساحة الحرب، خصوصاً أنه سبق وأعلن الأمين العام للحزب حسن نصرالله أن لديه أهدافاً صناعية واقتصادية لضربها في منطقة حيفا وغيرها، من دون أن يذكر مرةً “حقل كاريش” من ضمن هذه الأهداف أو حقل الغاز العملاق “ليفيتان” الأكبر في إسرائيل حيث منصّاته قريبة من الحدود مع لبنان، خصوصاً أن شريكاً أميركياً يستثمر في “ليفيتان” ما يدفع ربما إلى تردّد الحزب في ضرب هذا الحقل كي لا يُشعل حرباً شاملة.
قد يكون نصرالله ترك ربما قرار استهداف منصّات هذين الحقلَين الإسرائيليَين كـ”آخر خرطوشة” للرّد على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة بالغة الخطورة… فهل حانت الساعة؟!